وإنه عليه السلام آثرنا بالدنيا على نفسه الشريفة وعياله، وأحسن إلينا إحسانا يعجز اللسان والبيان حصر أوصاف كماله وإنه كان من شفقته علينا وإحسانه إلينا إذا أراد سفرا أو بعث عسكرا عين لنا وأوصى بنا إلى من يخلفه في سفره ومن ينوبه في عسكره، وإنه ما زال مدة حياته يوصي في كثير من أوقاته بعترته وذريته، ويدلنا على أنهم خلفاؤه في أمته، ووجدنا أسلافنا قد نقلوا إلينا ذلك خلفا عن سلف نقلا متواترا موجبا للعلم اليقين.
وإن نبينا محمدا صلى الله عليه وآله لم يهمل أمور المسلمين كما يقول عنه بعض الجهال، بل دل على من يقوم مقامه في الأنام كما يجب في العقول السليمة والعوائد المستقيمة. فإن شئت أن نورد لك شيئا من أخبارنا في ذلك أوردنا منها طرفا، فإنها أكثر من أن تحصى أو تستقصى لأمثالنا. وإن شئت أن نورد لك بعض ما أورده ورواه مخالفونا من الأربعة المذاهب في كتبهم التي سموها صحاحا واعتمدوا عليها.
(قال عبد المحمود بن داود) مؤلف هذا الكتاب: فقلت للشيعة: ما أريد الأخبار التي أوردتموها من طريقكم، لأني لا أقتنع أن تزكوا أنفسكم بأخباركم ولا أن يكون شاهدكم منكم، بل أريد أن أسمع شيئا من الأخبار التي رواها لكم مخالفوكم من الأربعة المذاهب، فإن شهادتهم لكم وروايتهم لتزكيتكم أبلغ في الحجة عليهم وأوضح في الحجة لكم.
فذكروا القائل لذلك أن بعض شيعة أهل بيت نبيهم قد نقل في كتاب سماه (العمدة) (1) تسع مائة وثمانية حديث ما وصل إليه تصفحه من كتب
صفحہ 11