ترقی پسند تحریک امریکہ: ایک بہت چھوٹا تعارف
الحركة التقدمية في أمريكا: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
أوضح روزفلت أنه من وجهة نظره ليست جميع الشركات، أو حتى جميع الاتحادات الاحتكارية، سيئة؛ بل كان هناك بعض «الاتحادات الاحتكارية الجيدة»، وفي رسالته الأولى إلى الكونجرس في ديسمبر عام 1901، شرح روزفلت الفارق، قائلا:
إن قادة الصناعة الذين قادوا نظم السكك الحديدية عبر أرجاء القارة، والذين بنوا تجارتنا، وطوروا مصانعنا، قد أسدوا صنيعا رائعا في المجمل لشعبنا ... إن آلية عمل التجارة الحديثة دقيقة للغاية لدرجة تستوجب توخي الحذر الشديد كي لا نعترض سبيلها في أجواء من التهور أو الجهل ... إلا أنه من الصحيح أيضا أن ثمة شرورا حقيقية وخطيرة ... ولا بد من بذل جهد حازم وعملي لتصويب تلك الشرور.
بدا للشخصية الخيالية الشهيرة السيد دولي أن روزفلت قال في خطابه إن تلك الاتحادات الاحتكارية إنما هي «وحوش مخيفة ... أوجدتها مؤسسات مستنيرة» ينبغي «سحقها تحت الأقدام ... ولكن ليس بسرعة كبيرة.» سعى ثيودور روزفلت لتنظيم الشركات بين الولايات وفحص طريقة عملها وإظهارها للعلن، وكانت النتيجة إنشاء مكتب الشركات (1903) الذي مهمته مراقبة عمل الشركات وملاحقات قضائية موجهة بعناية لمكافحة الاحتكار. لم يعجب ذلك التوجه الحذر العديد من التقدميين الأوائل، مثلما أغضبت الملاحقات القضائية الكثير من رجال الأعمال، لكن كان من الجلي أن الموقف الذي تبناه كليفلاند وماكينلي الخاص بإطلاق يد الشركات وعدم محاسبتها أصبح ضربا من الماضي.
وكانت الخطوة التي لفتت الانتباه وحازت على الرضا الشعبي بقدر أكبر هي تدخل روزفلت في أواخر عام 1902 لإنهاء إضراب عمالي امتد لستة أشهر نظمه عمال مناجم الفحم الصلب في بنسلفانيا. طالب عمال المناجم الذين مثلهم اتحاد عمال المناجم المتحدين بالاعتراف بهم كنقابة، وثماني ساعات عمل يوميا، ومن 10 إلى 20 في المائة زيادة في الأجور. تصرف رئيس الاتحاد جون ميتشل على نحو استرضائي وتوافقي، على النقيض تماما من الصورة النمطية للمضرب عن العمل الثائر والمتطرف التي روجها المحافظون وإدارات الشركات. وفي المقابل، زعم جورج إف بير، رئيس إحدى شركات السكك الحديدية الكبرى، والمتحدث باسم أصحاب المناجم، أن «العامل الكادح ستجري حمايته والاعتناء به، ولكن ليس من قبل مثيري الشغب من العمال، بل من قبل أصحاب الأعمال المسيحيين الذين وهبهم الرب السيطرة على حقوق الملكية بالبلاد.» وأعلن فيما بعد أن «هؤلاء العمال لا يعانون، بل إن نصفهم لا يتحدث الإنجليزية.»
لا شك أن انتصار العلاقات العامة حققه ميتشل متغلبا على بير ورفاقه الرأسماليين، وحققه كذلك ثيودور روزفلت الذي عين لجنة عادلة (وناجحة) تمكنت من إنهاء الإضراب مباشرة قبل بداية ما أنذر أنه شتاء قارس البرودة. مجددا، تفادى الرئيس بحذر أي محاولات للراديكالية. لم يدعم الرئيس الاعتراف بالاتحاد، ولم يحصل الاتحاد على ذلك، لكنه تدخل في نزاع عمالي-رأسمالي مهم بطريقة متوازنة على النقيض للغاية من أسلافه الذين كانوا يبادرون على الفور بإرسال قوات لفض الإضراب. أعلن روزفلت أنه يدعم الطبقة الوسطى والعمال المخلصين والمنتجين في مواجهة الاحتكاريين. وهنا خاطب أحد أكثر المعتقدات الراسخة لدى الشعب الأمريكي - وهو الإنصاف - والذي كان أشد رسوخا من النزعة الفردية المؤيدة لمبدأ عدم التدخل.
