تنزیہ القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
اصناف
وربما قيل في قوله تعالى (الشيطان سول لهم وأملى لهم) كيف يصح أن يملي لهم والاملاء هو الابقاء ولا يصح أن يكون إبقاؤهم من قبله بل هو من قبله تعالى؟ وجوابنا أن (سول لهم) المراد به زين لهم المعاصي والمراد بقوله (أملي لهم) أنه غرهم بأن بسط لهم في الآمال وغلب في قلبهم أنهم يبقون فيتلافون وفي السورة أدلة على مذهبنا منها قوله تعالى (والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم) فان ذلك يدل على ان الهدى قد يكون إلى الثواب لأنه بعد القتل لا يصح سواه وهو معنى قوله (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) أي طيبها لهم وقوله (فلن يضل أعمالهم) يدل على ان الضلال قد يكون الا هلاك ولذلك قال (والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم) ومنها قوله (والذين اهتدوا زادهم هدى) فانه يدل على أن الالطاف والأدلة والخواطر التي ترد على المؤمن توصف بأنها هدى وأن للمؤمنين من الحظ في ذلك ما ليس لغيرهم ومنها قوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن) فانه يدل على وجوب النظر وعلى ان التدبر فعلهم فأما قوله (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) فالمراد بالمرض ليس هو الكفر بل هو ما لحقهم بظهور أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من الغموم؟ ومنها قوله (ولا تبطلوا أعمالكم) فذلك يدل على ان المكلف قد يبطل ثواب ما تقدم من عمله بالكبائر والكفر لأن ابطال نفس العمل لا يصح فالمراد به جزاء العمل فأما قوله (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم) فالمراد به حتى يقع الجهاد وقد ذكر العلم وأراد المعلوم لأن علم الله تعالى لا يتجدد. تعالى عن ذلك.
صفحہ 391