بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم قال الشيخ الفقيه الإمام العالم العلامة المحقق الولي الصالح الزاهد الناصح أبو محمد النوري الصفاقسي المالكي ﵁ وأرضاه وجعل الجنة مقره ومأواه آمين.
الحمد لله الذي انعم علينا بنعمة الإيمان والإسلام من خير أمة أخرجت للناس ومنّ علينا بحفظ كتابه الكريم، وأمرنا بتجويده بإعطاء كل حرف بعد إخراجه من مخرجه ما يستحقه من الصفات وما يترتب على ذلك كالترقيق والتفخيم. اشهد إن لا اله إلا اله وحده لا شريك له وان سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي انزل الله عليه تعريفا بحقه وتشريفا لقدره (وإنَّك لّعّلّى خُلُقٍ عّظيمٍ) . والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد أفصح العرب المنزل عليه أشرف الكتب الآخذ باللب لما فيه من الأسرار كالإعجاز والتبيان. والهدى والعلوم النافعة والصراط المستقيم. وعلى آل سيدنا محمد وأصحاب سيدنا محمد وأزواج سيدنا محمد الذين برعوا في الفصاحة والبلاغة فهمسوا الهاء وجهروا بالميم. وبعد فأعلم جعلني الله وإياك ممن يتقي الله حق تقاته. وأخلص لله
1 / 29
في جميع نياته، وحركاته وسكناته. أن كتاب الله وقراءته كما أنزل من عظيم الطاعات وأعلاها. وأجل القرابات أسناها. ولا يكون ذلك إلا بإتقان مثل هذه الأبواب التي ذكرناها. والفصول التي حررناها، فعليك بتحصيلها حفظا وفهما فهي عظيمة النفع جليلة القدر ولا يتم لك التفع بذلك إلا بعد الرياضة وتكرار اللفظ بعد تلقي من أفواه المتقنيين قبلك من مشائخهم المتقنين ومن تأمل ما صح انه صلى الله عليه ة سلم كان يعرض القرآن على جبريل ﵊ كل عام مرة وفي عام نقلته إلى ما عند الله من الخير والكرامة مرتين وقراءتَه ﷺ على أبيّ سورة (لَمْ يَكُنْ) ليعلمه ﷺ طريق التلاوة وكيفية القراءة ليكون ذلك سنة للمقرئين والمتعلمين، وما كان الصحابة يفعلونه من قراءتهم عليه ﷺ وسماعهم منه وقراءة بعضهم على بعض كما قال عبادة بن الصامت كان الرجل إذا هاجر دفعه ﷺ إلى رجل منا يعلمه القرآن وكذلك التابعون وتابعوهم حتى وصل الامر الينا مسلسلا متواترا عَلِمَ عِلْمَ يقين إن من اجتزأ من الكتب واتكل على فهمه وعلمه فقد اساء، وخالف وابتدع وربما وقع في أمر عظيم. وخطر جسيم. نسأله سبحانه التوفيق والعافية وسلوك سواء السبيل وقد نص على هذا الإمام المحقق أحمد القسطلاني. ونقل عن البرماوي والكرماني إن فائدة مدارسة النبي (لجبريل القرآن كل سنة تعليمه (تجويد لفظه وتصحيح إخراج الحروف من مخارجها وليكون سنة
1 / 30
في حق الأمة لتجويد التلامذة على الشيوخ قراءتهم انتهى. قلت وحمله على ما هو أعم من هذا أولى وقد صح عنه (انه قال: خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه وقال إن أفضلكم عند الله من تعلم القرآن وعلمه وقال الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، وقد روي الحديثان الأولان بأوالتي للتنويع لا للشك موضع الواو وهي أعظم في البشرى لأنها تقتضي إثبات الأفضلية المذكورة لمن فعل أحد الأمرين والله أعلم.
وسميت كتابي هذا " تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين. عما يقع لهم من الخطأ حال تلاوتهم لكتاب الله المبين " والله أسأل أن ينفع به. ويوصل للمسلمين الخير بسببه. آمين فهو حسبي ونعم الوكيل.
1 / 31
باب مخارج الحروف وألقابها وصفاتها
اعلم إن لغة العرب اكثر اللغات حروفا فليس في لغة العجم ظاء معجمة ولا حاء مهملة وقال الأصمعي ليس في الفارسية ولا السريانية ولا في الرومية ذال أي معجمة وكذلك خمسة أحرف انفردت العرب بكثرة استعمالها ولم توجد في بعض لغات العجم البتة وهي العين والصاد المهملتان والضاد والقاف والثاء المثلثة واختصت العرب أيضا باستعمال الهمزة متوسطة ومتطرفة ولم تستعملها العجم إلا في أول الكلام. قال الشيخ أو محمد مكي في الرعاية وغيره ومع كونها اكثر اللغات حروفا انحصرت في تسعة وعشرين حرفا وهي أ - با - تا - ثا - إلى الياء فهي هجاء كل ناطق في الكونيين فسبحان من جعل فيها أسرار حكمته وباهر قدرته وكلها يخالف بعضها إما في المخرج والصفة أو في أحدهما ولا يتفق حرفان في المخرج والصفات أبدا ولو اتفقا في ذلك لكانا حرفا واحدا فالدال مثلا لولا التسفل والانفتاح اللذان فيه لكان طاء والطاء لولا الاستعلاء والإطباق اللذان فيه لكان دالا لاتفاقهما في المخرج، والثاء والحاء لولا اختلافهما في المخرج لكانا سبعة عشر على الصحيح وهو مذهب الإمام العالم أبي العباس الخليل بن أحمد ابن عمرو الفراهيدي الازدي وقال تلميذه أبو بشر عمرو بن عثمان الملقب بسيبويه وتبعه جماعة منهم الشاطبي ستة عشر فاسقطوا مخرج الحروف الجوفية وجعلوا مخرج الألف أقصى الحلق والواو والياء الساكنين سكونا ميتا من
1 / 32
مخرج المحركين. وقال ابن منصور الاسلمي المعروف بالقرّاء أربع عشر وتبعه جماعة وجعلوا مخرج اللام والراء والنون واحد والصواب الأول، والحس شاهد له ويعرف مخرج الحرف بأن تنطق به ساكنا أو مشدّدا مع ملاحظة صفاته.
