بالواجب ولا يكون منه كبيرا، جاز أن يتعمد منه نفس التناول ولا يكون منه كبيرا.
فأما ما حكيناه عن النظام وجعفر بن مبشر ومن وافقهما، من أن ذنوب الأنبياء عليهم السلام تقع منهم على سبيل السهو والغفلة، وأنهم مع ذلك مؤاخذون بها، فليس بشئ، لأن السهو يزيل التكليف ويخرج الفعل من أن يكون ذنبا مؤاخذا به، ولهذا لا يصح مؤاخذة المجنون والنائم. وحصول السهو في أنه مؤثر في ارتفاع التكليف بمنزلة فقد القدرة والآلات والأدلة، فلو جاز أن يخالف حال الأنبياء في صحة تكليفهم مع السهو، جاز أن يخالف حالهم لحال أممهم في جواز التكليف مع فقد سائر ما ذكرناه وهذا واضح، فأما الطريق الذي به يعلم أن الأئمة عليهم السلام لا يجوز عليهم الكبائر في حال الإمامة، فهو أن الإمام إنما احتيج إليه لجهة معلومة، وهي أن يكون المكلفون عند وجوده أبعد من فعل القبيح وأقرب من فعل الواجب على ما دللنا عليه في غير موضع، فلو جازت عليه الكبائر لكانت علة الحاجة إليه ثابتة.
فيه. وموجبة وجود إمام يكون إماما له، والكلام في إمامته كالكلام فيه، وهذا يؤدي إلى وجود ما لا نهاية له من الأئمة وهو باطل أو الانتهاء إلى إمام معصوم وهو المطلوب.
ومما يدل أيضا على أن الكبائر لا تجوز عليهم، أن قولهم قد ثبت أنه حجة في الشرع كقول الأنبياء (ع)، بل يجوز أن ينتهي الحال إلى أن الحق لا يعرف إلا من جهتهم، ولا يكون الطريق إليه إلا من أقوالهم على ما بيناه في مواضع كثيرة، وإذا ثبت هذا جملة جروا مجرى الأنبياء (ع) فيما يجوز عليهم وما لا يجوز، فإذا كنا قد بينا أن الكبائر والصغائر لا يجوزان على الأنبياء (ع) قبل النبوة ولا بعدها، لما في ذلك من التنفير عن قبول أقوالهم، ولما في تنزيههم عن ذلك من السكون إليهم، فكذلك يجب أن يكون الأئمة
صفحہ 22