مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، رازق الخلق أجمعين، الذي هدانا للدين، ووفقنا لاتباع الحجة إلى الحق المستبين، وأبعدنا من حيرة الغافلين وضلال المضلين، وعصمنا عن غلو الغالين وتقصير المقصرين، وصلواته على خير خلقه محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى آله الطبين الطاهرين.
أما بعد، فان الله تعالى خلق عباده للرحمة وكلفهم بالعبادة، تعريضا للثواب والجنة، وأتاح عليهم بما له القدرة نصب الأدلة، وبعث الأنبياء لبيان الملة، ولم علم أن صلاح الخلق من شريعة، واحدة وملة شاملة إلى وقت انقطاع الدنيا وأقبال الأخوة، بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم معه كتابا عزيزا قرآنا عربيا، أتم بها نعمته، وأكمل حجته، فقال سبحانه: * (أولم يكفهم أنا أنزلنا الكتاب) * (1)، وقال: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (2).
فقام بأمر الله مبينا أحكام الله، فلم يدع شيئا مما أمر به الأنبياء، ولم يكتف حتى كرره وأعلنه وأشهد به من حضره من شيعته وأمرهم بالبلاغ إلى من يأتي بعده من أمته، فصلوات الله عليه وعلى آله وعترته.
وكان صلوات الله عليه، طول عمره يسرهم بما يخلف فيهم من بعده، مرة تصريحا ومرة تلويحا، وتارة بالإشارة وأخرى بالعبارة، ينص عليه ويأمر بالتمسك
صفحہ 15
به ولا رجوع إليه، يذكر ذلك في خطبه ومقاماته، ووصاياه ومخاطباته، ثم اكد ذلك عند انتقاله إلى رحمة ربه وكريم ثوابه، فمرة ذكر في خطبة الوداع حين نعى إليهم نفسه وأعلمهم ارتحاله، وأخرى في مرض موته حين تيقن انتقاله، فخرج يتهادى بين اثنين، ووصاهم بالتمسك بالثقلين، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1).
هذا غير ما أشار إلى أمير المؤمنين، آخذا بيده، مشيرا إليه بعينه، مبينا حاله بغاية الاجلال والاعظام، مميزا له بين الخاص والعام، فمرة يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه " (2)، ويقول: " علي مني وأنا منه " (3)، إلى غير ذلك مما يطول ذكره.
وكما نص هو على فضله خاصة وفضل أهل بيته عامة، فقد نطق القرآن بمفاخرهم، ونلت الآيات من مآثرهم.
وقد جمعت في كتابي هذا ما نزل فيهم من الآيات مما ذكرها أهل التفسير، وأوضحت بالروايات الصحيحة، وألحقت بكل آية ما يؤيدها من الآثار، بحذف الأسانيد طلبا للتخفيف وإشارة للايجاز، وبينت في كل آية ما يتضمن من الدلالة على الفضيلة أو الإمامة، من غير تطويل لتكون تذكرة للمهتدي، وتنبيها للمبتدي، ولتكون ذخيرة ليوم الحشر، رجاء أن أحشر في زمرتهم، وأعد من شيعتهم، وسميته " تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين ".
وقبل الشروع فيما قصدنا والأخذ فيما رتبنا، قدمنا فضلا يدل على فضل العترة على طريق الجملة.
ومن الله التوفيق والعصمة وهو حسبنا ونعم الوكيل.
صفحہ 16
فصل في ذكر ما شهد بفضل أهل البيت على طريق العامة المروي عن ابن عباس قال: ما أنزل الله تعالى في القرآن: * (يا أيها الذين آمنوا) * إلا وعلي أميرها وشريفها.
وقد عاتب الله [تعالى] أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غير آية، وما ذكر عليا الا بخير ولا شبهة، وإن كل ما ورد في القرآن من آية تتضمن مدحا وتعظيما وإكراما وتشريفا، فأن أمير المؤمنين معني بها داخل فيها.. (1).
صفحہ 17
ولا وعد برحمة في العقبى، ولا نصرة في الدنيا إلا وهو المراد بها، نحو قوله تعالى: * (يؤمنون بالغيب والصابرين في البأساء والضراء) * (1)، * (والراسخون في العلم) * (2)، و * (الصابرين والصادقين) * (3)، و * (إن تنصروا الله ينصركم) * (4)، و * (إنما المؤمنون أخوة) * (5)، * (السابقون السابقون) * (6)، و * (وعد الله الذين آمنوا) * (7)، و * (ان الأبرار لفي نعيم) * (8). ونحو ذلك مما يطول ذكرها.