المخرج الاول الجوف وهو مخرج الألف ولا يكون ساكنا والواو الساكن وهو ما قبله ضمة. والياء الساكنة وهي ما قبلها كسرة وتسمى هذه الحروف الهوائية والجوفية وحروف المد واللين وتسمى مع الهاء الحروف الخفية ونسبت إلى الجوف لأنه آخر انقطاع مخرجها وإلا فهي في الحقيقة هواء ينتشر في الفم والحلق إلا إن متصعد واكثر، وهواء الياء متسفل. وهواء الواو متوسط فسبحان من أظهر بعض عجائب صنعه في خلقه.
الثاني أقصى الحلق وهو مخرج الهمزة والهاء.
الثالث وسط الحلق وهو مخرج العّين والحاء المهملتين.
الرابع أدنى الحلق وهو مخرج الغين والخاء المعجمتين وتسمى هذه الحروف الستة الحلقية.
الخامس طرف اللسان مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك الأعلى وهو مخرج القاف.
السادس طرف اللسان بعد مخرج القاف قليلا مما يلي الفم وما يليه من الحنك الأسفل وقال جماعة الأعلى قال بعضهم يوجد على كل من الأمرين بحسب اختلاف الأشخاص فعبر كل على حسب وجدانه ومخرج الكاف ويقال لها مع القاف اللهويان نسبة إلى اللهاة وهو اللحْمة المشرفة على الحلق أو ما بين الفم والحلق.
1 / 33
السابع وسط اللسان وما يحاذيه من الحنك الأعلى مخرج الجيم والشين المعجمة والياء غير المدية.
الثامن اول حافة اللسان وما يليها من الأضراس من الجانب الأيسر كثيرا ومن الأيمن قليلا وهو مخرج الضاد المعجمة، والضاد والثلاثة قبله تسمى الشَّجْرِية نسبة الة شجر الحنك وهو ما يقابل طرف اللسان وقال الخليل الشجر مفتح الفم وعليه فسميت بذلك الانفتاح للآنفتاح الفم عند النطق بها اكثر من غيرها ونّظَّر بعضهم فيه.
التاسع حافتا اللسان إلى منتهى طَرَفِه ومحاذيه من الحنك الأعلى ما فوق الثنتين والرباعية والناب والضاحك وهو مخرج اللام وفي الفم اثنتان وثلاثون سنا في غالب الناس وفي بعضهم ثمان وعشرون أربع ثنايا اثنتان من فوق واثنتان من أسفل وهي المقدمة في الفم ويليها أربع أضراس كذلك يقال لها الضواحك لأنها تظهر عند الضحك ويقال لكل سن تظهر عند الضحك ضاحكة ويليها اثنا عشر عند من في فمه اثنتان وثلاثون عند من في فمه ثمان وعشرون يقال لها الارحا والطواحين ويليها أربع نواجذ وقد يطلق على الجميع أسنان كما في قوله تعالى والسِّنَّ بالسِّنّ وقوله (في كتابه لأهل اليمن الذي بعثه مع عمرو بن حزم وفي السِّنّ خّمسٌ مِنَ الإبِلِ وكقولنا في السن نصف عشر الدية.
العاشر طرف اللسان اسفل من مخرج اللام قليلا وهو مخرج النون.
الحادي عشر طرف السان ادخل إلى ظهره قليلا من مخرج اللام وهو مخرج الراء وتسمى الثلاثة مع الفاء والباء والميم الذلقية وذلق كل شيء طَرَفُه.
الثاني عشر طرف اللسان واصول الثنيتن العليين مصعدا إلى جهة الحنك مخرج الطاء والدال المهملتين والتاء المثناة فوق وتسمى النِّطْعَيِةَّ نسبة إلى نِطع
1 / 34
غاز الحنك وهو سقفه وفيه آثار كالتحزيز والنِّطْع بكسر النون واسكان الطاء وفتحتها.
الثالث عشر طرف اللسان وطرفا الثنيتين السلفيين وهو مخرج الصياد والسين المهتلتين والزاي وتسمى الأسلية نسبة إلى الموضع الذي يخرجن منه وهو أسلة اللسان وهي طرفه.
الرابع عشر طرف اللسان وطرفا الثنيتين العلييين مخرج الظاء والذال المعجمتين والثاء المثلثة وتسمى اللِّثَوَية نسبة إلى اللِّثَةِ وهي اللحمة التي تنبت فيها الأسنان.
