منحه وبارك لنا في حياته وبقائه وصحة معاملته ومعونته فانظر أيها اللبيب الفطن إليها نظر المتناصف ولا تعدل عن هذا الشرح إلى سواه لئلا يفتح عليك باب من الفساد ولا يمكنك سده فإنه إذا جوزت عليه المعصية المنهي عنها شرعا جازت على من بعده من الأنبياء عليهم السلام وإذا لم تجز عليه فأحرى ألا تجوز على من بعده منهم لكونهم لم يذكر لواحد منهم معصية في الكتاب ولا في السنة ضمنا ولا تصريحا ولا يجوز وقوعها عليهم كما قدمناه
ثم إن الله تعالى لطف بآدم عليه السلام في أكله من الشجرة بعد النهي عنها من ستة أوجه
أحدها أنه لما اسجد له ملائكته على جلالة قدرهم وصيره قبلة لهم ومعلما لطف بقلبه ألا تخطر به لفتة عجب فامتحنه بأكل الشجرة فلما أكل منها عوتب عليها فتواضع
الثاني أنه كان منبسطا فلما أكل منها انقبض فسلم من وهلات البسط لأن الله تعالى لا يعامل إلا بالخوف والقبض
الثالث أنه امتحن التكليف وكد المعيشة في الدنيا ليحصل له مقام الصبر
الرابع أنه رزق من طيبات ثمراتها ليلتذ بها فيشكر نعم الله تعالى عليه فيجمع بين الصبر والشكر
فإن قيل فقد كان يتنعم في الجنة بأكثر مما يتنعم في الدنيا قلنا كان يتنعم من غير تعب سابق ونعيمه في الدنيا ممزوج بالمشقة والتنعم بعد المشقة يؤكد خالص الشكر وأيضا فإنه لم يكلف في الجنة كما تقدم فما كان يؤجر على شكر لو وقع منه
الخامس أنه لما خرج من دار التنعم والدعة إلى دار المشقة
صفحہ 76