تنزیہ القرآن عن المطاعن
تنزيه القرآن عن المطاعن
اصناف
وربما قيل كيف جاز من يوسف ان يمدح نفسه فيقول (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) ومدح النفس مكروه ومنهي عنه بقول الله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم) وكيف يجوز للنبي أن يتولى من قبل الكفار. وجوابنا أن مدح النفس عند الحاجة إليه يحسن فلا يكون المراد المدح بل يكون المراد ذلك الوجه الذي يقع به النفع وعلى هذا الوجه قال صلى الله عليه وسلم «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» فنبه بقوله ولا فخر على أن مراده ليس مدح النفس فيوسف صلى الله عليه وسلم أظهر ذلك لما كان في توليته الخزائن من المصلحة خصوصا في تلك السنين الشديدة فاما تولي ذلك من جهة الكفار فانه يحسن اذا لم يمنع الشرع منه فان كان ذلك الملك كافرا فذاك حسن وان كان مؤمنا فلا سؤال.
[مسألة]
وربما قيل كيف يجوز في اخوته وهم جماعة ان لا يعرفوا يوسف كما قال تعالى (فعرفهم وهم له منكرون) وذلك بخلاف العادة في الجماعة. وجوابنا أن القوم فقدوا يوسف وهو في سن الصبي فتغير وجهه وقد كان لباسه أيضا من قبل بخلاف لباسه وقد صار له الملك وكذلك سائر أحواله وكان القوم يتهيبونه عند المخاطبة لشدة الحاجة اليه وكل ذلك مما يجوز أن لا يعرفه القوم فيجوز أن حالته في معرفته لهم بخلاف حالهم لتمكنه من الامور وفراغ قلبه لتأملهم.
[مسألة]
وربما قيل كيف يجوز مع المجاعة الشديدة أن لا يكيل لهم مع الحاجة حتى يأتوا بأخيه ومثل ذلك لا يحل. وجوابنا أنه عرف أن الحاجة ليست في ذلك الوقت وكان له بغية في حضور أخيه وأنه سينتهي ذلك الى حضور أبويه أيضا فلذلك فعل.
[مسألة]
صفحہ 193