الخامس عشر باطن الشفة السفلى وطرفا الثنيتين العليَيَيْن وهو مخرج الفاء قال أبو حيان وليست في لسان الترك ولذلك يقولون في في فقيه بقيه بالباء الموحدة.
السادس عشر بين الشفتين وهو مخرج الواو غير الدية والباء الموحدة والمليم لكنهما يَنْطبقان مع الباء والميم وينفتحان مع الواو وتسمى الشفهية والشفوية.
السابع عشر الخيشوم والمراد به هنا الانف والخرق بينه وبين الفم وهو مخرج التنوين والميم والنون الساكنين حال الإخفاء والإدغام بالغنة وسياستي حكم ذلك إن شاء الله تعالى في بابه م
فصلا وينتقل مخرجهما في هذه الحالة عن مخرجهما الأصلي إلى الخيشوم كما ينتقل مخرج الواو والياء الديتين إلى الجوف وباقي الحروف لا تنتقل عن مخارجها أبدا فهذه سبعة عشر مَخْرَجا على جهة التقريب وإدراكنا الضعيف الناقص وإلا ففي الحقيقة لكل حرف مخرج وانحصرت في الجوف والحلق واللسان والشفتين والخيشوم ففي الجوف واحد وفي الحلق ثلاث وفي اللسان عشر وفي الشفتين اثنان وفي الخيشوم واحد.
1 / 35
فصل
وأما صفات الحروف فاعلم إن الحرف قد تكون له صفتان وثلاث وأكثر ومنها ما له ضد ومنها ما لا ضد له فالأول خمس وهي الجهر وضده الهمس والحروف المهموسة يجمعها قولك سَكَتَ فَحَشَّهُ شَخْصٌ ووصفت بذلك لجريان النَّفَس معها عند اللفظ بها لضعف الاعتماد على مخارجها فيخفي الصوت بها والهمس هو الحس الخفي وبعضها اقل في الهمس من بعض فليس الصاد والخاء المعجمة والتاء كباقيها والتسع عشرة الباقية مجهورة ووصفت بذلك لقوة الاعتماد عليها في مخارجها فلا يجري النفس معها فيجهر الصوت بها والجهر الصوت الشديد القوي وبعضها أقوى من بعض على قدر ما فيها من صفات القوة.
والشدة وضده الرِّخْو الخالص واو المشوب بشدة والشديدة ثمان يجمعها قولك أجَدْتَّ قُطْبَكَ ووصفت بذلك لشدة لزومها لمواضعها وقوتها فيها حتى حبس الصوت عند لفظها إن يجري معها لقوة الاعتماد عليها والمتوسطة بين الشدة والرخاوة خمس يجمعها قولك لِنْ عُمَرُ ووصفت بذلك لجري الصوت مع لفظها لضعف الاعتماد فليس الوقف على الحج كالوقف على المس لما في الأول من حبس الصوت وجريانه مع الثاني وكل ذلك مدرك بالحس لمن معه أدنى تمييز.
والاستعلاء وحروفه سبعة يجمعها قولك قِظْ خُصَّ ضَغْظٌ ووصفت بذلك لارتفاع اللسان بها عند النطق بها فيعَلو الصوت معها وضده الاستفال وحروفه الاثنان والعشرون الباقية ووصفت بذلك لعدم استعلاء اللسان عند النطق بها ويترتب على الاستعلاء وألاستفال التفخيم والترقيق قال في النشر الحروف المستفلة كلها مرققة لا يجوز تفخيم شيء منها إلا اللام من اسم الله بعد فتحة أو ضمة إجماعا وإلا الراء المضمومة أو المفتوحة مطلقا في اكثر الرواة والساكنة في بعض الأحوال والحروف المستعلية كلها مفخمة لا يستثنى شيء منها
1 / 36
في حال من الأحوال إلا إن تفخيمها ليس في رتبة واحدة فأقواه إذا فتحت وجاء بعدها ألف ويليه إذا فتحت وليس بعدها ألف ويليه إذا كانت مضمومة ويليه إذا كانت ساكنة ودونه إذا كانت مكسورة وأما الألف فلا توصف برقيق ولا تفخيم بل بحسب ما يتقدمها فإنها تتبعه ترقيقا وتفخيما انتهى مع زيادة إلا إن تفخيمها أولى إذا كانت مكسورة وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
والإطباق وحروفه أربعة وهي الطاء والضاد والصاد والظاء وأقواها الطاء المهملة لجهرها وشدتها وأضعفها الظاء المعجمة لرخاوتها والضاد والصاد متوسطتان وضده الانفتاح وحروفه الخمسة والعشرون الباقية ووصفت بذلك لانفتاح ما بين اللسان والحنك عند النطق بها بخلاف المُطْبَقَة لانطباق أي التصاق طائفة من السان بالحنك الأعلى عند النطق بها.
