تنزيه الأنبياء
تنزيه الأنبياء
الممانعة من غير قصد ولا شبهة في أن الله تعالى أمره بدفع الظلم عن المظلوم فكيف فعل ما لم يؤمر به وكيف يتوب من فعل الواجب وإذا كان يريد أن ينسب المعصية إليه فما الحاجة إلى ذكر المدافعة والممانعة وله أن يجعل الوكزة تكون المعصية به صغيرة فإن قيل أليس لا بد أن يكون قاصدا إلى الوكزة وإن لم يكن مريدا بها إتلاف النفس قلنا ليس يجب ما ظننته وكيف يجعل الوكزة مقصودة وقد بينا الكلام على أن القصد كان إلى التخليص والمدافعة ومن كان إنما يريد المدافعة لا يجوز أن يقصد إلى شيء من الضرر وإنما وقعت الوكزة وهو لا يريدها وإنما أراد التخليص فأدى ذلك إلى الوكزة والقتل ووجه آخر وهو أن الله تعالى كان عرف موسى (ع) استحقاق القبطي للقتل بكفره وندبه إلى تأخير قتله إلى حال التمكن فلما رأى موسى (ع) منه الإقدام على رجل من شيعته تعمد قتله تاركا لما ندب إليه من تأخير قتله فأما قوله هذا من عمل الشيطان ففيه وجهان أحدهما أنه أراد أن تزيين قتلي له وتركي لما ندبت إليه من تأخيره وتفويتي ما أستحقه عليه من الثواب من عمل الشيطان والوجه الآخر أنه يريد أن عمل المقتول من عمل الشيطان مفصحا بذلك عن خلافه لله تعالى واستحقاقه للقتل وأما قوله رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فعلى معنى قول آدم (ع) ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين والمعنى أحد وجهين إما على سبيل الانقطاع والرجوع إلى الله تعالى والاعتراف بالتقصير عن حقوق نعمه وإن لم يكن هناك ذنب أو من حيث حرم نفسه المستحق بفعل الندب وما قوله فاغفر لي فإنما أراد به فاقبل مني هذه القربة والطاعة والانقطاع ألا ترى أن قبول الاستغفار والتوبة يسمى غفرانا وإذا شارك هذا القبول غيره في معنى استحقاق الثواب والمدح به جاز أن يسمى بذلك ثم يقال لمن ذهب إلى أن القتل منه (ع) كان
صفحہ 68