1 ( مقدمة المؤلف ) 1
بسم الله الرحمن الرحيم | الحمد لله الذي جعل أحاديث النبي المصطفى في
صفحہ 2
الاهتداء مثل النجوم ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسوله الذي أعطاه أسرار العلوم ، والصلاة والسلام على أفضل خلقه محمد المبعوث بالمعجزات ، وعلى آله مصابيح الدلالات ، وأصحابه أنجم الهدايات . | أما بعد : فهذا شرح على لباب الحديث للشيخ العلامة الفهامة جلال الدين ابن العلامة أبي بكر السيوطي تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته . سميته : | تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث | والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، وسببا للفوز بجنات النعيم ، وأن يختم لكاتبه بخير آمين آمين . واعلم أن الباعث في كتابة هذا الشرح حاجة المحتاجين إليه ، فإن هذا الكتاب كثير التحريف والتصريف لعدم الشرح عليه ، ومع ذلك كثر تداول الناس من أهل جاوة عليه . وإني لم أجد نسخة صحيحة فيه ، ولم أقدر على تصحيحه ، واستيفاء مراده لقصوري ، إلا أن بعض الشر أهون من بعض . وهذا الكتاب إن كان فيه حديث ضعيف لا ينبغي أن يهمل ، لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال كما قال ابن حجر في تنبيه الأخيار ، والضعيف حجة في الفضائل باتفاق العلماء ، كما في شرح المهذب وغيره ، والله المستعان ، وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أي أؤلف فالباء بارىء البرايا ، والسين ستار الخطايا ، والميم المنان بالعطايا ، وقيل : الله كاشف البلايا ، والرحمن معطي العطايا ، والرحيم غافر الخطايا ( الحمد لله رب العالمين ) فالحمد لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم ، سواء كان في مقابلة نعمة أم لا ، فدخل في الثناء الحمد وغيره ، وخرج باللسان الثناء بغيره كالحمد النفسي ، وخرج بالاختياري المدح ، فإنه يعم الاختياري وغيره ، والحمد عرفا فعل ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره ، وسواء كان باللسان أم بالجنان أم بالأركان ، والشكر لغة هو هذا الحمد ، وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله ، والمدح لغة الثناء باللسان على الجميل مطلقا على جهة التعظيم ، وعرفا ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل ، أفاد ذلك شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في رسالته ( والعاقبة ) أي المحمودة ( للمتقين ) أي المطيعين والمنزعين لقلوبهم عن الذنوب ( ولا عدوان ) أي لا ظلم ( إلا على الظالمين ) أي بارتكاب المعاصي ( والصلاة والسلام على خير خلقه ) كلهم من الإنس والجن والملائكة ( محمد ) المنزل عليه تعظيما له قوله سبحانه وتعالى : { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا } [ الأحزاب : 64 ] ويبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ( وعلى آله ) أي أقاربه المؤمنين من بني هاشم والمطلب ، أو أتقياء أمته ( وصحبه ) والصحابي هو من اجتمع مؤمنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعد نبوته ( أجمعين ) توكيد للآل والصحب ( أما بعد ) أي بعد ما تقدم ( فإني أردت أن أجمع كتابا للأخبار ) أي الأحاديث ( النبوية ) أي المنسوبة للنبي لأنها أقواله صلى الله عليه وسلم ( والآثار ) أي المنقولات ( المروية ) أي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بإسناد صحيح ) فالصحيح هو ما اتصل سنده ، وعدلت نقلته ، والإسناد هو حكاية طريق المتن ، والسند هو الطريق الموصلة إلى المتن فقولك أخبرنا فلان إلى الآخر إسناد ، ونفس الرجال سند ، والمتن هو ألفاظ الحديث الذي تقوم بها المعاني . وقال ابن جماعة : هو ما ينتهي إليه غاية السند أفاد ذلك إبراهيم الشبرخيتي ( وثيق ) أي ضابط ناقل عن مثله إلى المنتهى ( فحذفت الأسانيد ) أي روما للاختصار ، وهو جمع إسناد قال البدر بن جماعة : الإسناد هو الإخبار عن طريق المتن ، والسند هو رفع الحديث إلى قائله . قال النووي : السند سلاح المؤمن ، فإذا لم يكن معه سلاح فبم يقاتل ؟ وقال الشافعي رضي الله عنه : الذي يطلب الحديث بلا سند ، كحاطب ليل يتحمل الحطب ، وفيه أفعى وهو لا يدري ( وجعلته أربعين بابا في كل باب ) منها ( عشرة أحاديث ) فمجموع الأحاديث أربعمائة ( وسميته ) أي هذا المجموع ( لباب الحديث ) واللباب خلاف القشر ( وأستعين بالله العظيم ) أي الكامل ذاتا وصفة ( على القوم الكافرين ) في إقامة الدين . | ولما أراد المصنف إتيان المقصود أتى أولا بالأبواب الأربعين على سبيل السرد ليكون عنوانا لهذا الكتاب تسهيلا للمتناولين فقال ( الباب الأول في فضيلة العلم والعلماء ) قال الله تعالى : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين } [ التوبة : 221 ] ( الباب الثاني في فضيلة لا إله إلا الله ) قال الفخر الرازي : وقد ذكرت هذه الكلمة في القرآن في سبعة وثلاثين موضعا ، اثنان في البقرة وأربعة في آل عمران ، وواحد في النساء واثنان في الأنعام ، وواحد في الأعراف واثنان في التوبة ، وواحد في يونس وفي هود وفي الرعد وفي النحل وثلاثة في طه ، واثنان في الأنبياء وواحد في المؤمنين وفي النمل ، واثنان في القصص ، وواحد في فاطر وفي الصافات وفي الزمر ، وثلاثة في المؤمن وواحد في الدخان ، وفي محمد واثنان في الحشر ، وواحد في التغابن وفي المزمل ( الباب الثالث في فضيلة بسم الله الرحمن الرحيم ) وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يرد دعاء أوله بسم الله الرحمن الرحيم قال : وإن أمتي يأتون يوم القيامة وهم يقولون بسم الله الرحمن الرحيم فتتثاقل حسناتهم في الميزان فتقول الأمم : ما رجح موازين أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فتقول الأنبياء لهم : كان مبتدأ كلام أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسماء من أسماء الله تعالى الكرام ، لو وضعت في كفة الميزان ، ووضعت سيئات الخلق جميعا في الكفة الأخرى لرجحت حسناتهم قال : وجعل الله تعالى هذه الآية شفاء من كل داء ، وغنى من كل فقر ، وسترا من النار ، وأمانا من الخسف والمسخ والقذف ما داموا على قراءتها ) . ( الباب الرابع في فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما اجتمع قوم في مجلس ولم يصل علي فيه إلا تفرقوا كقوم تفرقوا عن ميت ولم يغسلوه ) ( الباب الخامس في فضيلة الإيمان ) قال القطب الرباني سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني ، ونعتقد أن من أدخله الله تعالى النار بكبيرته مع الإيمان ، فإنه لا يخلد فيها بل يخرجه منها ، لأن النار في حقه كالسجن في الدنيا يستوفى منه بقدر جريمته ، ثم يخرجه برحمة الله تعالى ولا يخلد فيها ، ولا تلفح وجهه النار ، ولا تحرق أعضاء السجود منه ، لأن ذلك محرم على النار ، ولا ينقطع طمعه من الله تعالى في كل حال ما دام في النار حتى يخرج منها ، فيدخل الجنة ، ويعطى الدرجات على قدر طاعته التي كانت له في الدنيا ( الباب السادس في فضيلة الوضوء ) روي عن نافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما من عبد توضأ فأحسن الوضوء على ترتيبه إلا أعطاه الله بكل قطرة تقطر من وضوئه عشر حسنات وتستغفر له تلك الأرض التي توضأ عليها إلى يوم القيامة ) ( الباب السابع في فضيلة السواك ) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ) أخرجه مالك وأحمد والنسائي . ( الباب الثامن في فضيلة الأذان ) عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال : ( إذا أذنت فترسل ، وإذا أقمت فاحرز واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله ) رواه الترمذي وضعفه وعن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه النسائي ( الباب التاسع في فضيلة صلاة الجماعة ) عن أبي هريرة قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال : يا رسول ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فرخص له ، فلما ولى دعاه فقال : ( هل تسمع النداء بالصلاة ؟ ) قال نعم . قال : ( فأجبه ) رواه مسلم ( الباب العاشر في فضيلة الجمعة ) عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يغفر الله ليلة الجمعة لأهل الإسلام أجمعين ) وعن سلمان رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتدري لم سمي يوم الجمعة ؟ قلت : لا . قال : لأن فيه جمع أبوك آدم ) قال بعضهم : هو اجتماع قالب آدم وروحه بعد أن كان ملقى أربعين سنة . وقال آخرون : لاجتماع آدم وحواء بعد الفرقة الطويلة . وقيل : إنما سمي بذلك لاجتماع أهل البلاد والرساتيق فيه . وقيل : لأنه تقوم فيه القيامة وهو يوم الجمع قال الله تعالى : { يوم يجمعكم ليوم الجمع } [ التغابن : 9 ] ذكر ذلك سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني ( الباب الحادي عشر في فضيلة المساجد ) وهي بيوت الله تعالى ، لأنها محال عبادات الله تعالى ( الباب الثاني عشر في فضيلة العمائم ) قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : ويكره كل ما خالف زي العرب وشابه زي الأعاجم ( الباب الثالث عشر في فضيلة الصوم ) وعن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الصيام جنة من النار ما لم يخرقه ) قيل : وما يخرقه ؟ قال : بكذبة أو بغيبة ( الباب الرابع عشر في فضيلة الفرائض ) من الصلاة وغيرها قال عبد الله الصحابي ابن غسان في جواب سؤال منينا بن عبد المسيح الراهب قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( الصلاة صلة بين العبد وربه فيها إجابة الدعاء وقبول الأعمال وبركة في الرزق وراحة في الأبدان ، وستر بينه وبين النار ، وثقل في الميزان ، وجواز على الصراط ، ومفتاح الجنة ) ثم قال عبد الله : والصلاة جامعة لجميع الطاعات ، فمن جملتها الجهاد ، فإذا المصلي يجاهد عدوين نفسه والشيطان ففي الصلاة الصوم ، فإن المصلي لا يأكل ولا يشرب ، وزادت على الصيام بمناجاة ربه ، وفي الصلاة الحج ، وهو القصد إلى بيت الله ، والمصلي قصد رب البيت ، وزادت على الحج بقربه من ملكوت ربه . وقال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( جميع المفترضات افترضها الله تعالى في الأرض إلا الصلاة ، فإن الله افترضها في السماء وأنا بين يديه ) . | ومعنى رفع الأيدي في الصلاة للتكبير أن العبد غريق في بحار الخطايا والمعصية ، فيرفع يديه كأنه يقول : يا رباه خذ بيدي فإني غريق في بحار الخطايا والمعصية ، هارب منك إليك . ومعنى القراءة عتاب بين العبد وربه ، ومعنى الركوع كأن المصلي يقول : أنا عبدك وقد مددت يدي إليك ومعنى الرفع من الركوع مع قول ربنا لك الحمد طلب العتق من الذنوب ، فكأن الله يقول : أذنبت ، فيقول العبد : أنا عبدك . ويقول الله قد أعتقتك من الذنوب ، ومعنى السجدة الأولى ووضع الجبهة على الأرض كأن العبد يقول منها : خلقتني . ومعنى الرفع منه كأنه يقول : منها أخرجتني . ومعنى السجدة الثانية كأن العبد يقول : وفيها تعيدني . ومعنى الرفع الثاني كأنه يقول : ومنها تخرجني تارة أخرى ، ومعنى السلام : اللهم أعطني كتابي بيميني ولا تعطني كتابي بشمالي ، ( الباب الخامس عشر في فضيلة السنن ) أي من صلوات خاصة ( الباب السادس عشر في فضيلة الزكاة ) أي الشاملة لزكاة الأموال والأبدان ( الباب السابع عشر في فضيلة الصدقة ) قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : وتستحب صدقة التطوع في سائر الأوقات ليلا ونهارا قليلا وكثيرا لا سيما في الأشهر المباركة ، كشهر رجب وشعبان ، وشهر رمضان وأيام العيد وعاشوراء ، وأيام الجدب والضيق ، ليحوز بذلك العافية في الجسم والمال والأهل والخلف السريع في الدنيا ، والثواب الجزيل في الآخرة . ( الباب الثامن عشر في فضيلة السلام ) ويستحب القيام للإمام العادل والوالدين وأهل الدين والورع وأكرم الناس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قوموا إلى سيدكم ) ( الباب التاسع عشر في فضيلة الدعاء ) وهو سيف المؤمن ، قال الله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } [ غافر : 06 ] وسئل إبراهيم بن أدهم رحمه الله فقيل له : ما بالنا ندعو الله فلا يستجيب لنا ؟ فقال : لأنكم عرفتم الرسول ، فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به ، وأكلتم نعمة الله فلم تؤدوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم ترهبوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ورافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس . ( الباب العشرون في فضيلة الاستغفار ) قال صلى الله عليه وسلم : ( من أكثر من الاستغفار جعل الله عز وجل له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب ) ( الباب الحادي والعشرون في فضيلة ذكر الله ) قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا } [ الأحزاب : 14 ] ( الباب الثاني والعشرون في فضيلة التسبيح ) قال أبو ذر رضي الله عنه : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أحب إلى الله عز وجل ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( ما اصطفى الله سبحانه لملائكته سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم ) ( الباب الثالث والعشرون في فضيلة التوبة ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رواه الترمذي وابن ماجه . ( الباب الرابع والعشرون في فضيلة الفقر ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحب الأعمال إلى الله تعالى من أطعم مسكينا من جوع أو دفع عنه مغرما أو كشف عنه كربة ) رواه الطبراني ( الباب الخامس والعشرون في فضيلة النكاح ) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه . وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة حق على عونهم الله المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف ) أي عفاف فرجه عن المحارم رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم . ( الباب السادس والعشرون في التشديد على الزنى ) وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( احذروا الزنى فإن فيه ست خصال ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة فأما التي في الدنيا فإنه ينقص الرزق ويذهب البركة ، وإذا خرجت روحه تحجب عن الله ، وينظر إلى النار والزبانية ، وأما التي تصيبه في الآخرة : فينظر الله إليه بعين الغضب فيسود وجهه والثانية يكون حسابه شديدا ، والثالثة يسحب في سلسلة إلى النار ) ( الباب السابع والعشرون في التشديد على اللواط ) قال عليه السلام سبعة لعنهم الله تعالى ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ويقال لهم : ادخلوا النار مع الداخلين أولهم الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط ، وناكح المرأة في دبرها ، وناكح البهيمة ، وناكح البنت وأمها ، والزاني بامرأة جاره ، وناكح كفه إلا أن يتوبوا ( الباب الثامن والعشرون في منع شرب الخمر ) قال ابن مسعود إذا دفنتم شارب الخمر فانبشوه ، فإن لم تجدوا وجهه مصروفا عن القبلة فاقتلوني ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا شرب العبد الخمر أربع مرات سخط الله عليه ، وكتب اسمه في سجين ، ولا يقبل منه صومه ولا صلاته ولا صدقته إلا أن يتوب ) ( الباب التاسع والعشرون في فضيلة الرمي ) أي رمي السهام لأجل قتال الكفار لإعلاء دين الله تعالى : ( الباب الثلاثون في فضيلة بر الوالدين ) قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس بين عاق والديه وبين إبليس في النار إلا طبقة واحدة فهو جار إبليس في النار ، وليس بين بار والديه وبين الأنبياء في الجنة إلا درجة واحدة فهو جار الأنبياء في الجنة ) ( الباب الحادي والثلاثون في فضيلة تربية الأولاد ) قال صلى الله عليه وسلم : ( من رزقه الله ولدا ولم يعلمه القرآن إلا كان كل ذنب يعمله الولد على أبيه ويوم القيامة يحاسب الولد أباه على تركه تعليم القرآن ويقضي الله له عليه ) ، وكان علي يقول : علموا أولادكم القرآن تدخلوا الجنة بشفاعتهم يوم القيامة ( الباب الثاني والثلاثون في فضيلة التواضع ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) . ( الباب الثالث والثلاثون في فضيلة الصمت ) قال عليه السلام : ( الصمت حكم وقليل فاعله ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ( من وقي شر قبقبه وذبذبه ولقلقه فقد وقي الشر كله ) ، والقبقب هو البطن والذبذب الفرج واللقلق اللسان ( الباب الرابع والثلاثون في فضيلة الإقلال من الأكل والنوم والراحة ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فإن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله ، وإنه ليس من عمل أحب إلى الله من جوع وعطش ) . ( الباب الخامس والثلاثون في فضيلة الإقلال من الضحك ) قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل ؟ قال : ( من قل مطعمه وضحكه ورضي بما يستر به عورته ) ( الباب السادس والثلاثون في فضيلة عيادة المريض ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه ) ( الباب السابع والثلاثون في فضيلة ذكر الموت ) قال عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله هل يحشر مع الشهداء أحد ؟ قال : ( نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة ) ( الباب الثامن والثلاثون في فضيلة ذكر القبر وأهواله ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول القبر للميت حين يوضع فيه ويحك يا ابن آدم ما غرك بي ألم تعلم أني بيت الفتنة وبيت الظلمة وبيت الوحدة وبيت الدود ما غرك بي إذ كنت تمر بي فذاذا ، أي يقدم رجلا ويؤخر أخرى فإن كان مصلحا أجاب عنه مجيب للقبر فيقول أرأيت إن كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقول القبر : إني إذا أتحول عليه خضرا ويعود جسده نورا ، وتصعد روحه إلى الله تعالى ) ، وفي بعض النسخ تأخير هذا الباب عن الباب الذي بعده . ( الباب التاسع والثلاثون في منع النياحة على الميت ) قال الله تعالى : { والذين لا يشهدون الزور } [ الفرقان : 27 ] قيل هي النائحة وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم برىء من الصالقة والحالقة والشاقة قال النووي : الصالقة التي ترفع صوتها بالنياحة ، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة ، والشاقة التي تشق ثيابها عند المصيبة ، وكل هذا حرام باتفاق العلماء انتهى . ( الباب الأربعون في فضيلة الصبر على المصيبة ) قال الله تعالى { وبشر الصابرين } [ البقرة : 551 ] وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا كان يوم القيامة نادى مناد من قبل الله تعالى : من له دين على الله تعالى فليقم ، فتقول الخلائق : ومن له دين على الله ؟ فتقول الملائكة : من ابتلاه الله تعالى بما يحزن قلبه فصبر احتسابا لله ، فليقم يأخذ أجره من الله تعالى ، فيقوم خلق كثير من أهل البلاء . فتقول الملائكة ليست الدعوة تقبل بلا بينة أرونا صحائفكم فمن وجد في صحيفته سخط أو كلام قبيح يقولون له اقعد مكانك لست من الصابرين وتأخذ الملائكة الصابرين من الرجال والنساء إلى تحت العرش فيقولون يا ربنا هؤلاء عبادك الصابرون فيقول الله تعالى : ردوهم إلى شجرة البلوى ، فيردونهم إلى شجرة أصلها من ذهب وأوراقها حلل ، وظلها يسير الراكب فيه مائة عام ، فيجلسون تحتها ، ويتجلى الحق سبحانه وتعالى ويسلم عليهم واحدا واحدا ، ثم يعتذر إليهم كما يعتذر الرجل للرجل ، ويقول : يا عبادي الصابرين ما ابتليتكم إلا أردت أن أحط عليكم البلاء لكثرة ذنوبكم وأوزاركم ، لأبلغنكم به درجات عالية ما تصلون إليها بأعمالكم ، فصبرتم لأجلي واستحييتم مني ، ولا أنصب ميزانا ولا أنشر لكم ديوانا ، ثم يعتذر سبحانه وتعالى إلى الفقراء يقول : يا عبادي ما ابتليتكم بالفقر إلا أن كل من أخذ من الدنيا شيئا أحاسبه عليه ، وأسأله من أين اكتسبته ، وفي أي شيء أخرجته ، فأحببت لكم الفقر ليخف حسابكم ، ثم يعتذر سبحانه وتعالى إلى العميان ، وسائر أصحاب الأمراض ، فيفرحون غاية الفرح بما حصل لهم من الأجر العظيم ، ثم يؤمر برايات وصناجق مثل صناجق الأمراء ثم تأخذهم الملائكة على النجائب والرايات بين أيديهم وهم سائرون إلى الجنة ، فينظر الناس إليهم فيقولون أهؤلاء شهداء أو أنبياء ؟ فتقول الملائكة هؤلاء قوم صبروا على الشدائد في الدنيا ، بصبرهم نالوا ، فإذا وصلوا إلى باب الجنة قال لهم رضوان من هؤلاء القوم الذين لم ينصب لهم ميزان ؟ فتقول الملائكة : هؤلاء الصابرون ليس عليهم حساب ، فافتح لهم الجنة ليقعدوا في قصورهم آمنين ، فيدخلون فتتلقاهم الملائكة والولدان بالفرح والتكبير ، فيجلسون على شرائف الجنة خمسمائة عام يتفرجون على حساب الخلق ، فطوبى للصابرين ) كذا في الجواهر للشيخ أبي الليث السمرقندي ، ولما ذكر المصنف أولا الأربعين بابا بالسرد ذكر مثلها بعد على نسق ما تقدم بالأحاديث فقال : |
1 ( الباب الأول في فضيلة العلم والعلماء ) 1
قال الله تعالى : { شهد الله لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم
صفحہ 7
قائما بالقسط } [ آل عمران ] فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه ، وثنى بالملائكة ، وثلث بأهل العلم ، وناهيك بهذا شرفا وفضلا . ( قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود رضي الله عنه ) واسمه عبد الله وكان صاحب سير رسول الله صلى الله عليه وسلم ووساده ونعليه وطهوره في السفر ، وكان خفيف اللحم قصيرا جدا نحو ذراع ، شديد الأدمة ، وكان من أجود الناس ثوبا وأطيب الناس ريحا ، وكان دقيق الساقين ، أخذ يجتني سواكا من الأراك ، فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لم تضحكون ؟ ) فقالوا : يا رسول الله من دقة ساقيه فقال : ( والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد ) وكان هو كثير الولوج عليه صلى الله عليه وسلم ويمشي معه ، وأمامه بالعصا ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام ويلبسه نعليه إذا قام فإذا جلس أدخلهما في ذراعيه ( يا ابن مسعود جلوسك ساعة ) أي من الزمان ليلا كان أو نهارا ( في مجلس العلم ) وفي لفظ حلقة العالم ( لا تمس ) فتح الميم ( قلما ولا تكتب حرفا خير لك من عتق ) أي إعتاق ( ألف رقبة ) أي عبدا أو أمة ( ونظرك إلى وجه العالم ) أي بنظر المحبة خير لك من ألف فرس تصدقت بها في سبيل الله ) أي في جهاد الكفار لإعلاء دين الله تعالى ( وسلامك على العالم خير لك من عبادة ألف سنة ) كذا ذكره الحافظ المنذري في الدرة اليتيمة ، وعن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله يقول : ( من مشى إلى حلقة عالم كان له بكل خطوة مائة حسنة ، فإذا جلس عنده واستمع ما يقول كان له بكل كلمة حسنة ) كذا ذكره النووي في رياض الصالحين . ( وقال صلى الله عليه وسلم : فقيه ) أي عالم بعلم الشريعة ( واحد متورع ) أي متكلف بترك المحارم فهو المبتدىء في ذلك ( أشد على الشيطان من ألف عابد مجتهد ) أي في العبادة ( جاهل ) أي بما يطرأ عليها ( ورع ) أي تارك للمحارم ، فهو المنتهي في الكف عن المحارم ، وذلك لأن الشيطان كلما فتح بابا على الناس من الأهواء وزين الشهوات في قلوبهم بين الفقيه العارف مكايده ، فيسد ذلك الباب ويجعله خائبا خاسرا بخلاف العابد ، فإنه ربما يشتغل بالعبادة وهو في حبائل الشيطان ولا يدري ، أفاد ذلك العزيزي نقلا عن الطيبي ، وفي رواية الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس : فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد . ( وقال صلى الله عليه وسلم : فضل العالم ) أي العامل بعلمه ( على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ) المراد بالفضل كثرة الثواب الشامل لما يعطيه الله للعبد في الآخرة من درجات الجنة