والاذلاق وحروفه ستة يجمعها قولك مُر بِنَفْلٍ ووصفت بذلك لخروج بعضها من ذَ لْق السان أي طرفه وثلاثة من بين الشفتين وهما طرف، وباقي الحروف وهي ثلاثة وعشرون مُصْمَمَتةٌ ولقب بذلك لأنها أصمتت أي منعت من الانفراد بكلمة رباعية فأكثر من قولهم اصمت إذا منع نفسه من الكلام فلا تجد كلمة رباعية فاكثر في كلام العرب إلا وفيها حرف من الحروف المُذْلقَة لخفتها والألف وهي حرف هوائي خارج عن المصمتة والمذلقة ولذلك قالوا إن عسجدا اسم من أسماء الذهب والجوهر كله كالدر والياقوت والبعير الضخم وكبار الفصلان والإبل تحمل الذهب وركايب الملوك أعجمي لكونها من الكلمات الرباعية وليس فيه ألف ولا حرف من الحروف المذلقة.
وأما الصفات التي لا ضد لها بل هي مختصة ببعض الحروف فمن ذلك حروف القلقلة وهي خمسة أحرف يجمعها قولك قُطْبُ جَدٍ وسبب القلقلة في هذه الأحرف دون غيرها إنها لما سكنت ضَعُفت فيحتاج إذ ظهور صوت حال سكونها من قلقل إذا صوت وسواء كان هذا سكونا في الوصل نحو خَلَقْنا
1 / 37
وأطْوَارًا ونَبْعَثُ والنَّجْدَيْنِ ومَدَدَنْا أو الوقف نحو الْحَقُّ ومُحِيطٌ والْغَيْب والخُرُوج والْوَدُودُ ومن خصها بالوقف دون الوصل فقد وهم إلا إنها في حال الوقف اظهر لان الوقف محل انقطاع النَّفَس وهي شديدة مجهورة تمنع النَّفس إن يجري معها فاحتاجت إلى كثرة البيان حتى إنها مع كونها ساكنة تخرج إلى شبه الحركة من قولهم قلقلت الشيء إذا حركته ولولا ذلك لم تتبين قال الخليل القلقلة شدة الصياح وقال أيضا القلقلة شدة الصوت انتهى وأبينها في ذلك القاف لقوتها وضعفها في مخرجها وقد أنكر بعض من ورد علينا القلقلة ولا عبرة بإنكاره فقد تظافرت النصوص عليها واجمع على ذلك علماء القراءة والعربية وبها قرأنا على جميع شيوخنا المغاربة والمشارقة وسمعناها ممن لا يحصى وبه نأخذ وبه نقري وهو الحق الذي لا شك فيه والله اعلم.
ومنها حروف الصفير وهي الصاد والزاي والسين لقبت بذلك لأنها يخرج معها حال النطق بها صفير كصفير الطاير.
ومنها الحرف المستطيل وهو الضاد المعجمة الساقطة ووصف بالاستطالة لأنه يستطيل في مخرجه.
ومنها حرفا الانحراف وهما اللام والراء ووصفا بذلك لأنهما انحرفا عن مخرجهما حتى اتصلا بمخرج غيرهما.
ومنها الحرف المكرر وهو الراء وتسمى مع الألف وهاء التأنيث حروف الإمالة ومعنى تكريره نموه في اللفظ لا إعادته وترعيد اللسان به فان ذلك لحسن يجب التحرز منه.
ومنها حرف التفشي وهي الشين المعجمة فقط ووصف بذلك لان الصوت ينتشر به عند خروجه حتى يتصل بمخرج الظاء المعجمة المشالة وزاد بعضهم مع الشين الثاء المثلثة وبعضهم الفاء وبعضهم الضاد وآخر الصاد والسين والميم والصحيح الذي عليه المحققون كالداني الأول.
1 / 38
ومنها حرفا اللين وهما الواو والياء الساكنان المفتوح ما قبلهما ووصفا بذلك لأنهما يخرجان في لين وَقلَّةٍ على اللسان.
ومنها الحرف الهتوف وهو الهمزة ويسميه بعضهم بالحرف الجرسي والهتف والجرس الصوت الشديد والحروف كلها يصوت بها لكن الهمزة لها مزية في ذلك لقوتها وبعد مخرجها ولذلك توسعت العرب فيها ما لم توسع في ساير الحروف.
تكميل: الجهر والشدة والاستعلاء والإطباق والتفخيم والقلقلة والصفير والاستطالة والانحراف من صفات القوة. والهمس والرخاوة والانسفال والانفتاح والترقيق والانذلاق من صفات الضعف، فالصاد مثلا شديد والحروف منها ما هو قوي ومنها ما هو ضعيف ومنها ما هو متوسط بين القوة والضعف على حسب ما اتصفت به من صفات القوة والضعف، فالطاء مثلا شديد القوة لأجل ما اتصف به من صفات القوة كالجهر ولذا لا يجري النفس معها عند النطق بها لقوة الاعتماد عليها في موضع خروجها والهاء على العكس من ذلك لأجل ما اتصف به من صفات الضعف كالرخاوة. والهمزة والياء متوسطتان لأجل ما اتصفتا به من صفات القوة كالجهر، والضعف كالانسفال وأجر جميع الحروف على هذا وسيأتي كله م
فصلا إن شاء الله تعلى والله الموفق.
