تقويم الأدلة في أصول الفقه
تقويم الأدلة في أصول الفقه
تحقیق کنندہ
خليل محيي الدين الميس، مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
اصناف
لنفي الصفة به وقد ذكرنا أن الاستثناء بمعنى الغاية فإنا متى لم نجعل هكذا لم يكن بيانًا لتقدير النفي بما قدر وقد قدره لما استخرج بعض ما نفي نصًا، ولما صار توقيتًا دل ضرورة على سقوطه بوقته وإنما يسقط نفي العلم بالعلم ضرورة كالحركة لا تزول إلا بالسكون فيما يقبل الحركة والسكون، والليل لا يزول إلا بالنهار، وكذلك كل ما يوقت ولا انعدام له إلا بضده دل ضرورة أن وقته ضده، وعلى هذا كلمة التوحيد.
ولأن الآدمي لا يخلو إما أن يكون عالمًا أو غير عالم ما بينهما ثالث.
فإذا استثنى زيدًا عمن ليس بعالم تعين عالمًا ضرورة لا بالنص.
وكذلك الموجود اسم لما هو مخلوق أو إله ما هناك ثالث فإذا استثنى الله عما ليس بآله تعين إلهًا بالضرورة، فإذا عرفنا ما هذه الجملة لم يلزم آية القذف لأنا ذكرنا أن حقيقة الاستثناء لبيان أن المستثنى لم يدخل تحت خطاب المستثنى منه إلا أن لا يمكن فيجعل استثناء مقطوعًا.
ولا يمكن حمل الاستثناء على الحقيقة في آية القذف لأن التائبين هم القاذفون فهم الذين كانوا فسقة فجعل استثناء مقطوعًا وصار بمعنى "ولكن إن تابوا فالله يغفر لهم" فلا يتغير من ثبوت حكم الصدر شيء، وإنما يتغير بقاء ما تنفيه التوبة، وهو الفسق لا على سبيل بيان أنه لم يدخل تحت الصدر، وليس تحت التوبة قبول الشهادة لا محالة فالعبد العدل التائب لا شهادة له.
وكذلك آية العفو ﴿إلا أن يعفون﴾ استثناء مقطوع لا يبين أن التصنيف لم يكن إذا جاء العفو فكان مقطوعًا بمعنى ولكن إذا جاء العفو سقط الباقي بتصرف طارئ، والاستثناء المقطوع بمنزلة نص آخر يعمل به بنفسه والأول بنفسه كما قاله الشافعي ﵀، وإنما خالفناه في الاستثناء حقيقة كقول النبي ﷺ: "لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء" فنقول: إن حكم هذا النص واحد لأن الاستثناء استثناء على الحقيقة حتى يقوم الدليل على مجازه، فيكون بيانًا أن بيع الحنطة بالحنطة متساويين لم يدخل تحت النهي لأن النهي لما تناهى إلى الاستثناء ولتناهيه سقط حكمه لا بمعارض مع حال قيامه عامًا فكذا حكمه يثبت متناهيًا إلى حين التساوي، لأن الحكم يثبت بقدر سببها، فيثبت به حرمة مؤقتة إلى حين التساوي كيلًا والحكم بهذا الوصف لا يثبت إلا في محل قابل لصفة التساوي وعدمه.
فأما محل لا يقبل صفة التساوي الذي بها وقتت الحرمة فلا يكون محلًا لحرمة مؤقتة بالتساوي كالحبة من الحنطة بالحنطة فإنهما بنفسهما لا يقبلان صفة التساوي التي بها تزول الحرمة، وإنما يقبلان بحبات أخر تنضم إليهما.
1 / 153