ولذاتها ومآكلها ومشاربها ومناكحها ، وما يعطيه الله تعالى للعبد من مقامات القرب ولذة النظر إليه ، وسماع كلامه رواه أبو نعيم عن معاذ بن جبل . وفي رواية للحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وسلم : ( فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي ) وفي رواية للترمذي عن أبي أمامة : ( فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ) أي نسبة شرف العالم إلى شرف العابد كنسبة شرف النبي إلى أدنى شرف الصحابة . قال الغزالي : فانظر كيف جعل العلم مقارنا لدرجة النبوة وكيف حط رتبة العمل المجرد عن العلم ، وإن كان العابد لا يخلو عن علم بالعبادة التي يواظب عليها ، ولولاه لم تكن عبادة ( وقال صلى الله عليه وسلم : من انتقل ) أي تحول ماشيا أو راكبا من محل إلى محل آخر ( ليتعلم علما ) من العلوم الشرعية ( غفر له ) أي ما تقدم من ذنبه الصغائر ( قبل أن يخطو ) أي خطوة من موضعه إذا أراد بذلك وجه الله تعالى رواه الشيرازي عن عائشة ( وقال صلى الله عليه وسلم أكرموا العلماء ) أي بعلوم الشرع العاملين بأن تعاملوهم بالإجلال والإحسان إليهم بالقول والفعل . ( فإنهم عند الله كرماء ) أي مختارون ( مكرمون ) أي عند الملائكة . وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : ( إذا تحدث العالم في مجلسه بالعلم ولم يدخله هزل ولا لغو ، خلق الله تعالى من كل كلمة طلعت من فمه ملكا يستغفر الله له ولسامعه إلى يوم القيامة فإذا انصرفوا مغفورين لهم ) ثم قال : ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من نظر إلى وجه العالم نظرة ) أي واحدة ( ففرح بها ) أي بتلك النظرة ( خلق الله تعالى من تلك النظرة ملكا يستغفر ) أي ذلك الملك ( له ) أي الناظر ( إلى يوم القيامة ) وكان علي بن أبي طالب يقول : النظر إلى وجه العالم عبادة ونور في النظر ونور في القلب ، فإذا جلس العالم للعلم كان له بكل مسألة قصر في الجنة ، وللعامل بها مثل ذلك كذا في رياض الصالحين ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم عالما فقد أكرمني ) أي لأنه حبيبي ( ومن أكرمني فقد أكرم الله ) أي لأني حبيبه ( ومن أكرم الله فمأواه الجنة ) أي لأنها محال سكنى أحباء الله تعالى وقال صلى الله عليه وسلم : ( أكرموا العلماء فإنهم ورثة الأنبياء ، فمن أكرمهم فقد أكرم الله ورسوله ) رواه الخطيب البغدادي عن جابر ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : نوم العالم أفضل من عبادة الجاهل ) أي نوم العالم الذي يراعي آداب العلم أفضل من عبادة الجاهل الذي لا يسلم آداب العبادة ، وفي رواية لأبي نعيم عن سلمان بإسناد ضعيف نوم على علم خير من صلاة على جهل ، أي لأنه قد يظن المبطل مصححا والممنوع جائزا كما قال ضرار بن الأزور الصحابي من عبد الله بجهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح . وكما قال واثلة بن الأسقع : المتعبد بغير فقه كحمار الطاحون . ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من تعلم بابا من العلم يعمل به أو لم يعمل به كان أفضل من أن يصلي ألف ركعة تطوعا ) وهذا يدل على أن العلم أشرف جوهرا من العبادة ، ولكن لا بد للعبد من العبادة مع العلم ، وإلا كان علمه هباء منثورا كما روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما من عالم لا يعمل بعلمه إلا نزع الله روحه على غير الشهادة ، وناداه مناد من السماء يا فاجر خسرت الدنيا والآخرة ) وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن العالم إذا لم يعمل بعلمه لعنه العلم من جوفه ، ويلعنه كل شيء طلعت عليه الشمس ، وتكتب الحفظة كل يوم ختما على صحيفته هذا عبد آيس من رحمة الله يا عبد الله يا مضيع حقوق سيده ، يا من لا يعمل بعلمه عليك لعنة الله ، فإذا مات نزع الله روحه على غير الشهادة ، ويحرم الموت على الإيمان ) ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من زار عالما فكأنما زارني ، ومن صافح عالما فكأنما صافحني ، ومن جالس عالما فكأنما جالسني في الدنيا ، ومن جالسني في الدنيا أجلسته معي يوم القيامة ) وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من زار عالما فقد زارني ، ومن زارني وجبت له شفاعتي ، وكان له بكل خطوة أجر شهيد ) وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من زار عالما ضمنت له على الله الجنة ) وعن علي بن أبي طالب أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من زار عالما أي في قبره ثم قرأ عنده آية من كتاب الله أعطاه الله تعالى بعدد خطواته قصورا في الجنة وكان له بكل حرف قرأه على قبره قصر في الجنة من ذهب ) ، كذا في رياض الصالحين . |
صفحہ 9
1 ( الباب الثاني في فضيلة : لا إله إلا الله ) 1
قال الفاكهاني : إن ملازمة ذكرها عند دخول المنزل تنفي الفقر ، وقد ورد
صفحہ 10
أن : ( من قال لا إله إلا الله ومدها هدمت له أربعة آلاف ذنب من الكبائر . قالوا : يا رسول الله فإن لم يكن له شيء من الكبائر ؟ قال : يغفر لأهله ولجيرانه ) رواه البخاري اه سنوسي . ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قال كل يوم لا إله إلا الله محمد رسول الله مائة مرة جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر ) أي التمام وهو ليلة أربعة عشر . ( وقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الذكر لا إله إلا الله ) أي لأنها كلمة التوحيد ، والتوحيد لا يماثله شيء ، ولأن لها تأثيرا في تطهير الباطن فيفيد نفي الآلهة بقوله لا إله ، ويثبت الوحدانية لله تعالى بقوله إلا الله ، ويعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه ، ولأن الإيمان لا يصح إلا بها ، أي مع محمد رسول الله ، وليس هذا فيما سواها من الأذكار ( وأفضل الدعاء الحمد لله ) قيل : إنما جعل الحمد أفضل ، لأن الدعاء عبارة عن ذكر ، وأن يطلب منه حاجته ، والحمد لله يشملها فإن من حمد الله إنما يحمد على نعمة ، والحمد على النعمة طلب مزيد قال تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنكم } [ إبراهيم : 7 ] أفاد ذلك العزيزي ، روى هذا الحديث الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن جابر . ( وقال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ) أي في الحديث القدسي والكلام الأنسي ( لا إله إلا الله كلامي وأنا هو من قالها دخل حصني ) بكسر الحاء ( ومن دخل حصني أمن من عقابي ) أخرجه الشيرازي عن علي . وفي نسخة لهذا الكتاب وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا إله إلا الله حصني ومن دخل حصني أمن من عذاب الله ) وعن عبد الواحد بن زيد أنه قال : كنت في مركب فطرحتنا الريح على جزيرة ، فخرجنا إلى الجزيرة فرأينا شخصا يعبد صنما فقلنا له : تعبد هذا الصنم وفينا من يصنع مثله ؟ فقال : أنتم من تعبدون ؟ فقلنا : نعبد إلها في السماء عرشه وفي الأرض بطشه وفي البحر سبيله قال : من أعلمكم به ؟ قلنا : أرسل إلينا رسولا . قال : ما فعل بالرسول ؟ قلنا قبضه الملك إليه . قال : فهل ترك عندكم من علامة ؟ قلنا : نعم كتاب الملك ، قال : هل عندكم منه شيء ؟ فشرعنا نقرأ عليه سورة الرحمن ، فما زال يبكي حتى ختمت ، ثم قال : ما ينبغي أن يعصى صاحب هذا الكلام ، ثم عرضنا عليه الإسلام فأسلم وحملناه معنا في السفينة فلما جن الليل وصلينا العشاء أخذنا مضاجعنا للنوم فقال لنا : هذا الإله الذي دللتموني عليه ينام ؟ قلنا بل هو حي قيوم لا ينام . قال : بئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام ، فلما وصلنا البر وأردنا الانصراف جمعنا له شيئا من الدراهم فقال : ما هذا ؟ قلنا تستعين به على نفسك . فقال : دللتموني على طريق ما أراكم سلكتموها أنا كنت أعبد غيره فلم يضيعني أفيضيعني الآن بعد ما عرفته ، فلما كان بعد ثلاثة أيام قيل لي : إنه في النزع فجئت إليه وقلت له : هل من حاجة ؟ فقال : قضى حوائجي الذي أخرجني من الجزيرة ونمت عنده ، فرأيت جارية في روضة خضراء وهي تقول : عجلوا به في سلام فقد طال شوقي إليه ، فاستيقظت وقد مات فدفنته ونمت تلك الليلة فرأيته في المنام وعلى رأسه تاج وبين يديه الحور العين وهو يقرأ { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد : 42 ] ( وقال صلى الله عليه وسلم : أدوا زكاة أبدانكم بقول لا إله إلا الله ) وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن قول لا إله إلا الله تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من البلاء أدناها الهم ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله خرج من فيه طائر أخضر له جناحان أبيضان مكللان بالدر والياقوت يصعد إلى السماء فيسمع له دوي تحت العرش كدوي النحل ، فيقال له اسكن فيقول لا حتى تغفر لصاحبي فيغفر لقائلها ، ثم يجعل بعد ذلك للطائر سبعون لسانا تستغفر لصاحبه إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة جاء ذلك الطائر يكون قائده ودليله إلى الجنة ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله إلا قال الله تعالى صدق عبدي أنا الله لا إله إلا أنا أشهدكم يا ملائكتي قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) . أي من الصغائر ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله خالصا ) أي من الرياء مثلا ( مخلصا ) أي من المنهيات ( دخل الجنة ) أي مع السابقين ، وأخرج الحكيم عن زيد بن الأرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل : يا رسول الله وما إخلاصها ؟ قال : أن تحجزه عن المحارم ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : من كان أول كلامه لا إله إلا الله وآخر كلامه لا إله إلا الله وعمل ألف سيئة ) أي ذنب صغير ( إن عاش ألف سنة لا يسأله الله عن ذنب واحد ) وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال لسيدنا زيد الأنصاري : فإن صعب لك شيء من أمور الدينا فأكثر من قول لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله من غير عجب ) بفتح العين والجيم أي حال كون القائل من غير تعجب بما رآه أو سمعه ( طار بها ) أي بسبب ذكر هذه الكلمة المشرفة ( طائر تحت العرش يسبح مع المسبحين إلى يوم القيامة ويكتب له ) أي لقائلها ( ثوابه ) أي تسبيح ذلك الطائر ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله مرة غفر له ذنوبه ) أي الصغائر ( وإن كانت ) أي تلك الذنوب ( مثل زبد البحر ) بفتح الزاي والباء أي مائه أو ما يعلو وجهه من رغوة وعيدان ونحوهما ، والأول أولى لأن المراد كناية عن المبالغة في الكثرة كما قاله عطية الأجهوري ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا مر المؤمن على المقابر فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت . بيده الخير وهو على كل شيء قدير نور الله تلك القبور كلها وغفر لقائلها وكتب له ) أي للقائل ( ألف ألف حسنة ورفع له ألف ألف درجة وحط ) أي أسقط ( عنه ألف ألف سيئة ) أي من الصغائر وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، ورفع بها صوته كتب الله له ألف ألففحسنة ، ومحا عنه ألف ألف سيئة ، ورفع له ألف ألف درجة ) . |
صفحہ 11
1 ( الباب الثالث في فضيلة بسم الله الرحمن الرحيم ) 1
عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : لما نزل بسم الله الرحمن الرحيم هرب
صفحہ 12
