فلم يتردد إذ ذاك أن ألح عليهم بأن ينزلوه عن مرتفعه، فحاولوا كثيرا أن يردعوه عن عزمه، فأبى.
وبعد هنيهة كان سيراب الناسك على الأرض، فشكرهم وباركهم جميعا، وأسرع الخطى نحو الصحراء الرحيبة ... •••
بعد أن مشى نهارا كاملا، وقف أمام تينة، فأكل من ثمارها ونام.
ولما كان غد أكمل طريقه في الصحراء، وكانت أشعة الشمس تلهب الرمال بلهاثها المحرق، وبعد فترة قصيرة هب هواء عاصف، ثارت تحته أمواج الرمال.
بقي الناسك يمشي حتى بلغ منه التعب مبلغه، فشعر بعطش محرق وبجوع قتال، إلا أنه لم يجد بدا من السير.
وفجأة أبصر وحشا ضاريا يقترب منه وفي يده قربة ملأى بماء بارد، فبسط يده ليأخذها، إلا أن الوحش تراجع عنه وهرب مسرعا من أمامه.
ثم تراءى له جدول تنساب فيه مياه عذبة، فعكف فوقه وأدنى شفتيه ليبل غليله، إلا أنهما لم يلامسا إلا رمالا مضطرمة.
عند هذا شعر بألم لا ألم بعده، وسال العرق المثلج من جبينه، فأغمي عليه ... •••
بعد هنيهة مرت قافلة من الجمال يقودها جمع من الباعة، ما كادوا يبصرون الناسك منطرحا على الرمال حتى حملوه إلى مكان ظليل، حيث مسحوا جبهته ووجهه بخرقة مبللة وسقوه بعض نقاط من الماء.
استفاق سيراب الناسك من الإغماء، فعادت إليه قواه المفقودة، وأعطاه الباعة قصعة ماء وبعضا من الزاد، فتمكن إذ ذاك من موالاة سيره ...
نامعلوم صفحہ