ثم أمر ربنا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن ينوه بذكره، ويدل على فضله بقوله وفصله، وبين لأمته على أنه الموشح لخلافته والمنصوص على إمامته، وأن الإمامة بعدة في ذريته، وأكد الأمر فقال سبحانه * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * (9).
ولما علم ما في قلوب أقوام عن الضغائن من أمته من مكرهم، فقال: * (والله يعصمك من الناس) * (10)، فامتثل أمر ربه صلى الله عليه وآله وسلم، وبين بقوله وفعله وميزه من أمته.
أما القول فكثير منها ما قاله يوم الغدير بأنه * (ولي كل مؤمن ومؤمنة) * (11)، ومنها
صفحہ 18
ما جعله منه * (كهرون من موسى) * (1)، ومنها ما رواه حذيفة أنه قال في علي (إنه خير البشر) (2)، ومنها ما رواه عمار وأبو ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال لعلي: " يا علي من أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني " (2)، وكقوله " علي مني وانا منه " (3)، وكقوله " أوحى الله إلي في علي إنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين " (5). إلى غير ذلك مما يطول تقصيه.
واما الفعل فأنه لم يول عليه أحدا قط، وما بعثه في جيش أو سرية إلا أمره عليهم، وأمرهم بإطاعته، وحذرهم من مخالفته، وكان صاحب لوائه في غزواته حتى سأله جابر بن سمرة: " يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال: ومن عسى أن يحملها إلا من يحملها علي بن أبي طالب " (6).
وأخذ براءة من أبي بكر ودفعها إليه، وقال: " لا يبلغها عني إلا انا أو رجل مني " (7)، وأخرجه عند المباهلة، وأجراه مجرى نفسه دون غيره من أمته، وآخى بينه وبين نفسه لما آخى بين أصحابه وقال: " هو أخي في الدنيا والآخرة " (8).
وزوجه ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين مع كثرة خطابها من سادات العرب، وقال لها: " زوجتك أعلمهم علما، وأقدمهم سلما " (9).
ولم ينقم منه بطول صحبته، ولا أنكر عليه شيئا من قوله وفعله، بل أنكر على من شكا معرضا عنه، قائلا له: " ما لكم ولعلي! علي مني وأنا منه، وهو ولي كل
صفحہ 19
مؤمن ومؤمنة " (1)، ولما تمم ما أمر به وأكد أمره نزل قوله: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) * (2)، مما خلفه من الكتاب والعترة، هذا سوى ما كان إليه من صغره إلى كبره، فأنه عند ولادته غسله وسماه، وفي حجره المبارك رباه، ولما بعث كان أول من أجابه وصلى معه، وكان كشاف الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذابا عن الدين، وابتغاء رضا الله، وكان مجمعا لكل الخصال، من العلم، والزهد، والشجاعة، والسخاوة، وما كان عليه من أخلاقه المعروفة وفضائله المشهورة، فصلوات الله عليه وعلى آله وسلم.
صفحہ 20
سورة البقرة - قوله تعالى:
* (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنما نحن مستهزءون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) *.
البقرة 2: 14 - 15.
روى أبو صالح عن ابن عباس: انها نزلت في عبد الله بن أبي سلول الخزرجي وأصحابه، خرجوا فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لأصحابه: انظروا كيف أراد عنكم هؤلاء السفهاء!
فسلم عليهم ورحب بهم، ثم اخذ بيد [الامام] علي وقال: مرحبا يا بن عم رسول الله وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال علي: يا عبد الله، اتق الله ولا تنافق، فإن المنافق شر خلق الله. فقال: مهلا يا أبا الحسن، إلي تقول هذا؟! والله، إن إيماننا كايمانكم، ثم تفرقوا.
ورجع أمير المؤمنين [عليه السلام] والمسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونزلت هذه الآية (1) فيدل على أشياء منها: شهادة الله لأمير المؤمنين بالإيمان ظاهرا وباطنا،
صفحہ 21
وتدل على عصمته، ومنها ما كان منه من قطع موالاة المنافقين، وإظهار عداوتهم، والدعاء إلى الدين ومعها إجابة الله عنه بما قيل فيه، والمراد بالشياطين رؤوس الكفار.
ومعنى قوله الله [تعالى]: * (يستهزئ بهم) * قيل يحاربهم على استهزائهم، كقوله: * (وجزاء السيئة سيئة مثلها) *، وقيل يعاملهم معاملة المستهزئين بأظهار ما يبطلونه من قبول ما أتوا به بما يلحقهم من عذاب الله.