الغيم إلى المشرق ، وسكنت الرياح ، وهاج البحر ، وأصغت البهائم بآذانها ، ورجمت الشياطين من السماء ، وحلف الله عز وجل بعزته لا يسمى اسمه على سقم إلا شفاه ، ولا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه ، ومن قرأ بسم الله الرحمن الرحيم دخل الجنة ، ذكره سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني . ( وقال صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يقول بسم الله الرحمن الرحيم إلا ذاب الشيطان كما يذوب الرصاص ) بفتح الراء . ( على النار ) قال ابن مسعود شيطان المؤمن مهزول . وقال قيس بن الحجاج قال لي شيطاني دخلت فيك وأنا مثل الجزور ، وأنا الآن مثل العصفور قلت : ولم ذلك ؟ قال : تذيبني بذكر الله تعالى . ( وقال صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يقول بسم الله الرحمن الرحيم إلا أمر الله تعالى الكرام ) أي على الله تعالى ( الكاتبين ) أي أعمال الناس ( أن يكتبوا في ديوانه ) أي صحائفه ( أربعمائة حسنة . وقال صلى الله عليه وسلم : من قال بسم الله الرحمن الرحيم مرة لم يبق من ذنوبه ) أي الصغائر ( ذرة ) وذكر أن بشرا الحافي رأى رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم وكان معه ثلاثة دراهم فأخذ بها طيبا وطيبها ، فنودي في سره كما طيبت اسمنا لنطيبن اسمك ( وقال صلى الله عليه وسلم : من كتب بسم الله فجود تعظيما لله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) . وفي رواية للخطيب البغدادي وابن عساكر عن زيد بن ثابت إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه ، أي إذا أردت كتابة ذلك فأظهر السين ووضح سننها إجلالا لاسم الله تعالى ( وقال صلى الله عليه وسلم إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم ) أي إذا أراد أن يكتبها ( فليمد الرحمن ) أي حروفه بأن يمد اللام والميم ويجوف النون ويتأنق ، أي يحسن في ذلك رواه الخطيب والديلمي عن أنس بن مالك ( وقال صلى الله عليه وسلم إن الله سبحانه وتعالى زين السماء بالكواكب ) وهي الشمس والقمر والنجوم ( وزين الملائكة بجبريل ) فهو نقيب الملائكة ( وزين الجنة بالحور والقصور ، وزين الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وزين الأيام بيوم الجمعة ، وزين الليالي بليلة القدر ، وزين الشهور بشهر رمضان ، وزين المساجد بالكعبة ، وزين الكتب بالقرآن ، وزين القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم ) هذه عشرة أشياء مزينة بعشرة أشياء ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال بسم الله الرحمن الرحيم كتب اسمه من الأبرار ) أي الصادقين ( وبرىء من الكفر والنفاق ) . وعن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإنها تسعة عشر حرفا ليجعل الله تعالى كل حرف منها جنة من واحد منهم . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال بسم الله الرحمن الرحيم غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) والمراد الصغائر ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا قمتم ) أي من المجلس أي مجلس كان ( فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم فإن الناس إذا اغتابوكم يمنعهم الملك عن ذلك . وقال صلى الله عليه وسلم : إذا جلستم مجلسا ) أي مجلس كان ( فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم فإن من فعل ذلك وكل الله به ملكا يمنعهم من الغيبة حتى لا يغتابوكم ) وقد نظم بعض أهل العلم رضي الله عنه المسائل التي تسن التسمية فيها فقال : | وتسمية الرحمن جل جلاله | لنا شرعت فاحرص عليها وأوصل | كذي الأكل والشرب اللذين تجملا | وغسل بها حال الطهور لغاسل | وعند ركوب جاز في الشرع فعله | على البر أو في البحر ثم لداخل | إلى مسجد أو بيته وللبسه | ونزع وإغلاق لباب المنازل | وإطفاء مصباح ووطء حليلة | له وصعود منبر خير حامل | وتغميض ميت ثم في اللحد جعله | خروج من المرحاض ثم لداخل | وعند ابتداء للطواف بكعبة | لها شرف الرحمن تشريف عادل | وعند وضوء ثم عند تيمم | ونحر فواظب كالحبيب المواصل | وبعد صلاة الله ثم سلامه | على المصطفى المختار خير الأفاضل |
1 ( الباب الرابع في فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) 1
قال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : صلى الله عشرا لمن
صفحہ 13
صلى عليك مرة واحدة هل ذلك لمن كان حاضر القلب ؟ قال : ( لا ، بل لكل مصل غافل ، ويعطيه الله أمثال الجبال ، والملائكة تدعو له وتستغفر له ، وأما إذا كان حاضر القلب وقت الصلاة علي ، فلا يعلم قدر ذلك إلا الله تعالى ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا ) رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ) كذا ذكر النووي في الأذكار ، أي وكلما زاد زاده بتلك النسبة ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى علي ألف مرة لم يمت حتى يبشر له بالجنة ) وفي رواية : من صلى علي ألف مرة بشر بالجنة قبل موته . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا ، ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه بها مائة ، ومن صلى علي مائة صلى الله عليه بها ألفا ، ومن صلى علي ألفا لم تمسه النار ) أي نار جهنم وفي رواية لم يعذبه الله بالنار ، وفي رواية الطبراني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا ، ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة ، ومن صلى علي مائة كتب الله له براءة من النفاق وبراءة من النار ، وأسكنه يوم القيامة مع الشهداء ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة ) أراد النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيان الترك عمدا ، فإذا كان التارك يخطىء طريق الجنة كان المصلى عليه سالكا إلى الجنة فقد روي عن أبي هريرة أنه قال : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الطريق إلى الجنة كذا ذكر السملاوي . ( وقال صلى الله عليه وسلم : إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة ) أي أقربهم مني في القيامة ، وأحقهم بشفاعتي أكثرهم علي صلاة في الدنيا ، لأن كثرة الصلاة عليه تدل على صدق المحبة وكمال الوصلة ، فتكون منازلهم في الآخرة منه بحسب تفاوتهم في ذلك رواه البخاري والترمذي وابن حبان عن ابن مسعود بأسانيد صحيحة . ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلاتكم علي محاقة ) أي إذهاب لذنوبكم كما يمحق الماء النار كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمحى للذنوب من الماء لسواد اللوح ( وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى علي في كل جمعة أربعين مرة محا الله ذنوبه كلها ) وعن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال : كنت واقفا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( من صلى علي في كل جمعة ثمانين مرة غفر الله تعالى له ذنوب ثمانين سنة ) ، قلت : يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( تقول اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وتعقد واحدة ) . ذكر ذلك سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني . ( وقال صلى الله عليه وسلم : ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتى يصلي علي ، فإذا صلى علي انخرق ذلك الحجاب ورفع الدعاء ) . | وفي لفظ عن علي قال : ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا صلى تخرق الحجاب فاستجيب ، وإن لم يصل عليه لم يستجب الدعاء رواه الحسن بن عرفة . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى علي في يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين منها لآخرته وثلاثين منها لدنياه ) رواه ابن النجار عن جابر . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه وملائكته عشرين مرة ولم يمت حتى يبشر بالجنة ) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ( من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة فليقل من ذلك أو ليكثر ) رواه الإمام أحمد بإسناد حسن موقوف . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( جاءني جبريل عليه السلام وقال : يا رسول الله لا يصلي عليك أحد إلا ويصلي عليه سبعون ألفا من الملائكة ) . وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى علي صلت عليه الملائكة ، ومن صلت عليه الملائكة صلى الله عليه ، من صلى الله عليه لم يبق شيء في السموات ولا في الأرض إلا صلى عليه ) . قال بعض الصوفية : كان لي جار مسرف على نفسه لا يعرف يومه من أمسه من تعمقه في السكر ، وكنت أعظه فلم يقبل ، وأمرته بالتوبة فلم يفعل ، فلما مات رأيته في المنام وهو في أرفع مقام وعليه حلة خضراء من حلل الجنة لباس الإعزاز والإكرام فقلت له : بم نلت هذه المرتبة العظيمة ؟ قال : حضرت يوما مجلس الذكر ، فسمعت العالم يقول من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ورفع صوته وجبت له الجنة ، ثم رفع العالم صوته بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورفعت صوتي ورفع القوم أصواتهم فغفر لنا جميعا في ذلك اليوم فكان نصيبي من المغفرة والرحمة أن جاد علي بهذه النعمة . |
1 ( الباب الخامس في فضيلة الإيمان ) 1
وهو في اللغة تصديق القلب المتضمن للعلم بالمصدق به ، وهو في الشريعة
صفحہ 15
التصديق ، وهو العلم بالله وصفاته مع جميع الطاعات الواجبات منها والنوافل ، واجتناب الزلات والمعاصي ، ويجوز أن يقال : الإيمان هو الدين والشريعة والملة ، لأن الدين هو ما يدان به من الطاعات مع اجتناب المحظورات والمحرمات ، وذلك هو صفة الإيمان . وأما الإسلام فهو من جملة الإيمان ، وكل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيمانا ، لأن الإسلام هو بمعنى الاستسلام والانقياد ، فكل مؤمن مستسلم منقاد لله تعالى ، وليس كل مسلم مؤمنا بالله ، لأنه قد يسلم مخافة السيف ، فالإيمان اسم يتناول مسميات كثيرة أقوالا وأفعالا ، فيعم جميع الطاعات ، والإسلام عبارة عن الشهادتين مع طمأنينة القلب والعبادات الخمس كذا قاله سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : الإيمان معرفة ) وفي رواية لابن ماجه أيضا يدل ذلك عقد ( بالقلب وقول باللسان ) وهو النطق بالشهادتين كما قاله القسطلاني ( وعمل بالأركان ) والمراد أن الأعمال شرط في كمال الإيمان ، وأن الإقرار اللساني يعرب عن التصديق النفساني كذا قاله العزيزي نقلا عن ابن حجر رواه ابن ماجه والطبراني عن علي ، وهو حديث ضعيف . ( وقال صلى الله عليه وسلم : الإيمان عريان ولباسه التقوى ) وهي تنزيه القلب عن الذنوب ( وزينته الحياء ) أي من الله تعالى في إتيان نهيه ( وثمرته العلم ) أي من العمل ( وقال صلى الله عليه وسلم : لا إيمان لمن لا أمانة له ) أي فإن المؤمن من أمنه الخلق على أنفسهم وأموالهم ، فمن خان وجار فليس بمؤمن . | وأراد صلى الله عليه وسلم نفي الكمال لا الحقيقة رواه أحمد وابن حبان عن أنس . ( وقال صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم ) إيمانا كاملا ( حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس قال إبراهيم الشبرخيتي : ووقع في رواية الإسماعيلي حتى يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه من الخير ، والظاهر أن التعبير بالأخ المسلم جرى على الغالب ، لأنه ينبغي لكل مسلم أن يحب للكافر الإسلام ، وما يتفرع عليه من الكمالات وقال النووي في شرح الأربعين وابن العماد : الأول أن يحمل ذلك على عموم الإخوة حتى يشمل الكافر والمسلم ، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام ، ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحبا ( وقال صلى الله عليه وسلم : الإيمان في صدر المؤمن ، ولا يتم الإيمان إلا بتمام الفرائض والسنن ) أي بأدائهما تأمين ( ولا يفسد الإيمان إلا بجحود الفرائض والسنن ) أي بإنكارهما ( فمن نقص فريضة ) أي واحدة ( بغير جحود ) أي إنكار بفرضيتها ( عوقب عليها ) أي على ترك تلك الفريضة ، أما إذا ترك فريضة مع إنكار وجوبها فقد كفر ( ومن أتم الفرائض ) بأن أداها تامة ( وجبت له الجنة ) ثم إذا أتم السنن فقد زاد في مرتبته في الجنة والله أعلم . ( وقال صلى الله عليه وسلم : الإيمان لا يزيد ولا ينقص ولكن له حد ، أي تعريف