لفظة من اللغة تسمى لغة وعلما، وكل حديث من الخبر يسمى خبرا وعلما، وهكذا في كل علم. وهذه المسائل تسميها (١) الأوائل " علما جزئيا " وعلم كل واحد من الناس أيضًا يسمى علما جزئيا، وجميع علوم الناس تسمى: " علما كليا ".
واما المحمولة المنعوتة فهي علم كل امرئ على حياله [١٩و] وهي أيضًا مسائل كل علم، فان محمول في نفس العالم به، وهي منعوتة باسم العلم الجامع لها، أي أنها كلها تسمى علما؟ كما قلنا -.
واعلم ان الناعت قد يكون منعوتا، الا انه لا بد في اول طرفيه من ناعت لا ينعته شيء، وهو جنس الأجناس الذي قدمنا أولا، ولا بد في آخر طرفيه من منعوت لا ينعت شيئا، وهو الأشخاص من الجواهر؟ على قدمنا -
واعلم أن الحامل لا يكون محمولا أصلا، والمحمول لا يكون حاملا أصلا؟ لنا قد بينا من أن الحامل هو القائم بنفسه، والمحمول هو الذي لا يقوم بنفسه، فمحال لا يتشكل في العقل أن يكون شيء قائم بنفسه لا قائم بنفسه.
وقد أضجرني بعض أصدقائنا ببلية أدخلها عليه حسن ظنه بكلام قرأه لكثير الهذر المكني بأبي العباس المعروف بالناشيء، فكان ابدا يسومني الفرق بين المحمول والمتمكن، ولم يعنه الخالق تعالى إلى وقتنا الذي كتبنا فيه كتابنا هذا، على فهم الفرق بينهما، وهو ان المحمول إنما تقوله في الصفات التي تبطل ببطلان ما هي فيه، كبياض زيد وحياته، فان زيدا إن بطل، بطلت حياته وبياضه، بلا شك، وقد يبطل أيضا بياضه ولا يبطل زيد بل يكون صحيحا سويا إما لشحوب واما لبعض الحوادث. والمتمكن إنما نقوله في الجواهر التي لا تبطل ببطلان ما هي فيه ككون زيد في البيت ثم ينهدم البيت ويصير رابية أو هوة (٢)، وزيد قائم صحيح ينظر في أسبابه، ويزايل زيد البيت ولا يبطل واحد منهما وهكذا أجزاء الجسم في الجسم إنما هي متمكنة لا محمولة، وهذا فرق لا يختل على ذي حس سليم أو إنصاف. وبالجملة، فكون الجسم في الجسم
_________
(١) تسميها: تسميه.
(٢) رابية أو هوة: رامة أو هدة
1 / 43