فأجابه الأب إلياس وقد امتعض جبينه وظهرت عليه دلائل الانزعاج: حسنا، حسنا، ولكن بعد أيام قليلة سيحضر ملكنا المحبوب لويس ده بواسي إلى روايومون؛ ليسمع تفسير أنشودة الأناشيد، عند ذلك لا بد لي من أن أعرف كل شيء.
قال هذا وجنح عنه وذهب في سبيله. •••
قدم ملك فرنسا إلى روايومون، وفيما هو داخل إلى الدير تبعه الرئيس الجزيل الاحترام والكهنة وحرس الدير.
كان الملك مرتديا عباءة من الحرير الأزرق، وقبعة من ريش الطاووس، وكان يحيط به الآباء الواعظون، فيطرح عليهم أسئلة في اللاهوت صعبة، فيجيبونه عليها بتفاسير محكمة صائبة، فيبتسم ابتسامة رضى وارتياح.
كان الموكب يتجه إلى الكنيسة الكبرى، وكان بود الملك التقي أن يرفع إلى المسيح قبل كل شيء، هبة إيمانه وخدماته الجليلة، فأمر بحضور ثلاثة عشر فقيرا من فقراء المدينة، وعندما امتثلوا أمامه أمرهم بالجلوس إلى جانبه، وأشار إلى الرئيس الجزيل الاحترام بأن يجلس أمامه مع الكهنة المحترمين.
أما السيد جوانفيل، وحاشية الملك المؤلفة من جوفروا ده فيلات، وبيير ده فونتين، وفليب نانتويل، وجوفروا ده سارجين، وغوشي د شاتيليون، فقد شغلوا أطراف السماط، ووقف جيرفه رئيس الخبازين وراء منصة الملك، وفي حين كان الطعام يتعاقب على السماط بكثرة وكرم، كان الملك يصغي بانتباه عظيم إلى حديث الكهنة والأسياد.
كان جوفروا ده بوليو الدومينيكي، معرف الملك، يتكلم عن الإيمان بفصاحة أدهشت رجال الكنيسة، وكان جوانفيل يسمع بدون أن يفهم شيئا مما يقال؛ عند هذا وجه الملك كلامه إليه قائلا: ما اسم والدك يا جوانفيل ؟ - كان اسمه سيمون يا مولاي. - وكيف عرفت ذلك؟ - هذا ما كانت تقوله لي والدتي يا مولاي، فلا مندوحة من النزول عند كل ما كانت تقوله لي تلك الأم الصادقة. - إذن فيجب عليك أن تنزل عند كل عقيدة من عقائد الإيمان، التي يعلنها الرسل في أيام الآحاد. - ومن أين عرفت أننا لا نصدقها يا مولاي؟ ألم ندافع عنها، ألم ندافع معك عن الإيمان الصحيح في الحروب التي مرت علينا؟
ثم التفت إلى الحاشية وقال: لقد كنتم معنا في المنصورة يا رفاقي، وشاهدتم بأعينكم تلك الواقعة الهائلة، كنت يوم ذاك مع رجالي البواسل، لا أزال أتمثلك يا مولاي المحبوب قادما مع كتيبتك الباسلة، تدقون على الطبول وتنفخون في الأبواق، لقد كنت جميلا في ذلك الحين، وجميلا سيفك المنتصر في يدك الفتية!
عندما سمع الأسياد كلمة المنصورة، رجعوا بالتذكار إلى ذلك العهد الجميل فتمايلوا وهتفوا قائلين: ليحي الملك!
فأكمل جوانفيل وقد برقت عيناه: ثم ألا تذكر هؤلاء الكافرين الستة، الذين حاولوا أن يأخذوك أسيرا، فتخلصت من بينهم بضربة سيف فرقتهم أيدي سبا؟ ...
نامعلوم صفحہ