تنبيه الغافلين
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
ایڈیٹر
يوسف علي بديوي
ناشر
دار ابن كثير
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
پبلشر کا مقام
دمشق - بيروت
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: ٢٨]، الْآيَةُ.
يَعْنِي احْبِسْ نَفْسَكَ مَعَ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْعِبَادَةِ.
وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ، وَكَانَ رَئِيسَ قَوْمِهِ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدَهُ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ الرُّومِيُّ وَبِلَالُ بْنُ حَمَامَةَ الْحَبَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ ضُعَفَاءِ الصَّحَابَةِ ﵃، وَعَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خَلِقَةٌ قَدْ عَرِقُوا فِيهَا.
فَقَالَ عُيَيْنَةُ: إِنَّ لَنَا شَرَفًا فَإِذَا دَخَلْنَا عَلَيْكَ فَأَخْرِجْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ يُؤْذُونَنَا بِرِيحِهِمْ، وَاجْعَلْ لَنَا مَجْلِسًا.
فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِخْرَاجِهِمْ فَقَالَ: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: ٢٨] .
يَعْنِي: يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَيَطْلُبُونَ رِضَاهُ.
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
يَعْنِي: لَا تَتَجَاوَزْهُمْ وَلَا تُحَقِّرْهُمْ طَلَبَ زِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.
قَالَ: وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ، يَعْنِي لَا تُطِعْ مَنْ أَعْرَضْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا عَنِ الْقُرْآنِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ.
يَعْنِي اتَّبَعَ هَوَى نَفْسِهِ فِي بُغْضِ الْفُقَرَاءِ: ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨] .
يَعْنِي أَمْرُهُ كَانَ ضَائِعًا بَاطِلًا.
فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ﷺ بِمُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبِ مِنْهُمْ وَهَذَا الْأَمْرُ لِجَمِيعِ الْفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ الْفُقَرَاءَ وَيَبَرَّهُمْ وَيَتَّخِذَ عِنْدَهُمُ الْأَيَادِيَ، فَإِنَّهُمْ قُوَّادُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتُرْجَى شَفَاعَتُهُمْ
٢٩٦ - وَرَوَى الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: " يُؤْتَى الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَعْتَذِرُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ كَمَا يَعْتَذِرُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي الدُّنْيَا.
فَيَقُولُ جَلَّ سُلْطَانُهُ وَعَظُمَ شَأْنُهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، مَا زَوَيْتُ الدُّنْيَا عَنْكَ لِهَوَانِكَ عَلَيَّ، وَلَكِنْ لِمَا أَعْدَدْتُ لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْفَضِيلَةِ.
اخْرُجْ يَا عَبْدِي إِلَى هَذِهِ الصُّفُوفِ وَانْظُرْ مَنْ أَطْعَمَكَ فِيَّ أَوْ كَسَاكَ فِيَّ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهِي.
فَخُذْ بِيَدِهِ فَهُوَ لَكَ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ.
فَيَتَخَلَّلُ الصُّفُوفَ وَيَنْظُرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ "
٢٩٧ - وَرَوَى الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «أَكْثِرُوا
1 / 231