١٠ - باب العرض
هذا وإن كان كيفية كالفعل والخاصة فبينه وبينها فرق كثير، وهو ان الفصل لا يوجد في غير ما فصل به أصلا، والخاصة أيضا كذلك، لا توجد في غير مخصوصها أصلًا. وأما العرض العام الذي قصدنا بالكلام فيه في هذا المكان فانه يعم أنواعا كثيرة جدا، وهو ينقسم أقساما: فمنه ما يعرض في بعض الانواع دون بعض ثم في بعض احواله دون بعض، وذلك كحمرة الخجل، وصفرة الجزع، وكبدة الهم، وهذه سريعة الزوال جدا؛ وكالعقود والقيام والنوم وما اشبه ذلك، وهذه كلها تستحيل بها احوال من هي فيه استحالة الاسباب المولدة لها، وتنفصل بها احواله بعضها من بعض؛ ومنها ما هو ابطأ زوالا كصبا الصبى وكهولة الكهل وما أشبه ذلك؛ ومنها مالا يزول أصلًا، الا انها لو امكن ان تزول لم يبطل شيء من معاني ما هي فيه، كزرقة الازرق وقنا الاقنى وفسطة الافطس وسواد الغراب وحلاوة العسل وما اشبه ذلك فانه ان توهم الزنجي ابيض والغراب اعصم لم يخرجا بذلك عن الغرابية ولا عن الإنسانية، وكذلك العسل قد يكون منه مر ولا يبطل عن أن يكون عسلا؛ وبالصفات التي ذكرنا ينفصل بعض انواع الاعراض عن بعض.
واعلم ان في الاعراض انواعا واجناسا واشخاصا، كما في الجواهر، على ما قد منا قبل.
واعلم ان بعض [١٦و] النوع لو توهم معدوما لم يعدم الجنس، الا ترى لو عدم البياض لم يعدم اللون لأنه يبقى السواد والخضرة والحمرة وغير ذلك، وكذلك لو عدم الإنسان لم يعدم الحي، لأنه يبقى الخيل والدجاج وغير ذلك ولو عدم الجنس لعدمت جميع الانواع.
وهذا انتهاء الكلام في المدخل إلى علم المنطق والالفاظ الخمسة التي هي: الجنس والنوع والفصل والخاصة والعرض، وهو الذي يسميه الاوائل " ايساغوجي " واول من جمعه رجل يسمى فرفوريوس من اهل صور.
والحمد لله رب العالمين كثيرا لا شريك له ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
وصلى الله على محمد عبده ورسوله وسلم تسليما
1 / 35