فصل في الحروف المشربة
وتسمى المخالطة بفتح اللام وكسرها وهي أربعة أحرف وسَّعَت بها العرب لغَاتها وزادتها مع التسعة والعشرين الحروف المشهورة. الأول الألف الممالة في نحو ذكْرَى وَقُصْوى وَأتىَ فهي حرف بين الياء والألف فلا هي ياء خالصة ولا ألف خالصة. الثاني الهمزة المسهلة
1 / 39
بين بين كما قرأ به نافع وغيره كما هو مفصل في كتب القراءات وهي حرف بين حرفين وهو حرف عناء سيبويه نظرًا منه ﵀ إلى مطلق التسهيل وخالفه الحسن بن عبد الله السيرافي وقال هي ثلاثة أحرف نظرًا إلى التسهيل الهمزة بينهما وبين الألف وبينها وبين الواو وبين الياء وهذا هو التحقيق. الثالث الصاد المشربة بالزاي في صِرَاطَ والصّرَاطَ في قراءة حمزة نحو أصْدَقُ فاصْدَعْ وتصديق الذي في قراءة حمزة والكسائي. الرابع اللام المفخم في قراءة ورش نحو الصَّلاَةَ ومُصَلَّى وطَلَّقْتُمْ وأظْلَمُ إذ بتفخيمه يُتوسع في مخرجه حتى يصل إلى مخرج غيره وجعل مكي رحمه الله تعالى المفخم الألف قال وتقرب بتفخيمها من لفظ الواو وما ذكرناه احسن إذ المنقول عن ورش كما نقله هو وغيره إنما هو التفخيم اللام والألف تابع وأيضا يقع تفخيم اللام كثيرا من غير مقارنة الألف له نحو وظَلَّلْناَ وقد مثل هو بنحوه وهي لغة فاشية في أهل الحجار فهده أربعة أحرف مستعملة في اللغة الفصحى واردة القرآن العظيم ومخرج كل واحد منها متوسط بين مخرجي الحرفين اللذين اشتركا فيه وزاد مكي رحمته الله النون المخفاة وفيه نظر لأنها بالإخفاء لا تخرج عن كونها نونا ولم تقع بين مخرجين وإنما تنتقل إلى مخرج آخر وهو الخيشوم وقد عد من السبعة عشر مخرجا ولو قلنا بهذا لورد علينا واو والياء الماءيتان لانهما ينتقلان عن مخرج المتحركتين إلى مخرج آخر وبعض العرب يزيد حروفا أخرى منها جعل السين المهملة والجيم كالزاي في نحو سهل وجايز. ومنها جعل القاف بينه وبين الكاف وه الآن الغالب على من يوجد في البوادي لا يحسنون غيره، ومنها حرف بين الجيم والكاف ذكره ابن دُرَيْد وقد سمعناه من أهل قرى مصر كثيرا فيقولون في جعل كمل في حرف ممزوج وقد عد بعض الحفاظ الحروف
1 / 40
بفروعها المستحسنة خمسين وكلها سوى ما ذكرنا انه وارد في الفصيح شاذَ قليل الاستعمال لم يوجد في القرآن ولا في الفصيح من الكلام.
فصل
قال مؤلفه أبو محمد علي النوري الصفاقسي غفر الله له ورحمه واجزل على ممر الازمان ثوابه قد ذكرنا الحروف مجملة ونذكرها الآن مفصلة حرفا بعد حرف على حسب ترتيبها في اصطلاح المغاربة مع التنبه على شيء يقع الخطأ فيه كثيرا للقراء مع التمثيل جميع ذلك بالفظ من كتاب الله جلّ ذكره ليتبين الأمر غاية البيان. ويعم النفع وتحصل الفائدة والله المستعان على ذلك كله. واعلم أولا إن الحر يطلق على أشياء منها طرف الشيء ومنه حرف الرغيف وحرف الجبل وحرف الجيش قال الله تعالى وَمنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حرف أي طرف من غير تمكن ولا توغل في الدين القايم على طرف الشيء يزول بأدنى سبب، ومنها واحد حروف التهجي ويقال له أيضا الهجاء وه تقطيع الكلمة لبيان الحروف التي تركبت منها وسميت بذلك لأنه لا يتوصل لمعرفتها عادة إلا به وسماها الخليل وسيبويه حروف العربية التي يتركب منها كلا العرب وتسمى حروف المُعْجَم، إما لأنها لا تفصح بمعنى إلا إذا ركبت من قولهم باب مُعْجَم كَمُكْرم إذا كان مقفلا أو لان نصفها وواحدا معجم أي منقوط من قولهم أعجم فلان الكتاب إذا نقطه، والهمزة في أعجم للسلب والإزالة أي عجمته بنقطه لان الحروف إذا لم يقع فيها الالتباس كثيرا لا سيما ما كان منها متماثل الصورة فلا يتضح معناه إلا بتدبر وتفكر، وقال في القاموس وحروف المعجم أي الاعجام مصدر كالمدخل أي من شانه إن يعجم انتهى وقيل غير هذا. وتسعة وعشرون حرفا خلاف في
1 / 41
