تقع على ما تقع إلا وقوعا مستويا، لا يجوز أن يكون إنسان أشد في انه إنسان من إنسان آخر، ولسنا نعني المرودة والمذكورة، لكن نعني في انه آدمي وإنسان فقط، ولا يكون فرس أضعف فرسية من فرس آخر، ولا حمار أقوى حمارية من حمار آخر وهكذا كل أشياء استوت في جنس أو نوع أو فصل، فانها كلها فيه متساوية لا يفضل في كونها إياه بعضها بعضا أصلا بوجه.
ورسم الفصل هو أن تقول: هو الذي تتميز به الانواع بعضها من بعض تحت جنس واحد، والفصول موجودة في الانواع بالفعل، وفي الجنس بالقوة. ونريد بالقوة: إمكان ان يكون، وبالفعل: انه قد كان وجب [١٥و] وظهر ووجد، فانك إذا قلت: الحي: فان النطق فيه بالقوة، أي ان بعض الاحياء ناطقون، ولو كان الناطق فيه بالفعل لكان كل حي ناطقا، وهذا محال. وانت إذا قلت: الحي الناطق، فالنطق فيه بالفعل أي أنه قد ظهر ووجد.
والنطق الذي يذكر في هذا العلم ليس الكلام ولكنه التمييز للأشياء والفكر في العلوم والصناعات والتجاورات وتدبير الأمور، فعن جميع هذه المعاني كنينا بالنطق اتفاقا منا. وكل إنسان فناطق النطق الذي بينا، إلا من دخلت على ذهنه آفة عرضية، وإلا فبنيته، ولو رمى الحجارة، محتملة؟ أو زالت تلك الآفة - لكل ما ذكرنا. وليس كذلك سائر الحيوان، حاشا الملائكة والجن، فانه لا يتوهم ن شيء من الحيوان غير ما ذكرنا فهم الأمور التي وصفنا.
وأما الفصول إذا حققتها فكيفيات، إلا أنها لا تفارق ما هي فيه ولا تتوهم مفارقتها له إلا ببطلانه. وذلك المعنى الذي به صارت الاشخاص تسمى أنواعا وأجناسا، فانه أيضًا كيفية كما ذكرنا. وأنت إذا وجدت فصلا ذاتيا يستغنى به في تمييز ما تريد منه من الانواع، فاكتف به ولا معنى لأن تأتي بفصل آخر. فان اضطررت إلى فصول كثيرة، ينفرد النوع الذي تريد ان تفصله من غيره بجميعها وتشاركه أشياء أخر في كل واحد منها على الانفراد، فلا بد ان تأتي
1 / 33