بذكر أفراد فروع الإيمان ، فإن نقص في حده ) أي فإن نقص الإيمان فالنقص في حده لا في نفس الإيمان ( وأصله ) أي أصل حد الإيمان ( شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ) والشهادة إخبار الشخص بحق على غيره بلفظ خاص . وأركانها خمسة : شاهد ومشهود له ومشهود عليه ومشهود به ، وصيغة ، فالشاهد هو المسلم ، والمشهود له هو الله سبحانه وتعالى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود عليه هو المشرك بالله والمنكر لرسالة سيدنا محمد ، والمشهود به ثبوت الألوهية والوحدانية لله سبحانه وتعالى ، وثبوت الرسالة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، والصيغة هي لفظ أشهد أو ترجمته لا غير . ( وإقام الصلاة ) أي الإتيان بها بأركانها وشروطها ( وإيتاء الزكاة ) أي إعطاؤها إلى أهلها بإخراج جزء من المال على وجه مخصوص ( وصوم رمضان ) أي إمساك طاهر من الحيض والنفاس عن شهوة الفم والفرج ، وما يقوم مقامهما كالأنف واللمس المؤدي للفطر في جميع نهار رمضان بنية قبل الفجر ( والحج ) لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من لم تحبسه حاجة ، أي من مرض وظالم ، ولم يحج وله جمع ، أي مال ، فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا ) ( وغسل الجنابة فمن زاد في حده ) أي الإيمان ( زادت حسناته ومن نقص فيه ففيه ) أي من نقص في حد الإيمان ، فالنقص في حده قال السيوطي في النقابة : والمؤمن الكامل في إيمانه من كملت فيه شعب الإيمان ، ومن نقصت واحدة منها نقص في إيمانه بحسبها ، وقد أجمع السلف على أن الإيمان يزيد وينقص ، وزيادته بالطاعات ونقصانه بالمعاصي ، وشعب الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون ، كما رواه الشيخان . أو ست وسبعون أو سبع وسبعون كما في الحديث الذي رواه أبو عوانة ، أو أربع وستون كما رواه الترمذي . وقال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : ونعتقد أن الإيمان قول باللسان ، ومعرفة بالجنان ، وعمل بالأركان يزيد بالطاعة ، وينقص بالعصيان ، ويقوى بالعلم ويضعف بالجهل ، وبالتوفيق يقع كما روي عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي الدرداء أنهم قالوا : الإيمان يزيد وينقص ، وزيادة الإيمان إنما تكون بعد التحقق بأداء الأوامر وانتهاء النواهي ، وبالتسليم في القدر وترك الاعتراض على الله عز وجل في فعله في جميع خلقه ، وترك الشك في وعده في الرزق وبالتوكل عليه والخروج من الحول والقوة والصبر على البلاء والشكر على النعماء والتنزيه للحق ، وترك التهمة له في سائر الأحوال ، وأما بمجرد الصلاة والصيام ، فلا يزيد الإيمان انتهى . | وقال الغزالي والعمل ليس من أجزاء الإيمان وأركان وجوده ، بل هو مزيد عليه يزيد به ، والزائد موجود والناقص موجود والشيء لا يزيد بذاته ، فلا يجوز أن يقال الإنسان يزيد برأسه ، بل يقال : يزيد بلحيته وسمنه ، ولا يجوز أن يقال الصلاة تزيد بالركوع والسجود ، بل تزيد بالآداب والسنن ، فهذا تصريح بأن الإيمان له وجود ، ثم بعد الوجود يختلف حاله بالزيادة والنقصان ( وقال صلى الله عليه وسلم : الإيمان نصفان فنصف في الصبر ) أي عن المحارم ( ونصف في الشكر ) أي العمل بالطاعات رواه البيهقي عن أنس . ( وقال صلى الله عليه وسلم الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن ) رواه البخاري وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة ، والإمام أحمد عن الزبير وعن معاوية أي الإيمان يمنع من الفتك الذي هو القتل بعد الأمان غدرا . قوله لا يفتك مؤمن خبر بمعنى النهي ، أي لا يفتك كامل الإيمان والفتك أن يأتي الرجل صاحبه ، وهو غافل فيشد عليه فيقتله وأما الغيلة فهو أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي ( وقال صلى الله عليه وسلم : خلق الله الإيمان وحقه ) أي زينه ( ومدحه بالسماحة والحياء وخلق الله الكفر وذمه بالبخل والجفاء ) أي العقوق ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، أمر الله تعالى بأن يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ) أي زيادة على أصل التوحيد كما قاله القسطلاني . وفي حديث البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، ثم يقول الله تعالى أي للملائكة أخرجوا ، أي من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، أي زيادة على أصل التوحيد ، فيخرجون منها قد اسودوا ، فيلقون في نهر الحيا بالقصر أي المطر أو الحياة بالمثناة آخره ، وهو النهر الذي من غمس فيه حيي ، فينبتون كما تنبت الحبة بكسر الحاء ، أي البقلة الحمقاء في جانب السيل ) . |
1 ( الباب السادس في فضيلة الوضوء ) 1
روي عن الضحاك عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى
صفحہ 17
الله عليه وسلم : ( ما من عبد ولا امرأة توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قرأ بعده إنا أنزلناه في ليلة القدر إلى آخرها إلا أعطاه الله تعالى بكل حرف منها مائة درجة ، وخلق الله تعالى من كل قطرة قطرت من وضوئه ملكا يستغفر له إلى يوم القيامة ، كذا في رياض الصالحين ) ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : من توضأ للصلاة فأحسن الوضوء ) بأن راعى شروطه وفروضه وآدابه . ( ثم قام إلى الصلاة فإنه يخرج من خطيئته كيوم ولدته أمه ) أي فإنه لم يبق منه شيء من ذنوبه الصغيرة ، كأنه في يوم خروجه من بطن أمه قوله : كيوم مبني على الفتح لإضافته إلى فعل مبني ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من توضأ للصلاة وصلى كفر الله ذنوبه ) والمراد الصغائر ( ما بينه وبين الصلاة الأخرى التي تليها وقال صلى الله عليه وسلم : من نام على وضوء فأدركه الموت في تلك الليلة فهو عند الله شهيد ) وفي الإحياء قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا نام العبد على طهارة عرج بروحه إلى العرش فكانت رؤياه صادقة ، وإن لم ينم على طهارة قصرت روحه عن البلوغ ، فتلك المنامات أضغاث أحلام لا تصدق ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : النائم الطاهر كالصائم القائم ) أي المصلي في الليل ، أي في حصول الأجر ، وإن اختلف المقدار رواه الحكيم الترمذي عن عمر بن حريث . وإسناده ضعيف كذا في السراج المنير ( وقال صلى الله عليه وسلم : من توضأ على طهر ) أي جدد وضوءه ، وهو على طهر الوضوء الذي صلى به فرضا أو نفلا ، فإن لم يصل بالوضوء الأول صلاة ما ، فلا يستحب تجديد الوضوء ( كتب له ) بالبناء للمفعول ( عشر حسنات ) أي بالوضوء المجدد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر قال الترمذي : إسناده ضعيف قوله كتب له عشر حسنات : قال بعضهم : يشبه أن يكون المراد كتب الله به عشر وضوءات ، فإن أقل ما وعد به الله من الأضعاف الحسنة بعشرة أمثالها ، وقد وعد الله بالواحد سبعمائة ووعد ثوابا بغير حساب ، وقد يؤخذ من قوله توضأ أن الغسل لا تجديد فيه كالتيمم وهو الأصح ( وقال صلى الله عليه وسلم : لا صلاة ) صحيحة ( لمن لا وضوء له ولا وضوء ) كاملا ( لمن لم يذكر اسم الله عليه ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة وابن ماجه عن سعيد بن زيد . ( وقال صلى الله عليه وسلم : الوضوء شطر الإيمان ) رواه ابن أبي شيبة عن حسان بن عطية ، وفي رواية لغيره الطهور بضم الطاء شطر الإيمان ، أي وذلك لأن الإيمان يطهر نجاسة الباطن والوضوء يطهر نجاسة الظاهر ( وقال صلى الله عليه وسلم : صبغة الوضوء ) بكسر الصاد وسكون الموحدة ثم الغين أي أصل الوضوء ( مرة ) أي واحدة في كل عضو ( فمن توضأ مرتين كان له كفلان ) بكسر الكاف أي ضعفان ( من الأجر ومن توضأ ثلاثا فهو ) أي الوضوء المكرر ثلاثا ( وضوء الأنبياء من قبلي ) وفي الأحياء : وتوضأ صلى الله عليه وسلم مرة مرة وقال : ( هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ، وتوضأ مرتين مرتين وقال : من توضأ مرتين مرتين آتاه الله أجره مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ، ووضوء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة أحدكم ) والمراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة ، وهو الإجزاء وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة ، ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبر عنه بالقبول مجازا ، وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا لم تقبل له صلاة ، فهي الحقيقي لأنه قد يصح العمل ، ويختلف القبول لمانع كذا في السراج المنير ، وفي لفظ لا تصح صلاة أحدكم ( إذا أحدث حتى يتوضأ ) أي بالماء أو ما يقوم مقامه رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ، وابن ماجه عن أبي هريرة ( وقال صلى الله عليه وسلم : الوضوء على الوضوء نور على نور ) أي تجديد الوضوء حسنة على حسنة قال ابن حجر : هو مسند رزين رحمه الله ، ولم يطلع عليه المنذري كذا في البدر المنير للشيخ عبد الوهاب بن أحمد الأنصاري . وفي الأحياء قال صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين لم يحدث نفسه فيهما بشيء من الدنيا ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ، وفي لفظ آخر : ( ولم يسفه فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه ) . |
1 ( الباب السابع في فضيلة السواك ) 1
أي الخلال روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
صفحہ 18
وسلم قال : ( الطهارات أربع : قص الشارب ، وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ، والسواك ) رواه البزار والطبراني عن أبي الدرداء ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : ركعتان ) أي صلاة ركعتين ( بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك ) رواه الدارقطني عن أم الدرداء وإسناده حسن ، أي لما فيه من الفوائد التي منها طيب رائحة الفم ، وتذكر الشهادة عند الموت ، قال المناوي : لا دليل في هذا الحديث على أفضلية السواك على الجماعة التي هي بسبع وعشرين درجة ، لأن الدرجة متفاوتة المقدار ( وقال صلى الله عليه وسلم : تسوكوا فإن السواك مطهرة ) بفتح الميم أفصح من كسرها مصدر بمعنى اسم الفاعل أي مطهر ( للفم ) أو بمعنى الآلة : أي آلة تنظفه كما أفاده العزيزي ( مرضاة للرب ) رواه ابن ماجه ، وهو بفتح الميم بمعنى اسم الفاعل ، أي مرض للرب . قال العلقمي : سئل ابن هشام عن هذا الحديث كيف أخبر عن المذكر بالمؤنث ، فأجاب ليست التاء في مطهرة للتأنيث ، وإنما هي مفعلة الدالة على الكثرة ، كقوله الولد مبخلة مجبنة ، أي محل لتحصيل البخل والجبن لأبيه بكثرة ( وقال صلى الله عليه وسلم : ستة من سنن المرسلين ) وفي لفظ من سنن الأنبياء ، أي من طريقتهم أي من طريقة غالبهم ( الحياء ) بمثناة تحتية والمد وهو تغير يعتري الإنسان من كل عمل لا يحسن شرعا ( والحلم ) أي سعة الصدر والتحمل ( والحجامة والسواك ) أي استعماله ويحصل بكل خشن وأولاه الأراك ( والتعطر ) أي استعمال الطيب ، لأن حظ الملائكة من البشر الريح الطيب وهم مخالطون للرسل ( وكثرة الأزواج ) أي بالجمع لأنه لا يخاف عليهم الجور للنساء . وقال المناوي : والصواب كما قاله جماعة بدل الحياء الختان بخاء معجمة ومثناة فوقية ونون ، والمراد أن هذه الخصال من سنن غالب الرسل من البشر ، وإلا فنوح لم يختن ، وعيسى لم يتزوج ( وقال صلى الله عليه وسلم : ثلاثة واجبة على كل مسلم ) أي فعلهن مندوب ندبا مؤكدا عليه ( الغسل يوم الجمعة والسواك ومس الطيب ) أي يوم الجمعة ، وإن كان ذلك مطلوبا في غيره أيضا ، وروي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث هن علي فريضة ، وهن لكم سنة السواك والوتر وقيام الليل ) . ( وقال صلى الله عليه وسلم : طيبوا أفواهكم ) أي بإزالة الرائحة الكريهة منها ( بالسواك فإنه طريق القرآن ) وفي حديث رواه الطبراني عن ابن مسعود بإسناد