وقد روى جماعة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي [عليه السلام]: " لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق " (1).
وعن حذيفة وأبي سعيد الخدري: " كنا نعرف المنافقين لبغضهم علي بن أبي طالب " (2)
صفحہ 22
- قوله تعالى:
* (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) * (1) البقرة 2: 37.
روى السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين (أجزل الله ثوابه)، بأسناده عن حسين الصحاري، عن ابن عباس، قال: لما امر الله تعالى آدم بالخروج من الجنة، رفع طرفه نحو السماء فرأى خمسة أشباح عن يمين العرش، فقال: إلهي، هل خلقت خلقا قبلي؟، فأوحى الله تعالى إليه: أما تنظر إلى هذه الأشباح؟ قال:
بلى، قال تعالى: هؤلاء الصفوة من نوري، استقت أسماءهم من اسمي، فأنا الله المحمود وهذا محمد، وأنا العلي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا المحسن وهذا الحسين، ولي الأسماء الحسنى وهذا الحسين. فقال آدم: فبحقهم اغفر لي، فأوحى الله تعالى إليه: قد غفرت لك. (2) وهن الكلمات التي قال الله تعالى * (فتلقا آدم من ربه كلمات فتاب عليه) *
صفحہ 23
وقد قيل في الكمات أقوال جمة:
أولها إن ذلك قوله ربنا ظلمنا أنفسنا، فأما قوله فرأى أشباحا فيحتمل إنه رأى صورا، ويحتمل أنه رأى أسماءهم، فإن حملناه على الأشباح، فيحتمل أنه جعل تلك الأجزاء في ظهر آدم، ثم خلق منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وقوله: * (انا الفاطر) * كذا روي لنا، وفاطمة أولى، وروي في بعض الاخبار: انها سميت فاطمة، إن الله تعالى فطم محبيها من النار، فأما غفران آدم فليس هناك كبيرة، ومعنا تفضيل علي عليه حتى بينا ذلك في تنزيه الأنبياء (1) - قوله تعالى:
* (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد) *.
البقرة 2: 207.
المروي عن ابن عباس، انها نزلت في علي بن أبي طالب [عليه السلام] لما بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حت خرج إلى الغار، وروي إنه [عليه السلام]: " لما نام على فراشه [صلى الله عليه وآله وسلم] قام جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب باهى الله تعالى بك الملائكة " (2). فنزلت الآية بين مكة والمدينة، عن السدي.
ومعنى يشري [إنه] باع، غير أنه [قد] بذل مهجته في طاعة ربه، يبتغي في جميع عمره [طلب] مرضاته. (3)
صفحہ 24
وروي السيد أبو طالب بأسناده عن الحسين بن علي عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أخذ مضجعه وعرف مكانه، تركه أبو طالب حتى إذا نامت العيون جاء إليه وأنهضه من فراشه، واضجع عليا مكانه، فقال يوما علي [عليه السلام]: يا أبتاه أي مقتول ذات ليلية، فقال أبو طالب شعرا (1).
أصبر يا علي فالصبر أحجى * كل حي مصيره لسقوب قد بلوناك والبلى يسير * بفداى النبي وابن النجيب
صفحہ 25
لفدا الأغر ذي النسب الثاقب * ذي الباع والرضي الحسيب إن تصبك المنون عنه * فأحرى فمصيب منها وغير مصيب كل حي وان تملأ عيثا * آخذ من سهامه بنصيب قال السيد أبو طالب: والأحاديث التي سمعها الحسن عن النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] مجموعة قد جمعها غير أصحاب الحديث، وهي غزيرة، وهذا الحديث منها:
وفي مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول أمير المؤمنين شعرا: (1) وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول إله خاف ان يمكروا به * فنجاه ذو الطول الاله من المكر وبات رسول الله في الغار أمنا * موقيا وفي حفظ الاله وفي ستر وبت أراعيهم وما يثبتونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر ثم هاجر وحده وقد دميت، فاستقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعانقه ودعا له في حديث طويل، وكان حديث ابن أبي طالب على ما مر لهم في حصار الشعب، و [قد] حصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث سنين، وكانت قصة الصحيفة. (2) - قوله تعالى:
* (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
البقرة 2: 274.
المروي عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب، كان معه أربعة
صفحہ 26
دراهم، فأنفقها على هذه الصفة: باليل والنهار، وسرا وعلانية، فنزلت الآية (1).