ذلك عند المحققين قاله سيبويه اصل حروف العربية تسعة وعشرون حرفا وهي الهمزة والألف وساقها إلى آخرها على ترتيبها في المخارج، وزعم المبرد إنها ثمانية وعشرون قال الجاريري وكان المبرد يعدها ثمانية وعشرين ويترك الهمزة ويقول لا صورة لها وإنما تكتب تارة واوا وتارة ياء وتارة ألفا فلا أتعدها مع الحروف التي أشكالها محفوظة معروفة جارية على الألسن موجودة في اللفظ يستدل عليها بالعلامات انتهى، وهو في غاية من الشذوذ وبعد منِ النظر لانهما أي الهمزةَ وأحدَ هذه الحروف الثلاثة حرفان متميزان مخرجا وصفة يوجد أحدهما حيث لا يوجد الآخر ويجتمعان فيما لا يعد كثرة من الكلمات بنِاءً، وَدُعاَءً، وآباَؤُكُمْ، والنُّبؤَةُ، وَهَنِيئًا وميَريثًا وهو من باب جعل الاثنَّين واحدا وهو باطل بلا شك، وبعض الأغبياء يعتقد إنها ثمانية وعشرون لكن لا على الوجه الذي قاله المبرد بل يزعم إن لاما ولام ألف واحد والأمر ليس كذلك بل لمراد بلام ألف الألف المدية التي هي ثاني حروف قال وجاء فهو اسم لها كساير أسماء حروف التهجي إلا انه اسم مركب لأجل إن الألف لا يمكن النطق بها إلا مقرونة مع غيرها فجعل اسمها كذلك مقرونا مع غيره وهي من اكثر الحروف في الكلام دورا ومن أنكرها فقد أنكر المحسوس وخرج عن طور العقلاء وفي الحديث عن أبي ذر الغفاري ﵁ انه قال سألت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله كل نبي مرسل بم يرسل قال بكلمات تنزل فقلت يا رسول الله أي كتاب أنزله الله على ءادم قال كتاب المعجم أ - ب - ت - ث إلى أخره قلت يا رسول الله كم حرف قال تسعة وعشرون قلت يا رسول الله عددت ثمانية وعشرين فغضب رسول الله ﷺ حتى احمرت عيناه ثم قال يا أبا ذر والذي بعثني بالحق نبيا ما انزل الله على آدم إلا
1 / 42
تسعة وعشرين حرفا قلت أليس فيها ألف ولام فقال رسول الله ﷺ لام الألف حرف واحد أنزله الله على ءادم في صحيفة واحدة ومعه سبعون ألف ملك من خالف لام الألف فقد كفر بما انزل علي، من لم يعد لام ألف فهو بريء مني وأنا بريء منه ومن لم يؤمن بالحروف وهي تسعة وعشرون لا يخرج من النار أبدا، قال الله تعالى الم ذَلِك الْكِتبُ فكأنه قال يا محمد هذه الحروف ذلك الكتاب الذي أنزلته على أبيك ءادم انتهى فان قلت أليس قد ذكر الألف في أول الحروف قلت المراد به الهمزة قال في الصحاح الألف على ضربين لينية ومتحركة فاللينية تسمى ألفا والمتحركة تسمى همزة، وقال شيخ شيوخنا أبو بكر الشنواني الألف اسم مشترك بين المدة التي هي أوسط حروف جاء والهمزة التي هي أخرها بدليل الألف ساكنة أو متحركة وألف الوصل تسقط في الدرج والمتحركة تسمى ألفا وتسمى همزة والهمزة اسم مستحدث تمييزا للمتحرك عن الساكان ولذلك لم يذكروا الهمزة في التهجي
بلبل
اقتصروا على الألف وذكرت في موضعين من التهجي تنبيها على معنييها انتهى فان قلت لِمَ لم يقولوا همزة وقالوا ألف قلت عادتهم إن يجعلوا في أول كل اسم حرف مسماه، فلو قالوا همزة لكان ها، وأيضا عبر عنها بالألف لأنها تكتب بصورته كثيرا لا سيما إن كانت أولا فلا تكتب إلا بصورته فان قلت لم قيل للألف المدية لام ألف ولم يقل با ألف أو تا ألف والدلالة بهذا كالدلالة بهذا قلت هذا غير وارد لانّ لام ألف اسم للألف المديّة فهو علم مرتجل أي مبتكر وكذلك أسماء ساير الحروف فهي اعلام مرتجلة للنقوش المعروفة عند من يحسن صنعة الكتابة والجيم مثلا اسم ومسماه جه من كجعفر وهكذا ساير الحروف وقد قال الخليل يوما لاصحابه كيف تنطقون بالجيم من جعفر قالوا جيم قال إنما نطقتم بالاسم ولم تنطقوا بالمسؤول عنه وهو جه والأعلام المرتجلة كفقعس أبو قبيلة من بني اسد وأدد أبو قبيلة من اليمن لا يلزم فيها
1 / 43