حسن ، تخللوا فإنه نظافة ، والنظافة تدعو إلى الإيمان ، والإيمان مع صاحبه ، أي في الجنة والمعنى : أخرجوا ما بين الأسنان من الطعام بالخلال ، فإن ذلك نظافة للفم والأسنان ، وفي رواية ، فإنه مصحة للناب والنواجذ ( وقال صلى الله عليه وسلم : رحم الله المتخللين من أمتي في الوضوء ) أي والغسل أي في شعورهم ( والطعام ) أي من آثار الطعام بإخراج ما بقي منه بين الأسنان ، وفي هذا الحديث ندب تخليل الشعور في الطهارة ، وتخليل الأسنان من آثار الطعام ، دعا صلى الله عليه وسلم لهم بالرحمة لاحتياطهم في العبادة ، فيتأكد الاعتناء به للدخول في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه القضاعي عن أبي أيوب الأنصاري ، وهو حديث حسن ( وقال صلى الله عليه وسلم : لا تتخللوا بالآس ) بمد الهمزة هو شجر عطر الرائحة ( والريحان ) وهو كل نبات طيب الريح ، ولكن إذا أطلق عند العامة انصرف إلى نبات مخصوص ( والقصب ) بفتحتين كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا ( فإنه ) أي التخلل بذلك المذكور ( يورث الإكلة ) بكسر الهمزة ، أي الحكة حتى تتساقط الأسنان ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلاة بسواك خير من سبعين صلاة ) أي من صلوات كثيرة ( بغير سواك ) رواه البيهقي وغيره وصححه الحاكم ، فالسبعون للتكثير لا للتحديد كما أفاده العزيزي ( وقال صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خشيت أن يدردن ) بفتح الراء والنون المثقلة ( أسناني ) أي أن تسقط أسناني ، وفي لفظ وأوصاني جبريل بالسواك حتى خشيت لأدردن ، وفي لفظ آخر أمرني بالسواك حتى خفت لأدردن ، أي حتى ظننت سقوط أسناني ( وقال صلى الله عليه وسلم : أمرت ) بالبناء للمفعول ( بالسواك حتى خفت على أسناني ) رواه الطبراني عن ابن عباس . |
1 ( الباب الثامن في فضيلة الأذان ) 1
وقيل في تفسير قوله عز وجل : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل
صفحہ 20
صالحا } [ فصلت : 33 ] نزلت هذه الآية في المؤذنين ( قال صلى الله عليه وسلم : من أذن للصلاة سبع سنين محتسبا ) أي من غير أجرة ( كتب الله له براءة من النار ) رواه الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس ( وقال صلى الله عليه وسلم : من أذن ثنتي عشرة سنة ) أي محتسبا ( وجبت له الجنة ) رواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر . | وحكمة ذلك أن أكثر ما يعمر الإنسان من أمة النبي صلى الله عليه وسلم مائة وعشرون سنة ، والاثنتا عشرة هذه عشر هذا العمر ، ومن سنة الله أن العشر يقوم مقام الكل كما قال الله تعالى : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } [ الأنعام : 061 ] وأما حديث من أذن سبع سنين ، فإنها عشر العمر الغالب كذا قال بعض المحدثين . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من أذن خمس صلوات إيمانا ) أي تصديقا بأن الأذان من أمور الشريعة ( واحتسابا ) أي طلبا للأجر من الله تعالى ( غفر له ) بالبناء للمفعول ( ما تقدم من ذنبه ) أي من الصغائر رواه البيهقي عن أبي هريرة بإسناد ضعيف . والخمس صادقة بأن تكون من يوم وليلة أو من أيام ( وقال صلى الله عليه وسلم : ثلاثة يعصمهم الله تعالى من عذاب القبر الشهيد ) وهو يصدق على شهيد الآخرة فقط كمن قتل ظلما ، ولو بحسب الهيئة كمن استحق القتل بقطع الرأس ، فقتل بالتوسط مثلا ، ومن مات بغرق وإن عصى فيه ، بنحو شرب خمر بخلاف من غرق بسير سفينة في وقت هيجان الريح ، فليس بشهيد ، ومن مات بهدم أو حريق ، ومن مات غريبا وإن عصى بغربته كآبق وناشزة ، ومن مات في طلب العلم ولو على فراشه ، ومن مات مبطونا ، ومن مات بالطاعون ولو في غير زمنه أو بغيره في زمنه أو بعده حيث كان صابرا محتسبا ، ومن مات عشقا بشرط الكف عن المحارم حتى عن النظر ، بحيث لو اختلى بمحبوبه لم يتجاوز الشرع ، وبشرط الكتمان حتى عن معشوقه ، وكالمرأة التي ماتت طلقا ، ولو من زنى إذا لم تتسبب في إسقاط الولد وكذا من مات فجأة أو في دار الحرب قاله ابن الرفعة . ومعنى الشهادة لهم أنهم أحياء عند ربهم يرزقون كما قاله الحصني ويصدق أيضا على شهيد الدنيا والآخرة معا ، وهو من مات بسبب من أسباب قتال المشركين لإعلاء دين الله لا لرياء وسمعة بخلاف شهيد الدنيا فقط ، فلا يدخل في هذا الحكم وهو من مات في قتال الكفار مدبرا على وجه غير مرضي شرعا ، أو مات بقتالهم رياء وسمعة . ( والمؤذن ) أي لوجه الله تعالى لا لطلب أجر من أحد ( والمتوفى ) بفتح الفاء ( يوم الجمعة وليلة الجمعة ) قال بعضهم : فمن مات من المؤمنين يوم الجمعة أو ليلته إن عذب كان عذابه ساعة واحدة ، ثم ينقطع ولا يعود إلى يوم القيامة ، وكذلك ضغطة القبر والله أعلم . ( وقال صلى الله عليه وسلم : لو يعلم الناس ) وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم ( ما في النداء ) أي التأذين ( والصف الأول ) أي من الفضل ( ثم لم يجدوا ) وفي رواية لا يجدوا بلا النافية ، وبحذف نون الرفع ، وهو ثابت لغة ( إلا أن يستهموا ) بتخفيف الميم ( عليه ) أي المذكور من الأذان والصف الأول ( لاستهموا ) والمعنى لو علموا فضيلة الأذان ، والصف الأول وعظيم جزائهما ، ثم لا يجدون طريقا يحصلونهما به لضيق الوقت ، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيلهما ( ولو يعلمون ما في التهجير ) أي التبكير بأي صلاة كان ولا يعارضه أمر الإبراد للظهر ، لأنه تأخير قليل ( لاستبقوا إليه ) أي التهجير ( ولو يعلمون ما في العتمة والصبح ) أي ما في صلاة العشاء والصبح في جماعة من الثواب ( لأتوهما ولو حبوا ) بفتح الحاء وسكون الموحدة ، أي ولو كان الإتيان مشيا على الركب واليدين رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود عن أبي هريرة ( وقال صلى الله عليه وسلم : من سمع النداء ) أي الأذان ( فقبل إبهاميه ) أي بالفم ( فوضع ) أي الإبهامين ( على عينيه وقال مرحبا بذكر الله تعالى قرة أعيننا بك يا رسول الله ، فأنا شفيعه يوم القيامة وقائده إلى الجنة وقال صلى الله عليه وسلم : إذا كان ) أي جاء ( وقت الأذان فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء وإذا كان وقت الإقامة لم ترد دعوته ) قال النووي في الأذكار روينا عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن السني وغيرهم . وزاد الترمذي في روايته قالوا : فماذا نقول يا رسول الله ؟ قال : ( سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة ) اه . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال عند الأذان مرحبا بالقائلين عدلا ، مرحبا بالصلوات وأهلا ، كتب الله تعالى له ألف حسنة ، ومحا عنه ألف سيئة ، ورفع له ألف درجة وقال صلى الله عليه وسلم : من سمع الأذان ولم يقل مثل ما قال المؤذن فإنه يمنع من السجود يوم القيامة إذا سجد المؤذنون ) . | وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه . قال المناوي : إجابة المؤذن مندوب . وقيل واجب . قوله ما يقول ، ولم يقل مثال ما قال الماضي ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة ، ولم يقل مثل ما تسمعون إيماء إلى أنه يجيبه في الترجيع ، أي وإن لم يسمع . قوله مثل ما يقول المؤذن ظاهره أنه يقول مثل قوله في جميع الكلمات ، لكن وردت أحاديث باستثناء حي على الصلاة وحي على الفلاح ، وأنه يقول بينهما لا حول ولا قوة إلا بالله ، وهذا هو المشهور عند الجمهور ، وعند الحنابلة وجه أنه يجمع بين الحيعلة والحوقلة . وقال الأذرعي : وقد يقال الأولى أن يقولهما كذا قاله العزيزي نقلا عن العلقمي ، ثم قال العزيزي قلت ، وهو الأولى للخروج من خلاف من قال به من الحنابلة ، وأكثر الأحاديث على الإطلاق انتهى . وقال النووي في الأذكار إذا سمع المؤذن أو المقيم وهو يصلي لم يجبه في الصلاة ، فإذا سلم منها أجابه كما يجيبه من لا يصلي ، فلو أجابه في الصلاة كره ، ولم تبطل صلاته ، وهكذا إذا سمعه وهو على الخلاء لا يجيبه في الحال ، فإذا خرج أجابه فأما إذا كان يقرأ القرآن أو يسبح أو يقرأ حديثا أو علما آخر أو غير ذلك ، فإن يقطع جميع هذا ويجيب المؤذن ، ثم يعود إلى ما كان فيه ، لأن الإجابة تفوت ، وما هو فيه لا يفوت غالبا ، وحيث لم يتابعه حتى فرغ المؤذن يستحب أن يتدارك المتابعة ما لم يطل الفصل اه . ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ) أي أهل مملكته ( ومؤذن حافظ ) قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : ويجب على المؤذن الاحتراز عن اللحن في الشهادتين ، ويكون عارفا بالأوقات ، وأن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت إلا في الفجر خاصة ، ويحتسب بأذانه وجه الله تعالى ، ولا يأخذ على أذانه جزاء ، ويستقبل القبلة بوجهه في التكبير والشهادتين ، ويولي وجهه يمينا وشمالا في الدعاء إلى الصلاة ، وإذا أذن لصلاة المغرب جلس بين الأذان والإقامة جلسة خفيفة ، ويكره له أن يؤذن وهو جنب أو محدث ( وقارىء القرآن يقرأ في كل ليلة مائتي آية ) قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني : ويستحب أن لا ينام حتى يقرأ ثلاثمائة آية ليدخل في زمرة العابدين ، ولا يكتب من الغافلين فليقرأ سورة الفرقان والشعر ، فإن فيهما ثلاثمائة آية ، وإن لم يحسنهما قرأ سورة الواقعة ونون والحاقة وسورة الواقعة ، أي سأل سائل والمدثر ، فإن لم يحسنهن فليقرأ سورة الطارق إلى خاتمة القرآن ، فإنها ثلاثمائة آية ، فإن قرأ مقدار ألف آية كان أحسن ، وأكمل للفضل ، وكتب له قنطار من الأجر ، وكتب من القانتين وذلك من سورة { تبارك الذي بيده الملك } [ الملك : 1 ] إلى خاتمة القرآن ، فإن لم يحسنها فليقرأ مائتين وخمسين مرة { قل هو الله أحد } [ الإخلاص : 1 ] فإن مجموعها ألف آية أي وذلك مع البسملة ، وينبغي أن لا يدع قراءة أربع سور في كل ليلة { الم صلى الله عليه وسلم
1764 ; تنزيل السجدة } [ السجدة : 1 ] وسورة يس صلى الله عليه وسلم
1764 ; وحم صلى الله عليه وسلم
1764 ; الدخان وتبارك ، وإن قرأ معها سورة المزمل والواقعة كان أحسن . | كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ السجدة وتبارك الملك وفي خبر آخر حتى يقرأ سورة بني إسرائيل والزمر ، وفي خبر آخر حتى يقرأ المسبحات ، ويقال فيها آية أفضل من مائة ألف آية . |
1 ( الباب التاسع في فضيلة الجماعة ) 1
( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني حبيبي رسول الله صلى الله
صفحہ 22
