258

تنبيه الغافلين

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

ایڈیٹر

يوسف علي بديوي

ناشر

دار ابن كثير

ایڈیشن

الثالثة

اشاعت کا سال

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

پبلشر کا مقام

دمشق - بيروت

مَوْضِعِ مِنَ التَّنْزِيلِ إِلَّا مَعَ ذِكْرِ إِقَامَتِهَا.
فَلَمَّا بَلَغَ ذِكْرَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤-٥]، فَسَمَّاهُمُ الْمُصَلِّينَ وَسَمَّى الْمُؤْمِنِينَ الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ، وَذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُصَلِّينَ كَثِيرٌ وَالْمُقِيمِينَ لِلصَّلَوَاتِ قَلِيلٌ.
فَأَهْلُ الْغَفْلَةِ يَعْمَلُونَ الْأَعْمَالَ عَلَى التَّرْوِيجِ وَلَا يَذْكُرُونَ يَوْمَ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ فَتُقْبَلُ أَمْ تُرَدُّ.
٣٧٩ - وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي فَلَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا ثُلُثُهَا أَوْ رُبْعُهَا أَوْ خُمْسُهَا أَوْ سُدُسُهَا» .
حَتَّى ذَكَرَ عُشْرَهَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْهَا لَا مَا سَهَا عَنْهَا.
٣٨٠ - وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلًا عَلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» .
وَإِنَّمَا عِظَمُ شَأْنِ صَلَاةِ الْعَبْدِ بِإِقْبَالِ الْعَبْدِ عَلَى اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ يُقْبِلْ عَلَى صَلَاتِهِ وَلَهَا بِحَدِيثِ النَّفْسِ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَدْ وَقَفَ إِلَى بَابِ مَلِكٍ مُعْتَذِرًا مِنْ خَطِيئَتِهِ وَزَلَّتِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَابِ الْمَلِكِ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ فَجَعَلَ الْوَاقِفُ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِنَّ الْمَلِكَ لَا يَقْضِي حَاجَتَهُ وَإِنَّمَا يُقْبِلُ الْمَلِكُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ عِنَايَتِهِ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ إِذَا قَامَ الْعَبْدُ فِيهَا وَسَهَا فِيهَا لَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَثَلَ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ مَلِكٍ اتَّخَذَ عُرْسًا فَاتَّخَذَ وَلِيمَةً وَهَيَّأَ فِيهَا أَلْوَانًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ لِكُلِّ لَوْنٍ لَذَّةٌ، وَفِي كُلِّ لَوْنٍ مَنْفَعَةٌ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ دَعَاهُمُ الرَّبُّ إِلَيْهَا وَهَيَّأَ لَهُمْ فِيهَا أَفْعَالًا مُخْتَلِفَةً وَأَذْكَارًا فَتَعَبَّدَهُمْ بِهَا لِيَلِذَّهُمْ بِكُلِّ لَوْنٍ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ فَالْأَفْعَالُ كَالْأَطْعِمَةِ وَالْأَذْكَارُ كَالْأَشْرِبَةِ.
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ اثْنَتَيْ عَشَرَ أَلْفَ خَصْلَةٍ، ثُمَّ جُمِعَتْ هَذِهِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ أَلْفًا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَصْلَةٍ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّي فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَعَاهَدَ هَذِهِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَ خَصْلَةٍ لِتَتِمَّ صَلَاتُهُ، فَسِتَّةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَسِتَّةٌ بَعْدَهَا.

1 / 278