المناسبة ولا يدخلها التعليل وأيضا ما من حرف قرنت به إلا ويرد هذا السؤال عليه سلمنا وروده لكن لا يكون السؤال هكذا بل يقال هل لاقترانه باللام دون ساير حروف التهجي من حكمة اطلع الله عليها عباده أو هذا مما انفرد الله بعلمه ولم يُطلع عليه احدا من خلقه أو اطلع على ذلك أهل خصوصيته دون غيرهم فالجواب إن يقال لذلك والله اعلم حكم الأولى إن اللام من الحروف المدلقة فهو حرف سلس سهل كثير الدوران في الكلام تكلم به أهل كل لغَة يسير النطق لا يتعاصى على اللسان ولذلك لا يقع الخطأ فيه إلا نادرا فكان أولى من ساير الحروف الثانية إن اللام اختص مع الألف في الوضع بأمر ليس في ساير الحروف وهي إنها تكون معانقة لها إذا اجتمعنا بخلاف ساير الحروف فبينهما جرة كما بين ساير الحروف إذا اجتمعن الثالثة إنها اقترنت بها في اسم الجلالة وسلطان الأسماء وهو الله وحذفنها منه لحن تفسد به الصلاة ولا ينعقد به صريح اليمن كما قاله البيضاوي وغيره ونازع فيه النوري وقال اللحن مخالفة صواب الأعراب وهذه الكلمة العظيمة بحذف ألفها تصير كلمة أخرى قلت ولعل هذا هو مراد البيضاوي وغيره إذ اللحن يطلق على الخطأ من حيث هو وقال ابن الصلاح حذف الألف لغَة حكاها الزجاجي قلت وكذلك غيره لكن الظاهران حذف الألف إنما جاء في ضرورة الشعر كقوله " إلا لا بارك الله في سهيل - إذا ما الله بارك في الرجل " والله اعلم، وكذلك قرنت معها في أول كلمة التوحيد وعنوان الأيمان وهي لا اله إلا الله إلا إنها في اسم الجلالة محذوفة في الخط تنزيها إن يشبه في الصورة باللات اسم الصنم في الوقف وفي لا اله إلا الله مرسومة في الخط الرابع إن الحروف
1 / 44
المقطعة المرسومة في اوايل بعض السور الشريفة هي سر القرءان وصفوته كما قال الصديق ﵁ في كل كتاب سر وسر الله في القرآن أوايل السور وقال علي ﵁ إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حرُوف التهجي انتهى وقد ذكرت اللام فيها في ثلاثة عشر موضعا في كلها قبلها الألف خطا ولفظا وهي مقارنة للألف المدية لفظا ولم يقع ذلك لغَيرها من الحروف الخامسة إن اللام من افضل الحروف لما ذكر ولأنها جرت على لسانه ﷺ في اوايل أسماء الله تعالى التسعة والتسعين في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره في قوله هو الله الذي لا اله إلا هو الرحمن الرحيم إلى قوله الوارث الرشيد الصبور مع إنها ذكرت في وسط بعض الأسماء وأواخرها ولم يقع هذا لغَيرها من الحروف فدل على فضلها وشرفها وأيضا فطبعها كما ذكره من تكلم على طبائع الحروف الرطوبة والبرودة وهما طبع الماء وفي الماء من البركة والمنافع ما هو معلوم وكذلك اللام ولأجل هذه الفضايل وغيرها جعلت وسط الحروف - أربعة عشر قبلها وأربعة عشر بعدها - وجعلها الله وسط المخارج - ثمانية قبلها وثمانية بعدها فهي كعبة مجدها - وواسطة عقدها ولذلك استحقت التقدم عليها وان كان لغَيرها أسرار فالفضايل لا تتزاحم والله اعلم. فان قلت قد نصوا إن حروف العدد ثمانية وعشرون وتركوا لام ألف ولعل بعض الأغبياء اخذ من هذا قلت فرق بين أهل الخط وأهل العدد وكل يبحث عن تصحيح قواعده وضبط أصوله فمراد أهل العدد ضبط المراتب الآحاد والعشرات والمئات والألوف وقد حصل لهم الغرض بدون الألف
1 / 45
المدية وأهل الخط لا يتم لهم الدلالة على المعاني كلها إلا بها فحصل ألفرق وظهر الحق
والله الموفق. هـ الموفق.
فائدتان
الأولى أسماء الحروف معُربة إذ لا موجب لبنائها لكنها إذا لم تل العوامل فهي ساكنة الأعجاز على الوقف كأسماء الأعداد وغيرها إذا خلت عن العوامل وما آخره منها ألف نحو با - تا - حا - را ممدود وقصرها عند التهجي طلب للخفة، وذكر الرضى إن ما كان من أسماء المعجم موضوعا على حرفين كما مثلنا إذا ركب مع عامله بما وما لم يركب مع عامله لا يمد.
الثانية قال الشيخ المحقق علي بن محمد المقري الفيومي في كتابه المصباح المنير. وحرف المعجم يجمع على حروف. قال الفرا أبن السكيت وجميعها مؤنثة ولم يسمع التذكير فيها في شيء من الكلام ويجوز تذكيرها في الشعر، وقال ابن ألانباري التأنيث في حروف المعجم عندي على معنى الكلمة والتذكير على معنى الحرف، وقال في البارع الحروف مؤنثة إلا إن تجعلها أسماء فعلى هذا يجوز إن يقال هذا جيم وهذه جيم وما أشبهه انتهى فعليك بتحصيل هذه الجمل فإنها مهمة والجهل بها قبيح وكثير من المتصدرين في زماننا هذا لا يحسنها فوا أسفاه على زمان تصدر فيه للإقراء وتقرير الشريعة المطهرة بل للتمشيخ وادعاء انه حجة بين الله وبين عباده من لا يعرف
1 / 46
حروف ألف با فأنا لله وإنا إليه راجعون. ولنرجع إلى المقصود بعون الخالق القادر المعبود.
