تنبيه الغافلين
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
ایڈیٹر
يوسف علي بديوي
ناشر
دار ابن كثير
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
پبلشر کا مقام
دمشق - بيروت
أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الدُّنْيَا وَيَتَفَكَّرَ فِيمَا ضُرِبَ لِلدُّنْيَا مِنَ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ لِلدُّنْيَا مَثَلًا، وَالنَّبِيُّ ﷺ ضَرَبَ لَهَا مَثَلًا، وَالْحُكَمَاءُ ضَرَبُوا لَهَا أَمْثَالًا، وَالْأَشْيَاءُ تَصِيرُ وَاضِحَةً بِالْأَمْثَالِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [يونس: ٢٤]، يَعْنِي مَثَلُ الدُّنْيَا فِي فَنَائِهَا وَزَوَالِهَا ﴿كَمَاءٍ﴾ [يونس: ٢٤] يَعْنِي كَمَطَرٍ ﴿أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [يونس: ٢٤] يَعْنِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ.
يَعْنِي اخْتَلَطَ الْمَاءُ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ.
يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ فَيُنْبِتُ النَّبَاتَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْأَنْعَامُ.
يَعْنِي مِمَّا يَأْكُلُ الْأَنْعَامُ مِنَ الْكَلَإِ وَالْحَشِيشِ.
﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا﴾ [يونس: ٢٤]، يَعْنِي زِينَتَهَا وَحُسْنَهَا وَازَّيَّنَتْ يَعْنِي تَزَيَّنَتِ الْأَرْضُ بِنَبَاتِهَا وَحَسُنَتْ بِأَلْوَانٍ مِنَ النَّبَاتِ وَظَنَّ أَهْلُهَا.
يَعْنِي حَسِبَ أَهْلُ الزَّرْعِ وَالنَّبَاتِ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا.
يَعْنِي عَلَى غَلَّاتِهَا وَأَنَّهَا سَتَتِمُّ لَهُمْ.
أَتَاهَا أَمْرُنَا.
يَعْنِي عَذَابُ اللَّهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، يَعْنِي بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا، يَعْنِي مُسْتَأْصَلًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ، يَعْنِي صَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ.
فَكَذَلِكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَا تَبْقَى كَمَا لَا يَبْقَى هَذَا الزَّرْعُ.
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ.
يَعْنِي الْأَمْثَالَ، لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَنَّ الدُّنْيَا تَفْنَى وَأَنَّ الْآخِرَةَ تَبْقَى.
٣١٦ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَرْضِهِمْ.
فَأَخْبَرَهُ عَنْ سِعَةِ أَرْضِهِمْ، وَكَثْرَةِ النَّعِيمِ فِيهَا.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَيْفَ تَفْعَلُونَ»؟ قَالَ: إِنَّا نَتَّخِذُ أَلْوَانًا مِنَ الطَّعَامِ، وَنَأْكُلُهَا.
قَالَ: «ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى مَاذَا»؟ قَالَ: إِلَى مَا تعْلَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
يَعْنِي تَصِيرُ بَوْلًا وَغَائِطًا.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «فَكَذَلِكَ مَثَلُ الدُّنْيَا» وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالنَّاسُ فِيهَا زَرْعُهُ، وَالْمَوْتُ مِنْجَلُهُ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ حَاصِدُهُ، وَالْقَبْرُ مَدَاسُهُ، وَالْقِيَامَةُ بَيْدَرُهُ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ بَيْتُ أَهْوَائِهِ.
فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ وَذُكِرَ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَاجْعَلْ سَفِينَتَكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ بَعْضُهُمْ:
1 / 242