تنوير العقول
تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟
اصناف
وإنما يلزم ذلك الحاكم بين الخصماء على ما قاله أصحابنا ، إذا لم يعرف حكم قضيتهما ، وسأل عالمين عن ذلك فاختلفا عليه ، أو يكون قضية في حق بينه وبين أحد كما ذكرناه آنفا ، مع أن في نفسي من ذلك أنه لابد وأن يدخله معنى الاختلاف في أنه هل يجوز له أن يحكم[73/ب] بعلم غيره فيهما ، ولم يفتح الله له وجه الحق فيرى الأعدل في ذلك من نفسه أو بعد سماعه من العالمين ، والأصح معي أنه متعبد بعلمه فيهما لا بعلم غيره ، فلو قيل أنه يلزمه الوقوف عن الحكم بينهما حتى يفتح الله له وجه الصواب في ذلك لكان قولا صحيحا ، وأنه لهو الأصح .
وإن ترخص فحكم على ما ذكره العلماء بقول الأعلم والأفضل والأسن على ترتيبهم الذي ذكرناه فغير خارج من الصواب ، بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما رءاه العلماء المحقون حقا هو حق وما راءه باطل فهو باطل " (¬1) ، والمعنى[ فيما يجوز فيه] (¬2) الرأي لا غير ،
ولقوله تعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (¬3) .
ولا يجوز لأحد أن يخطأ غيره في الرأي فيما يجوز فيه الرأي إذا قال بخلافه ما لم يدن فيكون خطأ في الدينونة به لا في خلاف ذلك ، ولا أن يرى نفسه أفضل ممن عمل بخلافه ولو رءاه [أنه] (¬4) الرأي الأهزل ؛ لأنه هو متعبد بعمل ما يراه [67/ج] أنه هو الأعدل وعسى أن يكون كذلك رءاه إلا أن يخبره أنه يرى الأعدل خلاف الذي يعمل به ، وذلك فيما بينه وبين الله تعالى ، وليس هو الأزهد إلى الله تعالى ، وأما الحاكم [فيما يحكم به] (¬5) بين الخصماء ، ويخبره أنه يرى الأعدل خلاف الذي حكم به بينهم فهو ظالم ، وجائز أن يحكم به على هذا أنه ظالم ، فاعرف ذلك.
[كيف يكون الحكم فيما لا يجوز فيه الاختلاف ]
¬__________
(¬1) لم نجد له تخريج ، وربما ذكره الشيخ بالمعنى فالله أعلم بالصواب .
(¬2) سقط في ب.
(¬3) سورة النحل:43.
(¬4) سقط في ب.
(¬5) سقط في ب.
صفحہ 104