فصل الألف المتحركة
وتسمى الهمزة وهو حرف حلقي مجهور شديد مستفل منفتح مصمت مهتوف متوسط بين القوة والضعف مرقق ثقيل ولذا غيرته العرب بأنواع من التغيير كالتسهيل والإبدال والحذف ولما لم تثبت في اللفظ على لفظ واحد لم تثبت في الخط على صورة واحدة كساير الحروف بل يستعار لها مرة صورة الألف ومرة صورة الياء ومرة صورة الواو ولأنها تبدل منها كثيرا في نحو فَأتُوا، ويُؤْمِنوُنَ، وبئر وقد كان العالمون بصناعة التجويد ينطقون بها سلسة سهلة برفق بلا تعسف ولا تكلف ولا نبرة شديدة ولا يتمكن أحد من ذلك إلا بالرياضة وتلقي ذلك من أفواه أهل العلم بالقراءة ويقع الخطأ فيها لبعض القراء من اوجه منها تفخيمها فلابد من التحفظ منه ولا سيما عند حروف الاستعلاء وسواء كانت قطعية أم موصولة عند الابتداء بها نحو أقَاموُا والظَّالمينَ وأظْلَمُ وأخَّرْتنِي والصَّدَفَيْنِ وأصْدَقُ وأضَلُّ والضَّالِّينَ وأغْوَيْناَ وأغَيْرَ والطَّلاَقُ والطَّامَّةُ وأطَعْنَا وأخْطَأنَا وكذلك ما شابه حروف الاستعلاء وهو الرا نحو أرَضِيتُمْ وأرَاكُم والرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ والرَّوحُ وكذلك اللام المفخم في اسم الجلالة نحو اللهُ لاَ إلَه إلا هُوَ وكذلك إذا أتى بعدها ألف نحو ءامنَوُا وءَايَاتٍ وءَامِينَ وبعض العجم يبالغ في تفخيمها حتى تخرج الفتحة إلى شبه الضمة وهو لحن فاحش لأن الهمزة مرققة مطلقا سواء جاورها مفخم أو مرقق، ومنها شبه تشديدها وبعضهم يبالغ في ذلك حتى تصير مشددة حقيقة ويقصد فاعل ذلك تحقيقها فيقع في الخطأ وهولا يشعر واكثر ما يقع ذلك بعد المد نحو أولئِك وهَؤُلاءَِ وَيَأيُّهَا، ومنها تسهيلها في موضع التحقيق وأكثر ما يقع في المضمومة بعد الألف نحو يشَاءُ وَجَزَاءُ لا سيما إن أتى قبل الألف حرف شفوي لما بين المخرجين من البعد نحو أنْباءُ والضعفَاءُ والماءُ فان
1 / 47
كثيرا من الناس يسهلها بين الهمزة والواو وهو لا يشعر وجرى اللسان بهذه السهولة على النطق بالهمز المحق إذ الهمز اثقل الحروف نطقا وهذا كان حال الوصل وهو خطأ بلا شك إذ لم يقرأ به أحد فيما علمت وأما في حال الوقف فليس بخطأٍ لكن لا ينبغي إن يقرأ به إلا لمن قرأ بذلك كحمزة ومنها تحقيقها في موضع التسهيل وهو مفصل مبين في كتاب الخلاف بين القراء وإذا سهلت المفتوحة في نحوءَانْذَرْتَهُمْ وَجاَءَ أحَدُكُمْ وَالسُّفَهَاَء أمْوَالَكُمْ فالتسهيل حرف بين الهمزة المحققة وحرف المد الذي يجالس حركتها وهو الألف وإذا سهلت المكسورة في نحو أالَهُ مَعَ اللهِ وهَؤُلاَءِ إن كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَمِنَ السَّمَاءِ إلى الأرض فالتسهيل حرف بين الهمزة المحققة والياء المدية وإذا سهلت المضمومة في نحو أَؤُنَبِّئُكُمْ وألْقِيَ وأوْلِياَء أولَئِكَ فالتسهيل بين الهمزة المحققة والواو المدية وبعض القاصرين يجعل التسهيل هاء محضة وهو لحن لا تحل القراءة به واستدل له بعض الآخذين به بأنه يجوز في كلام العرب إبدال الهمزة ها وهو باطل بديهي البطلان إذ لا يلزم من جواز الشيء في العربية جواز القراءة به وأيضا فان إبدال الها من غير التا مقصور في العربية على السماع من العرب كقولهم هِياَّك في إيَّاك ولا يجوز القياس عليه وهو في الكتب المتداولة التوضيح وغيره ومسألتنا لم يسمع فيها ولنا أدلة كثيرة في الرد على زاعم هذا بيناها في تأليف لنا مستقل في هذه المسألة بسبب سؤال ورد علينا فيها، ومنها إخفاؤها إذا كانت مضمومة أو مع مكسورة نحو رَؤُوفٌ ويَدْرَءُونَ وأوحِيَ وأوتِينَا وإيماَنًا وإقامِ لان الهمزة حرف ثقيل والضم والكسر كذلك فيصعب على اللسان النطق بثقيلين فيخفي القاري الهمزة وهو لا يشعر لا سيما إن أتى قبلها أو بعدها ضمة أو كسرة نحو سُئِلَتْ وبارِئكُمْ وبِرُءُوسِكُمْ وتَطْمَئِنَّ ولِيُطْفِؤُا وبِإمَامٍ وأعِدَّتْ ومُتَّكِئُونَ فلا بد من إظهارها في هذا ونحوه وكذلك إذا كان قبلها مشدد نحو أنَبئكُمْ.
1 / 48