تنزیہ القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
اصناف
وربما قيل في معنى قوله تعالى (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وأي تعلق لهذا بحديث الايتام. وجوابنا أن في الرواية أن من كان يقوم بحق اليتامى كان ربما يطمع في تزوجهن والبسط في أموالهن ويقفون أنفسهم عليهن للطمع فأباح الله تعالى هذا النكاح من غيرهن وحرم البسط في أموالهن ولذلك قال من بعده (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا) وقال بعده (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا) وكل ذلك يؤيد ما قلنا وأمر من كان غنيا في أموال اليتامى أن يستعفف ومن كان فقيرا أن يأخذ من أموالهم ما يجري مجري الاجرة على ما يأتيه من الاحتياط في أموالهم ثم قال تعالى (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) لان ذلك هو الاحتياط من وجهين أحدهما أن لا يقصر فيما سلف والآخر ان يعرف حال اليتامى فيما دفع اليهم من افساد واصلاح.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) ما الفائدة في ذكر النساء مع الرجال وذلك معلوم. وجوابنا انهم كانوا من قبل يورثون الرجال دون النساء وكان ذلك عادة له فأنزل الله تعالى ذلك ليعلم ان النساء كالرجال في حق الارث ثم بينه تعالى فيما بعد قطعا لهم عن العادة المتقدمة.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) ما الفائدة في ذلك ولا حق لهم في التركة. وجوابنا أن ذلك كان قديما مما أوجبه الله كما كان تعالى أوجب الوصية للوالدين والاقربين اذا لم يرثوا ثم نسخ ذلك بآيات المواريث فبين الله تعالى فيها حق كل ذي حق وصارت هذه العطية مندوبا اليها وتكون عطية من جهة الورثة، وندب تعالى الى حفظ المال لمكان الورثة بقوله (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله) وعلى هذا الوجه ثبت الحجر بالمرض المخوف لحق الورثة خصوصا اذا كانوا ذرية ضعافا وبين في آيات المواريث ما أنعم الله تعالى به عليهم وان كان سببه موت المورث فذكر جملة المال وأنه يرثه من له حق التعصيب إما بانفراده وإما مع الاناث، وذكر في الانصباء الثلثين والنصف والثلث والربع والسدس والثمن فهذا جملتها التي يقع عليه القيمة في المواريث ثم قال تعالى معظما للتعدي في ذلك (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار) (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) فأوجب النار لمن تعدى فيما يتولى جل وعز قسمته.
صفحہ 88