عليه وسلم فقال لي : يا أبا هريرة صل الصلاة مع الجماعة ولو كنت جالسا ، فإن الله تعالى يعطيك بكل صلاة مع الجماعة ثواب خمس وعشرين صلاة في غير الجماعة ) كذا في رياض الصالحين ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرون درجة وفضل صلاة التطوع في البيت على فعلها في المسجد كفضل صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ) رواه ابن السكن عن ضمرة عن أبيه حبيب ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلاة الجماعة تفضل ) بفتح فسكون فضم ( صلاة الفذ ) بفتح الفاء وشد المعجمة ، أي تزيد على صلاة المنفرد ( بسبع وعشرين درجة ) أي مرتبة رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي عن ابن عمر بن الخطاب . ورواية الأكثر من الصحابة بخمس وعشرين درجة كما قال العزيزي ( وقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الصلوات عند الله تعالى صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة ) رواه أبو نعيم والطبراني عن ابن عمر ، فآكد الجماعات بعد الجمعة صبحها ، ثم صبح غيرها ثم العشاء ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب ، وإنما فضلوا جماعة الصبح فالعشاء لأنها فيهما أشق كذا أفاد العزيزي . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى صلاة الصبح في الجماعة ثم جلس يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس كان له ستر من النار وبرىء من النار وقال صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده خمسا وعشرين درجة ) هذا في الإقامة ( فإذا صلاها ) أي تلك الصلاة ( بأرض فلاة ) أي أرض لا ماء بها والمراد في جماعة ( فأتم وضوءها وركوعها وسجودها ) أي أتى بالثلاثة تامة الشروط والأركان والسنن ( بلغت صلاته خمسين درجة ) رواه أبو يعلى والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح ، السر في ذلك أن الجماعة لا تتأكد في حق المسافر لوجود المشقة . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من أدرك الجماعة أربعين يوما كتب الله له براءة من النار وبراءة من النفاق ) قال ابن حجر في فتح الجواد : وتسن المحافظة على إدراك تحرم الإمام لخبر منقطع ، وهو ما سقط من رواته واحد قبل الصحابي من صلى أربعين يوما في الجماعة يدرك التكبيرة الأولى ، كتب الله له براءتان : براءة من النار وبراءة من النفاق ( وقال صلى الله عليه وسلم : من صلى البردين ) بفتح الموحدة وسكون الراء ، أي صلاة الفجر والعصر سميا بردين ، لأنهما يصليان في بردي النهار ، وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر ( في الجماعة دخل الجنة بغير حساب ) قوله من صلى من شرطية ، وقوله : دخل جواب الشرط وعبر بالماضي لإرادة التأكيد في وقوعه بجعل ما سيقع كالواقع ( وقال صلى الله عليه وسلم : من شهد ) أي حضر ( صلاة الجماعة ) كتب الله تعالى له ذاهبا وراجعا عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ( وقال صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ) رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر وعن أبي هريرة ، وهذا الحديث محمول على الفريضة وما ألحق بها ، ففعلها في المسجد أفضل ، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل من فعله في المسجد ، كذا أفاد العزيزي ونظم ذلك العلامة منصور الطبلاوي من بحر الرجز فقال : | صلاة نفل في البيوت أفضل | إلا التي جماعة تحصل | وسنة الإحرام والطواف | ونفل جالس للاعتكاف | ونحو علمه الإحيا لبقعة | كذا الضحى ونفل يوم الجمعة | وخائف الفوات بالتأخر | وقادم ومنشىء للسفر | ولاستخارة وللقبلية | لمغرب وهكذا البعدية | وكل قبلية دخل في وقتها | ونذر نافلة كذا كأصلها | ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلاة الجماعة رحمة وهي خير من الدنيا وما فيها والجماعة رحمة ) أي لزوم جماعة المسلمين موصل إلى الرحمة أو سبب للرحمة ( والفرقة عذاب ) أي مفارقتهم ، والانفراد عنهم سبب للعذاب . |
صفحہ 23
1 ( الباب العاشر في فضيلة الجمعة ) 1
وروى العلاء عن أبيه عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن
صفحہ 24
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لم تطلع الشمس ولم تغرب علي أفضل من يوم الجمعة وما من دابة إلا وهي تفزع من يوم الجمعة إلا الثقلان الجن والإنس ، وعلى كل باب من أبواب المسجد ملكان يكتبان الناس ، الأول فالأول كرجل قرب بدنة ، وكرجل قرب بقرة ، وكرجل قرب شاة ، وكرجل قرب دجاجة ، وكرجل قرب بيضة ، فإذا قام الإمام طويت الصحف ) كذا في الغنية ( وقال صلى الله عليه وسلم : سيد الأيام يوم الجمعة ) أي هو من أفضل الأيام ، وفي الجامع الصغير سيد الأيام عند الله يوم الجمعة ، أعظم من يوم النحر والفطر ، وفيه خمس خلال في خلق الله آدم ، وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض ، وفيه توفي ، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها الله شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم ، وفيه تقوم الساعة وما من ملك مقرب ، ولا سماء ولا أرض ولا ريح ولا جبل ، ولا حجر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة ، أي والحال أن ذلك خائف من قيام القيامة فيه والحشر والحساب . | روى هذا الحديث الإمام الشافعي وأحمد والبخاري عن سعد بن عبادة سيد الأنصار ( وقال صلى الله عليه وسلم : من اغتسل يوم الجمعة كفرت عنه ذنوبه وخطاياه ) وهذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ( من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى ) رواه الحاكم عن قتادة ، والمراد الطهارة المعنوية . ( وقال صلى الله عليه وسلم : إن يوم الجمعة وليلتها أربعة وعشرون ساعة يعتق الله في كل ساعة منها ستمائة ألف عتيق من النار ) قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني ، وأخبرنا أبو نصر عن والده بإسناد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله تعالى يعتق ستمائة ألف عتيق من النار في كل يوم وليلة ، وليلة الجمعة ، ويوم الجمعة أربع وعشرون ساعة ، في كل ساعة ستمائة ألف عتيق من النار ، كلهم قد استوجبوا النار ) وفي لفظ آخر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله في كل يوم وليلة من أيام الدنيا ستمائة ألف عتيق من النار يعتقهم كلهم قد استوجبوا النار يوم القيامة ، وفي يوم ; لجمعة وليلة الجمعة أربع وعشرون ساعة ، ليس فيها ساعة إلا ولله عز وجل في كل ساعة ستمائة ألف عتيق من النار ، كلهم قد ; ستوجبوا النار ) . وقال الغزالي : وفي الخبر أن لله عز وجل في كل جمعة ستمائة ألف عتيق من النار وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الجحيم تسعر في كل يوم قبل الزوال عند استواء الشمس في كبد السماء فلا تصلوا ، في هذه الساعة إلا يوم الجمعة ، فإنه صلاة كله وإن جهنم لا تسعر فيه ) . ( وقال صلى الله عليه وسلم : من ترك الجمعة ) أي ممن تلزمه ( من غير عذر فليتصدق ) أي ندبا ( بدينار ) أي من ذهب ( فإن لم يجد فنصف دينار ) فإن ذلك كفارة الترك رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن سمرة بن جندب وهو حديث صحيح . وهو ما اتصل سنده بعدول ضابطين بلا شذوذ . | وروى البيهقي عن سمرة حديثا ضعيفا من ترك الجمعة بغير عذر ، فليتصدق بدرهم ، أي من فضة أو نصف درهم أو صاع أو مد ، والضعيف ما قصر عن درجة الحسن ( وقال صلى الله عليه وسلم : من ترك ثلاث جمع ) بضم ففتح ( تهاونا بها ) المراد بالتهاون الترك من غير عذر ( طبع الله على قلبه ) أي ختم الله عليه وغشاه ومنعه ألطافه رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن الجعد وإسناده حسن ( وقال صلى الله عليه وسلم : من ترك ثلاث جمعات ) بضم الجيم والميم أو فتحها أو سكونها ( من غير عذر كتب من المنافقين ) أي إن كان ممن تجب الجمعة عليه ، رواه الطبراني عن أسامة بن زيد ( وقال صلى الله عليه وسلم : من مات يوم الجمعة أو ليلتها رفع عنه عذاب القبر ) وفي الإحياء للغزالي قال صلى الله عليه وسلم : ( من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة كتب الله له أجر شهيد ووقي فتنة القبر ) أي وذلك بشرط الإيمان ( وقال صلى الله عليه وسلم : من قال يوم الجمعة لصاحبه والإمام يخطب ) الواو للحال ( أنصت ) أي اسكت مع الإصغاء الخطبة ( أو تكلم ) بكلام لا يتعلق به غرض مهم ناجز كإنذار من يقع في مهلكة ( أو عبث ) بكسر الباء ، أي عمل ما لا فائدة فيه ( أو أشار بيده أو برأسه فقد لغا ) أي أثم ( ومن لغا فلا جمعة له ) وقال ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذي يقول له أنصت ليست له جمعة ) رواه أحمد بإسناد لا بأس به وهو يفسر حديثا لأبي هريرة في الصحيحين مرفوعا إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة ، والإمام يخطب فقد لغوت انتهى . | وقال أبو بكر الحصني في كفاية الأخيار : هل يحرم الكلام وقت الخطبة ؟ فيه قولان : أحدهما ونص عليه الشافعي في القديم أنه يحرم ، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في أرجح الروايتين عنه : قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت ، فقد لغوت ) . واللغو الإثم والجديد أن الكلام ليس بحرام ، والإنصات سنة لما رواه الشيخان أن عثمان دخل وعمر يخطب فقال عمر : ما بال رجال يتأخرون عن النداء ؟ فقال عثمان : يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء إلا أن توضأت . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه رجل ، وهو يخطب يوم الجمعة فقال : متى الساعة ؟ فأومأ الناس إليه بالسكوت ، فلم يقبل وأعاد الكلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له بعد الثلاثة : ويحك ما أعددت لها ؟ قال : حب الله ورسوله . فقال : إنك مع من أحببت رواه البيهقي بإسناد صحيح . | وجه الدلالة أنه عليه الصلاة والسلام لم ينكر عليهم ذلك ، ولو كان حراما لأنكره اه . ومعنى اللغو الإتيان بما لا يليق . والمنفي بقوله صلى الله عليه وسلم فلا جمعة له كمال الجمعة لا صحتها ( وقال صلى الله عليه وسلم : غسل يوم الجمعة واجب ) ليس المراد أنه واجب فرضا بل هو مؤول : أي واجب في السنة أو في المروءة أو في الأخلاق الجميلة كما تقول العرب حقك واجب علي أي متأكد ، كما أفاده العزيزي نقلا عن بعضهم ( على كل محتلم ) أي بالغ أراد حضور الصلاة رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أدرك الجمعة فله عند الله أجر مائة شهيد ) وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا ) وقال الظهر رواه الدارقطني فأو للشك من الراوي . |
صفحہ 25
1 ( الباب الباب الحادي عشر في فضيلة المساجد ) 1
قال الله تعالى : { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه } [
صفحہ 26
النور : 3 ] وقال تعالى : { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } [ الحج : 23 ] وقال تعالى : { ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه } [ الحج : 03 ] وروينا عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما بنيت ; لمساجد لما بنيت له ) . رواه مسلم كذا في الأذكار . ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : المسجد بيت كل مؤمن ) رواه أبو نعيم عن سلمان بإسناد ضعيف ، لكن له شواهد أي فكل مسلم له فيه حق المأوى ، وفي رواية كل تقي لكن لا يشغله بغير ما بني له أفاد ذلك العزيزي ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم الرجل ملازم المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) أي اقطعوا له ، فإن الشهادة قول صدر على مواطأة القلب اللسان على سبيل القطع ، وفي رواية أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري ، إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان فإن الله يقول { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله } [ التوبة : 81 ] وهذا حديث صحيح وفي رواية يتعاهد المسجد ، والمراد باعتبار المساجد أن يكون قلبه معلقا بها منذ يخرج منها إلى أن يعود إليها ، ونقل بعضهم عن النووي ، أي أن يكون شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها ، وليس معناه دوام القعود فيها كذا أفاد العزيزي ( وقال صلى الله عليه وسلم : من تكلم بكلام الدنيا في المسجد أحبط الله عمله أربعين سنة ) قال ابن حجر الهيثمي في تنبيه الأخيار : وسن أن يقال لمن أنشد في المسجد شعرا غير مطلوب فض الله فاك ثلاث مرات ، ويندب تنزيه المسجد عن حديث الدنيا وخصومة ، ورفع صوت وشهر سلاح ويكره أن يتخذ منه محلا مخصوصا لا يصلى فيه غيره ، ويكره تدافع الإمامة ، بل يتقدم من له حق الإمامة . | وروى مسلم والترمذي والحاكم عن أبي هريرة خبر : إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا له لا أربح الله تجارتك ، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالته فقولوا له : لا ردها الله عليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا . قوله يبتاع : أي يشتري . قوله فقولوا : أي ندبا . قوله لا أربح إنه دعاء بالخسران قوله ينشد بفتح أوله وسكون ثانيه وضم الشين المعجمة ، أي يطلب ، وفي هذا الحديث النهي عن نشد الضالة