115

تقويم الأدلة في أصول الفقه

تقويم الأدلة في أصول الفقه

تحقیق کنندہ

خليل محيي الدين الميس، مفتي زحلة والبقاع ومدير أزهر لبنان

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

ومن معنى الكناية أخذت الكنى فإن الرجل معروف باسم العلم والتصريح عنه يكون بذلك الاسم ثم يكنى عنه بالنسبة إلى ولده، وهي لا تعرفه إلا بدلالة زائدة، وهي معرفة الولد به وتلك الكنية حقيقة وليست بمجاز عن الاسم العلم لأنه لا اتصال بينهما فعلمت أن الكناية قد تكون بالحقيقة وتكون بالمجاز والصريح قد يكون بالمجاز ويكون بالحقيقة. والفقهاء– ﵏– يقولون: لفظ التحريم من كنايات الطلاق، والتحريم في باب الفرقة عامل بحقيقته حتى كانت موجبة للحرمة بخلاف لفظ الطلاق، ولو كان مجازًا عن الطلاق يعمل عمله، ومع هذا سمي كناية في باب الطلاق لأنه احتمل وجود حرمة سوى حرمة الطلاق فلم يكن صريحًا لما لم يكن مراده بينًا، فلعدم ظهور المراد منه بسبب الاحتمال والاشتراك سمي كناية. وكذلك الاستعارة الغربية تسمى كناية، وضروب التعريضات تسمى كناية لأنه يراد بها خلاف ظاهرها. فالعرب تكني عن الحبشي بأبي البيضاء، وعن الضرير بأبي العيناء ولا اتصال بين الاسمين بوجه، بل بينهما تضاد. فثبت أن الكنايات حدها غير حد المجاز، وأنها من ضروب التعريضات فعرضت العرب لما يذم بما يحمل تفاؤلًا. وقد يقال ذلك على جهة السخرية، وكما أرادوا من الأمر الزجر بضرب دلالة ويقولون: تربت يداك، على سبيل التعطف فهذه كلها وما أشبهها من ضروب الكنايات دون المجاز الذي حددناه فإن هذه الألفاظ التي ذكرناها ما فيها معاني حقائقها ولا اتصال بينهما ليستحضر معاني الحقائق بها وأنها تجري مجرى أسماء الأعلام لسقوط الاعتبار بالمعنى. وسميت كناية حيث أراد به القائل الاسم المعنوي وضعًا تفاؤلًا به فكان كناية عنه بخلاف المجاز فإنه اسم أستعير لغيره لاتصال بينهما لا جواز له بدون الاتصال، والاتصال بين اللفظين مقصور على تشاكل المعنى فيكون للاتصال بينهما معنى أو السببية فيكون الاتصال بينهما ذاتًا، وطريق المجاز مقصور عليهما لأن الشيء يكون شيئًا بذاته ومعناه فلا يتصور الاتصال لغيره بدونهما. قال علماؤنا– فيمن قال لعبده وله نسب معروف: هذا ولدي-: عتق عليه ولا يثبت النسب، كأنه أخبر عن حريته فقال أنه عتق على من حين ملكته لأن ما صرح به على حقيقته لو ثبت كان سببًا للعتق عليه من حين ملكه فإن من اشترى ولده عتق عليه فلما تعذر إثبات حقيقته صار مجازًا عن كلمة لأن المجاز أحد نوعي الكلام استعمالًا على ما مر إلا أن الحقيقة أسبقهما ثبوتًا، فإذا تعذر بدلالة وضرب المجاز متعين غير مجهول ثبت

1 / 123