قبول الجواهر للأضداد، لأن الكلام والتوهم اما ان يكون صدقا واما ان يكون كذبا، بصحة معنى الشيء المتوهم، أو الكلام، أو ببطلانه، وليس الصدق والكذب متعاقبين على كلام واحد، بل هما كلامان: أحدهما صدق، والآخر كذب، وكذلك التوهم أيضًا.
٢ - الكلام على الكمية؟ وهي العدد -
ذكر الأوائل أن الكمية تقع على سبعة أنواع: أولها العدد ثم الجرم ثم السطح ثم الخط ثم المكان ثم الزمان ثم القول؛ ثم تنقسم هذه السبعة على قسمين: أحدهما منفصل والآخر متصل؛ ما كان له فصل مشترك وهو خمسة من هذه السبعة وهي: الجرم والسطح والخط والمكان والزمان، فالفصل المشترك للجرم هو: السطح، والفصل المشترك للسطح هو الخط، والفصل المشترك للخط هو النقطة، والفصل المشترك للزمان هو الآن، وللمكان أيضًا فصل مشترك. والمنفصل هو الذي له ترتيب وليس له فصل مشترك وهو: العدد والقول.
قال أبو محمد علي بن احمد؟ رضوان الله عليه - ونحن ان شاء الله، ﷿ مفسرون ما ذكرنا في هذا، على ما شرطنا في أول الكتاب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فنقول:
ان القسم الذي هو العدد من هذه السبعة هو الكمية على الحقيقة الذي لا كمية غيره، لكنه يقع على سائر الأنواع التي ذكرنا، فوقوعه على الجرم إنما هو بمساحته: فان كل جرم في العالم، فله مساحة، ودق أم عظم، والمساحة عدد يوجد بمقدار متفق عليه: أما شبر واما ذراع واما ميل [٢٠ ظ] واما فرسخ واما غلط ظفر أو شعرة، أو اقل أو اكثر، فلهذا ادخلوا الجرم في باب الكمية.
والعدد أيضًا واقع على الاجرام بوجه آخر، وهو عدد أجزائه بعد انقسامها، أو عدد الأشخاص ان أردت إحصاء جملة منها، والاجرام هي الاجسام، فتعد ما أردت عدده بواحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، حتى تبلغ إلى ما تريد إحصاءه منها.
وقد رأيت بعض من يدعي هذا العلم يتعقب على الأوائل إدخالهم الجرم تحت الكمية، وهذا يدل على مغيب هذا المعترض عن هذا العلم، وعن الحقيقة
1 / 46