تقریب لحد منطق
التقريب لحد المنطق
تحقیق کنندہ
إحسان عباس
ناشر
دار مكتبة الحياة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٩٠٠
پبلشر کا مقام
بيروت
الحقيقة على هذا الوجه ولا منافي لها أيضًا ولا للحياة. والجسد المركب من الطبائع الاربع مواتي ابدا لا حياة له بوجه من الوجوه أصلًا [٣٢ و] وإنما الحياة للنفس المتخللة له، ولكنا اضطررنا إلى التعبير بالحياة والموت عن اجتماعهما مع الجسد المذكور ومفارقتهما إياه لعادة الناس لهذين العبارتين عن هذين المعنيين فاردنا التقريب والافهام كما ترى. فمتى رأيت في كتابنا هذا أن الموت ضد الحياة فهذا الذي أردنا فلا تظن بنا خطأ في هذا المعنى، وقد قال بعض أهل الشريعة: إن العلم مضاد الموت، وهذا كلام فاسد، لان النفس بعد مفارقتها الجسد هي أثبت ما كانت قط علما، والجسد المركب لا يعلم شيئا.
والفرق بين المنافي والمضاد أن الضدين بينهما وسائط ليست من احد الضدين كالحمرة والصفرة والخضرة التي بين السواد والبياض وكحال الاعتدال الذي بين الجود والشح على ما نبين في كتابنا في أخلاق النفس (١) ان شاء الله ﷿،
والمنافيان هما اللذان ليس بينهما وسائط فان الحياة والموت فيما يكونان فيه ليس بينهما وسيط لا يكون حياة ولا موة؛ كذلك صحة العضو ومرضه لا يجوز ان يكون العضو صحيحا مريضا، ولا لا صحيحا ولا مريضا. والصحة هـ تصرف العضو في فعله الطبيعي، والمرض هو ضعفه عن ذلك. وكذلك الجور في العدل والحكم: لا يجوز أن يكون حكم لا عدلا ولا جورا ولا عدلا جورا. ولما كان هذان الأمران؟ أعني التضاد والنافاة - معنيين مختلفين احتجنا في العبارة عنهما إلى اسمين متغايرين لئلا يقع الاشكال؛ وقد حد قوم الضد بأنه الذي إذا وقع ارتفع الآخر، وهذا خطأ، لان هذا قول يوجب ان يكون الاتكاء ضد القعود والخضرة ضد الحمرة وهذا خطأ، وإنما هذا من الخلاف والتغاير لا من التضاد، وحد الضد على الحقيقة هو ما عبرنا به آنفا. وأما حال الجسم التي تنفي الضدين معا من بعض الاضداد وبعض المتنافيين فلا يعرف [لها] اسم في الاكثر من مواضعها، كحال نفس الطفل فانه لا يسمى برا ولا فاجرا ولا عالما ولا جاهلا بل كل من هذه الأحوال منفية عنه بلفظة " لا " فنقول: الطفل لا يعلم شيئا ولا يطلق عليه اسم الجهل الا مع امكان العلم، ويقال الطفل ليس برا ولا فاجرا فإذا قوي واحتمل الامرين وقع عليه احدهما على حسب ما يبدو منه، وكالحجر لا يقال عنه حي ولا ميت لكن ننفي عنه كلا الامرين
_________
(١) أخلاق النفس: انظره في مجموع رسائل ابن حزم.
1 / 72