في المسجد ورفع الصوت فيه للإجارة ونحوها من العقود . قال النووي نقلا عن بعض العلماء : يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره ، وأجاز أبو حنيفة ومحمد بن سلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس ، لأنه مجمعهم ولا بد لهم منه . ثم قال العزيزي نقلا عن شيخه ينبغي أن لا يكره رفع الصوت بالموعظة فيه ، وهذا الحديث شاهد له وخطبة الجمعة وغيرها من ذلك ، وكذا جميع ما يستحب فيه رفع الصوت كالأذان والإقامة والتلبية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتكبير في العيد . ( وقال صلى الله عليه وسلم : إن الملائكة يتكرهون من المتكلمين في المسجد بكلام اللغو ) أي بالكلام الباطل . ( والجور ) أي الكلام المائل عن الحق ( وقال صلى الله عليه وسلم : شر البقاع ) أي بقاع البلدان ، وفي رواية شر البلاد ( أسواقها ) لما يقع فيها من الغش والأيمان الكاذبة ( وخير البقاع مساجدها ) وفي رواية شر البلدان أسواقها وخير بقاعها المساجد رواه الحاكم عن جبير بن مطعم ، وهو حديث صحيح ، وفي رواية شر المجالس الأسواق والطرق وخير المجالس المساجد ، فإن لم تجلس في المسجد فالزم بيتك رواه الطبراني عن واثلة بإسناد حسن ، ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي قتادة وابن ماجه عن أبي هريرة قال العلقمي نقلا عن بعضهم : هذا العدد لا مفهوم لأكثره باتفاق ، واختلف في أقله والصحيح اعتباره ، فلا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين ، واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب . | ثم قال العزيزي وإذا جلس ناسيا أو ساهيا وقصر الفصل شرع له فعلها ، وتتكرر بتكرر الدخول ، ولو عن قرب ويكره أن يجلس من غير تحية بلا عذر ، وتحصل بفرض وورد وسنة لا بركعة وصلاة جنازة ، ويحرم بها قائما ولا يجلس فيها وهو ما اختاره الزركشي . وقال الإسنوي لو أحرم بها قائما ، ثم أراد الجلوس فالقياس عدم المنع ، وكذا الدميري والأول أوجه ( وقال صلى الله عليه وسلم ارتفعت المساجد شاكية من أهلها الذين يتكلمون فيها بكلام الدنيا ، فتستقبلها الملائكة فتقول ارجعي فقد بعثنا بهلاكهم . وقال صلى الله عليه وسلم : من أسرج سراجا في المسجد بقدر ما يدور في العين لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام ذلك الضوء في المسجد ( وقال صلى الله عليه وسلم : من بسط حصيرا ) وهو الخشن المنسوج المفروش ( في المسجد لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام ذلك الحصير في المسجد . وقال صلى الله عليه وسلم : من أخرج قذرة ) أي نجسا أو طاهرا ( من المسجد بقدر ما يدور في العين أخرجه الله تعالى من أعظم ذنوبه ) وفي رواية أن ذلك مهور الحور العين . وفي رواية : من أخرج أذى من المسجد بنى الله له بيتا في الجنة . ورواه ابن ماجه عن ابن سعيد بإسناد ضعيف . ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تجعلوا مساجدكم كالطرق ) وهذا الحديث ساقط في بعض النسخ . |
1 ( الباب الثاني عشر في فضيلة العمائم ) 1
روى واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله
صفحہ 27
وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة ، فإن أكربه الحر فلا بأس بنزعها قبل الصلاة وبعدها ، ولكن لا ينزع في وقت السعي من المنزل إلى الجمعة ولا في وقت الصلاة ، ولا عند صعود الإمام المنبر ، ولا في خطبته كذا في الإحياء ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : العمائم تيجان العرب ) أي هي لهم بمنزلة التيجان للملوك ، لأنهم أكثر ما يكونون بالبوادي رؤوسهم مكشوفة والعمائم فيهم قليل ( فإذا وضعوا العمائم وضعوا عزهم ) رواه الديلمي عن ابن عباس وإسناده ضعيف . قال المناوي لفظ رواية الديلمي وضع الله عزهم كذا في السراج المنير ( وقال صلى الله عليه وسلم : تعمموا فإن الملائكة تعممت . وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى وملائكته يصلون ) أي يعظمون ( على أصحاب العمائم ) أي الذين يلبسونها ( يوم الجمعة ) فيتأكد لبسها في ذلك اليوم ، ويندب للإمام أن يزيد في حسن الهيئة رواه الطبراني عن أبي الدرداء وهو حديث ضعيف كذا قاله العزيزي . ( وقال صلى الله عليه وسلم : فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس ) أي لبس العمامة على القلنسوة ، وهي ما يلف عليه العمامة ، فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة ، ولبس القلنسوة ، وحدها زي المشركين فلبس العمامة سنة رواه أبو داود والترمذي عن ركانة بضم الراء ، وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد ( وقال صلى الله عليه وسلم : صلت الملائكة على المتعممين ) أي دعت لهم بالبركة واستغفرت لهم ( يوم الجمعة وقال صلى الله عليه وسلم : ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة ) رواه الديلمي عن جابر قال المناوي : لأن الصلاة حضرة الملك والدخول إلى حضرة الملك بغير تجمل خلاف الأدب . ( وقال صلى الله عليه وسلم : تعمموا فإن الشياطين لا تتعمم وقال صلى الله عليه وسلم : العمائم سيما الملائكة ) بالقصر أي علامات لهم يوم بدر ( فأرسلوها خلف ظهوركم ) قالت عائشة : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسخا قط ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( الله يبغض الوسخ والشعث وكان صلى الله عليه وسلم يحب لبس القميص ، وكان يطلق إزاره ، ويحب لبس الحبرة ) . بكسر الحاء وفتح الباء ثوب يماني من قطن مخطط ، وكان حماد يلبس قلنسوة بيضاء ، ويدير العمامة ويغرزها من ورائه ، ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه ، وأقل ما ورد في قدر العذبة أربع أصابع ، وأكثر ما ورد ذراع وبينهما شبر كذا في تنبيه الأخيار لابن حجر الهيتمي ( وقال صلى الله عليه وسلم : تسوموا ) أي اجعلوا لكم علامة بلبس اللباس ( فإن الملائكة قد تسومت ) قال ابن حجر في تنبيه الأخيار . وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بلبس أجود ما نجد ، وأن نتطيب بأجود ما نجد ، وأن نلبس البياض . نعم في يوم العيد يقدم الأحسن غير الأبيض على الأبيض ، غير الأحسن فيسن في يوم العيد تقديم الأخضر على الأبيض ، لكن لا خصوصية للأخضر ، بل كل ذي لون كذلك ، فإن الخضرة أفضل الألوان بعد الأبيض ، وكان صلى الله عليه وسلم لا يفارق الطيلسان ، وكان طول طيلسانه ستة أذرع ، وعرضه ثلاثة أذرع انتهى . واستعمله الصوفية . ( وقال صلى الله عليه وسلم نهى ) بالبناء للمفعول وما بعده نائب الفاعل ( عن الاقتعاط ) بالقاف ثم العين المهملة ، أي التعمم من غير إدارة تحت الحنك وهو ما تحت الذقن ( وأمر بالتلحي ) بتشديد الحاء المهملة بعد اللام ، أي تطويق العمامة تحت الحنك . قال سيدي الشيخ عبد القادر والمندوب على قسمين : أحدهما في حق الله تعالى ، وهو الرداء إذا كان في جماعة ، ومجمع الناس فلا يعري منكبيه من شيء من الثياب الجميلة كالأعياد والجمع وغير ذلك ، الثاني في حق المخلوقين وهو ما يتجملون به بينهم من أنواع الثياب المباحة ، ولا يزدري بصاحبه ، ولا ينقص مروءته بينهم ويكره الاقتعاط ، وهو التعمم بغير الحنك ، ويستحب التلحي وهو إذا كان بالحنك انتهى ، وهذا لا يعمله إلا بعض الصوفية . |
صفحہ 28
1 ( الباب الثالث عشر في فضيلة الصوم ) 1
قال الله تعالى فيما حكاه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم : ( كل حسنة
صفحہ 29
بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ) كذا في الإحياء ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى ) في الحديث القدسي . والفرق بينه وبين القرآن أن القرآن نزل للإعجاز بأقصر سورة بخلاف ذلك ، فإنه ليس للإعجاز ، وكل من القرآن والأحاديث يتعبد بقراءته ( الصوم لي وأنا أجزي به ) بفتح الهمزة وسكون الياء ، أي جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وقيل معنى ذلك أن الصيام أحب العبادات إلي ، والمقدم عندي رواه الطبراني عن أبي أمامة بإسناد حسن ( وقال صلى الله عليه وسلم : للصائم فرحتان يفرح بهما فرحة عند إفطاره ) أي بزوال جوعه وعطشه حين أبيح له الفطر . وقيل : إن فرحه بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه ( وفرحة عند لقاء ربه ) أي يوم القيامة قال وهب بن منبه ليس للمؤمن راحة دون لقاء ربه ، أي بحصول الجزاء والثواب أو بالنظر إلى وجه ربه انتهى ( وقال صلى الله عليه وسلم : لخلوف ) بضم الخاء المعجمة واللام وسكون الواو ، وبعدها فاء واللام جواب قسم وهو قوله صلى الله عليه وسلم قبله : ( والذي نفس محمد بيده ) أي بقدرته وتصريفه لخلوف ( فم الصائم ) أي تغيره ( أطيب عند الله من ريح المسك ) أي ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك عندكم . وقيل : المراد أن الله يجزيه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك . وقيل : المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك ، ورجح النووي أن معنى ذلك أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب إليه في الجمع ، ومجالس الذكر ، وهو حمل معنى الطيب على القبول والرضا ، وقد نقل القاضي حسين أن للطاعات يوم القيامة ريحا يفوح ، فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك ( وقال صلى الله عليه وسلم : عليكم بالغنيمة الباردة ) أي الزموها ( قالوا يا رسول الله وما الغنيمة الباردة ؟ قال : الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة . وقال صلى الله عليه وسلم : من صام يوما من رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) والمراد الصغائر ( فإذا تم رمضان لا يكتب عليه ذنب إلى الحول الآخر ، فإن مات قبل رمضان آخر جاء يوم القيامة وليس عليه ذنب ) أي من الصغائر المتعلقة بحق الله تعالى وجملة قوله ، وليس عليه ذنب حالية من فاعل جاء ، فالواو للحال وفي رواية من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، رواه الخطيب عن ابن عباس . قوله إيمانا ، أي اعتقادا بحق فرض الصوم ، قوله واحتسابا أي طالب الثواب من الله تعالى ( وقال صلى الله عليه وسلم : لو أذن الله للسموات والأرض أن تتكلما لقالتا بشرى ) مبتدأ ونعتها محذوف أي بشرى عظيمة ( لمن صام رمضان بالجنة وقال صلى الله عليه وسلم : الصيام جنة ) بضم الجيم أي سترة ( من النار كجنة أحدكم من القتال ) أي كالدرع المانع من القتل في القتال وحسبك به فضلا للصائم ، رواه ابن ماجه عن عثمان بن أبي العاص ، وهو حديث صحيح ، وفي لفظ الصوم جنة أحدكم من النار كدرع أحدكم في القتال ( وقال صلى الله عليه وسلم : الصائم إذا أفطر صلت عليه الملائكة ) أي دعت له بالبركة أو استغفرت له ( حتى يفرغ وقال صلى الله عليه وسلم : لكل شيء زكاة ) أي صدقة ( وزكاة الجسد الصوم ) رواه ابن ماجه عن أبي هريرة والطبراني عن سهل بن سعد ، وإنما كان الصوم زكاة البدن لأنه سر من أسرار الله تعالى ، وسبب لنحول الجسد وزيادة بركته ، وخيره المعنوي فأشبه الزكاة المالية ، فإنها وإن نقصته حسا زادته بركة ، فكذلك الصوم ( وقال صلى الله عليه وسلم : نوم الصائم ) أي فرضا أو نفلا ( عبادة ) وفي لفظ نوم العالم عبادة ، فيحتمل أنها رواية ، ويحتمل أن أحد اللفظين سبق قلم كذا أفاد العزيزي ( وصمته تسبيح ) أي بمنزلة التسبيح ( وعمله مضاعف ) الحسنة بعشر إلى ما فوقها ( ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور ) أي ذنوبه الصغائر رواه البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى ، وهو حديث ضعيف ، وفي لفظ ونفسه تسبيح وكلامه صدقة انتهى . وهذا في صائم لم يخرق صومه بنحو غيبة ، فالنوم وإن كان عين الغفلة يصير عبادة ، لأنه يستعين به على العبادة . |
1 ( الباب الرابع عشر في فضيلة الفريضة ) 1
من صلاة وما معها ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام )
صفحہ 30