ينسب لروزفلت الفضل في أشياء عظيمة، لكن في فترة ولايته الأولى اقتصرت الإنجازات الحقيقية على قضايا مكافحة الاحتكار (وأشهرها الخاصة بشركة نورذرن سيكيوريتيز)، وتأسيس مكتب الشركات وتدخله في إضراب عمال مناجم الفحم الصلب. لكن ما السبب في هذا التباين بين الإنجازات (القليلة) والصيت (الكبير)؟ إنه يكمن في الاختلاف بين موقف روزفلت تجاه الاحتكارات، وتجاه المنظمات العمالية، وتجاه التدخل الحكومي بهدف الإصلاح، من جهة، وموقف أسلافه في العصر المذهب تجاه هذه الأمور نفسها من جهة أخرى. مثل الرئيس الشاب - الذي كان في السادسة والأربعين من عمره فقط عندما انتهت ولايته الأولى - للشعب الأمريكي توجها جديدا يبتعد كثيرا عن السياسات الموالية للشركات الكبيرة والمناهضة للعمال التي كانت سائدة في الماضي. لم يكمن التغيير في الإجراءات وحسب، بل قطعا في الأسلوب أيضا. كان روزفلت بالفعل قد سطر لنفسه سيرة ذاتية مثيرة للإعجاب ومتنوعة قبل عام 1901؛ فقد أدار مزرعة في إقليم داكوتا، وألف عدة كتب في التاريخ، وطاف شوارع نيويورك أثناء توليه منصب مفوض الشرطة بها، وقاد كتيبة عسكرية في حرب كوبا، وغير ذلك الكثير. أضفى روزفلت - الذي تمتع بدعم زوجته إديث، حافظة أسراره القربى إليه، وطرائف أطفالهما الصغار الكثيرين - جوا حماسيا على البيت الأبيض الذي اتسم بالقتامة في السابق، فكان أشبه بالرونق الساحر المرتبط بآل كيندي الذي ظهر بعده بستين عاما. قيل عن سالفه الذي تولى الرئاسة من عام 1889 إلى 1893، بنجامين هاريسون، إنه امتلك شخصية «موحشة ككهف مهجور.» أما روزفلت وإديث، وحاشيتهما، فكانوا مختلفين تماما؛ مثيرين للحماسة والبهجة والدهشة.
شكل 3-1: ثيودور روزفلت وإديث كارو روزفلت يجلسان لالتقاط صورة عائلية في حديقة منزلهما بأويستر باي، لونج آيلاند، في عام 1903. تقف ابنة روزفلت أليس (أليس لونجورث بعد زواجها) من زيجته الأولى في الخلف.
في سنواته اللاحقة التي سادها الإحباط، اتسم روزفلت أحيانا بحدة الطبع وسرعة الغضب، لكن حين كان في البيت الأبيض كان بطلا حقيقيا في أعين الكثيرين. وعند مقارنته ببرايان (خطيب نهر بلات الشاب) كانت نشأته كأحد أفراد الطبقة العليا بين نيويورك وجامعة هارفرد أقل إفزاعا بكثير لسكان المدن من الطبقة الوسطى. وعند مقارنة إداراته بالإدارات الليبرالية والتقدمية اللاحقة له، تبدو إنجازاته ضئيلة، بل ومبالغا في تقديرها. إلا أنه في سياق تاريخ العصر المذهب والحرية الكاملة التي تمتعت بها الشركات الكبرى بعد الحرب الأهلية، مثل ثيودور روزفلت روحا جديدة، وأدت إجراءاته، على الرغم من قلتها، إلى حب ملايين الناس له.
استجاب له الشعب بمنحه فترة ولاية أخرى كرئيس للبلاد في انتخابات عام 1904. حاز روزفلت على 60 في المائة من التصويت الشعبي للحزبين، وحظي بأغلبية جمهورية بنسبة اثنين إلى واحد تقريبا بمجلس النواب وأغلبية آمنة جدا أيضا في مجلس الشيوخ. شعر روزفلت الذي انتخب الآن «لجدارته» بأنه قادر على أخذ مكانة أبرز كزعيم إصلاحي، مع تحرره أكثر من قيود أقطاب الحزب المحافظين، وكذلك قيود الحاجة إلى جمع أموال لحملته الانتخابية. استطاع ثيودور بتهديده البارع للحرس القديم بحزبه بأنه سيؤيد تخفيض التعريفات الجمركية - الأمر الذي كان من شأنه تهديد الكثير من المصالح الخاصة الرأسمالية التي كانوا يمثلونها - ضمان تنفيذ عدة إجراءات كانت بعيدة المنال في تسعينيات القرن التاسع عشر.
بعد الانتخابات مباشرة، وبداية من رسالته السنوية إلى الكونجرس في ديسمبر عام 1904 واستمرارا على مدى السنوات الأربع التالية، اتجه روزفلت تدريجيا وبوضوح أكبر نحو اليسار. كان التوجه الإصلاحي من شتى الأنواع قد بدأ في الظهور، وكان الرئيس قائدا ومناصرا على حد سواء لذلك التوجه. أوصى الرئيس بأن يعزز الكونجرس من فاعلية لجنة التجارة بين الولايات إلى الحد الذي يسمح لها بتحديد رسوم السكك الحديدية؛ رأى المحافظون في ذلك خرقا غير مقبول لحقوق الملكية، أما ناقلو البضائع (ومن بينهم المزارعون وأصحاب الأعمال الصغيرة)، فاعتبروا ذلك استردادا آخر صريحا للعدالة. ذكر روزفلت أن النقابات العمالية كانت «من بين أكثر العوامل المؤثرة التي صبت في صالح المواطنة الصالحة.» لكنه نبه في حذر إلى أنه يجب على تلك النقابات أن تتجنب «العنف أو الوحشية أو الفساد»، ورفض قبول فكرة اشتراط بعض الشركات أن يكون كافة العاملين بها أعضاء بنقابة ما. ومجددا طالب الكونجرس بتمرير قانون مسئولية صاحب العمل في منطقة كولومبيا، ومن أجل السلامة، قصر ساعات العمل إلى ثماني ساعات في مناوبة العمل الواحدة للعمال بالسكك الحديدية بين الولايات. وفي عام 1906، دعم روزفلت قانونا للتجنيس وحد عملية التجنيس ورسخ إجراءات على المستوى الوطني تتولاها إدارة الهجرة والتجنيس الجديدة؛ وهي خطوة هدفت إلى الإشراف على عملية توافد مئات الآلاف من المهاجرين الجدد الذين يصلون كل عام، وليس لإعاقتها.
نامعلوم صفحہ