79

شرح قصة نوح (1) عليه السلام

في محاورته مع ابنه الكافر وسؤاله ربه في أمره. وكذلك في دعائه على قومه.

قال تعالى : ( ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) [هود : 11 / 42 43].

قالوا : كيف يصح أن يقول له ( اركب معنا )، فيأبى ويظن أن الجبال تعصمه من الغرق ، مع قول أبيه له : ( ولا تكن مع الكافرين ) وفي إبائه أن يركب مع أبيه السفينة مع عقوق أبيه والرد عليه واعتصامه بغير السفينة ، دليل على إثبات كفره ، إذ لو صدق أباه في أن النجاة في السفينة ، والهلاك في غيرها لم يقل ذلك.

وفي قوله أيضا مع اعتقاده أن الجبال تعصم من الماء ، تسفيه حلم أبيه ، إذ لو كان الاعتصام بغير السفينة ، لكان الاعتصام بالسفينة سفها من جهة الضيق والتغرير.

ونوح عليه السلام أعلم الناس بهذه الوجوه ، وهذه القرائن من أحوال ولده وأقواله ، فإنها تدل على كفره بتكذيبه إياه وتسفيه حلمه ، وإذا كان هذا فكيف يسوغ له عليه السلام أن يقول بعد ذلك : ( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق ) [هود : 11 / 45] يعني في سلامة أهلي. وقد قيل له قبل ذلك : ( إلا من سبق عليه القول ) [هود : 11 / 40] وأقوال ابنه وأحواله تدل على أنه ممن سبق عليه القول. وكذلك قوله

صفحہ 89