تقریب لحد منطق
التقريب لحد المنطق
تحقیق کنندہ
إحسان عباس
ناشر
دار مكتبة الحياة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٩٠٠
پبلشر کا مقام
بيروت
والزمان ينقسم ثلاثة اقسام: احدها مقيم وهو الذي يسميه النحويون فعل الحال ثم ماض ثم آت وهو الذي يسميه النحويون الفعل المستقبل. وقد اكثروا في الخوض في ايها قبل وإنما ذلك للجهل بطبائع الاشياء وحقائقها. وهذا امر بين وهو ان الحال وهو الزمان المقيم اولها كلها لان الفعل حركة أو سكون يقعان في مدة فإذا كان زمان الفعل اولا لغيره من الازمان، فالفعل الذي فيه اول لغيره من الافعال ضرورة، والزمان المقيم اول الازمنة كلها لأنه قبل ان يوجد مقيما لم يكن موجودا البتة ولا كان شيئا أصلًا، وما كان بشيء فإنما هو عدم فلا وجه للكلام فيه باكثر من انه عدم ولا شيء. ثم لما وجد كان ذلك اول مراتبه في الحقيقة، ثم انقضى وصار ماضيا وصح الكلام فيه لأنه قد كان حقا [٢٧] موجودا. وإنما غلط من غلط في هذا لباب لوجهين: احدهما انه رأى حال نفسه فلما وجد نفسه مستقبلة للامور قبل كونها وللزمان قبل حلوله وقبل مضي كل ذلك، قدر ان الزمان المستقبل قبل المقيم وقبل الماضي وهذا غلط فاحش وجهل شديد، لأنه موافق لنا من حيث لا يفهم. ألا ترى انه إنما جعل الأول في الرتبة كونه مستقبلا لما لم يأت وهذا هو الزمان المقيم على الحقيقة، وفعله ذلك هو فعل الحال لأنه غيره، وهو الذي قلنا فيه قبل اول الازمنة والمقدم من الافعال، ثم جاء ذلك الزمان المستقل والفعل المنتظر معه بعد ذلك. والماضي اشد تحققا من المستقبل لان الماضي قد كان موجدودا ومعنى صحيحا لحسن الاخبار عنه وتقع الكمية عليه والكيفية، والمستقبل بخلاف ذلك كله.
واعلم ان الموجود من هذه الازمنة هو المقيم وحده، والموجود من الافعال هو المسمى حالا الذي هو في الزمان المقيم، لأن الماضي إنما موجود وثابتا وصحيحا وحقيقة وشيئا إذ كان مقيما، ثم لما انتقل عن رتبة كونه مقيما عدم وبطل وتلاشى. والمستقبل إنما يوجد ويصح ويثبت ويصير حقيقة وشيئا إذا كان مقيما واما قبل ذلك فليس شيئا وإنما هو عدم وباطل. فتدبر هذا بعقلك تجده ضروريا يقينا لا محيد عنه ولا سبيل إلى غيره الا لمن كابر حسه وناكر عقله، نعوذ بالله من ذلك. والوجه الثاني ان الذي لم يحقق النظر لما لم يقدر على امساك الزمان
1 / 62