وروي عن ابن عباس أيضا: لما نزل قوله للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله " الآية " بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير إلى أصحاب الصفة، وبعث علي بوسق من تمر (2)، وكان أحب الصدقتين إلى الله تعالى صدقة عبد الرحمن، وصدقة الليل صدقة علي [عليه السلام].
صفحہ 27
سورة آل عمران - قوله تعالى:
* (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) *.
آل عمران 3: 7.
قيل الراسخون في العلم علي بن أبي طالب (1)، ويؤيد ذلك ما رواه عن
صفحہ 28
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " انا مدينة العلم وعلي بابها " (1)، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: " أقضاكم علي " (2)، وعن عمر: " لولا علي لهلك عمر " (3)، وعنه: " لا أبقاني الله لمعضلة ليس فيها أبو حسن " (4).
وروي بأسناد عن أبي الدرداء، قال: " العلماء ثلاثة: رجل بالشام ويعني نفسه،
صفحہ 29
ورجل بالكوفة يعني ابن مسعود، ورجل بالمدينة يعني عليا، فالذي بالشام يسأل الذي بالكوفة، والذي بالكوفة يسأل الذي بالمدينة، والذي بالمدينة لا يسأل أحدا " (1).
وعن راذان، عن علي: " لو ثنى لي الوسادة - وروى لو كسرت - لي الوسادة، ثم جلست عليها، لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم. والله ما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سماء ولا أرض، ولا سهل ولا جبل، ولا ليل ولا نهار، إلا وأنا أعلم متى نزلت وفي أي شئ نزلت، وما رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وأنا اعلم أية أي آية نزلت فيه تسوقه إلى جنة أو إلى نار " (2).
- قوله تعالى:
* (قد كان لهم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة) *.
آل عمران 3: 13.
المروي عن ابن مسعود انها نزلت في قصة بدر، وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب، وبرز عتبة وشيبة والوليد، واطلبوا البراز، فخرج إليهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، فقتل حمزة شيبة، وقتل علي الوليد، وأختلف الطعان بين عبيدة وعتبة، فأعانه علي فقتلاه، فذلك قوله تعالى: * (قد كان لكم آية في فئتين التقتا) * يعني في بدر. (3)
صفحہ 30
- قوله تعالى:
* (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من الفهم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * سورة آل عمران 3: 61.
المروي عن ابن عباس والحسن والشعبي والسيد وابن إسحاق وغيرهم، دخل حديث بعضهم في بعض، قالوا جميعا في حديث المباهلة (1): إن وفد
صفحہ 31
نجران وهم بضعة عشر رجلا من أشرافهم، وفيهم ثلاثة نفر يقولون أمورهم هم:
العاقب وهو أميرهم وصاحب مشورتهم، وعن رأيه يصدرون وهو عبد المسيح رجل من كندة. وأبو الحارث بن علقمة وهو رجل من ربيعة ومعه أخوه كرز، وأبو الحارث استعفهم وخيرهم وامامهم، وصاحب مدارسهم، وله فيهم قدر ومنزلة قد شرفه ملك الروم، واتخذوا له الكنائس وولوه. والسيد وهو صاحب رحلتهم، ووصلوا من نجران، وأخو الحارث على بغلة له فعثرت به، فقال: تعس الأبعد (يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له اخوه أبو الحارث: بل تعست أنت، أتشتم رجلا من المسلمين؟! إنه النبي الذي كنا ننتظره. قال: وما يمنعك ان تتبعه وأنت تعلم هذه منه! قال: شرفنا القوم وأكرمونا، وأبوا علينا إلا خلفه ولو اتبعته لنزعوا كل ما ترى، فأعرض عنه أخوه، وهو يقسم بالله لا يثني له عنانا حتى يقدم المدينة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقال أخوه أبو الحارث: مهلا يا أخي! فإنما كنت مازحا قال: وإن مزحت، ثم مر يضرب بطن راحلته وهو يقول شعرا:
إليك تغدو قلقا وضنها * معيرضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم رحمه الله، قال: وأقبل القوم حتى مروا باليهود في ست؟؟؟ فغادوا: يا ابن صدد، يا أبا كعب بن الأشرف، أنزلوا أخوة القرود والخنازير؟ فنزلوا، فقالوا لهم: هذا الرجل عندكم منذ كذا وكذا وقد غلبكم!
أحضروا الممتحنة غدا، فأتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلوا بين يديه، فتقدمهم الأسقف، فقال:
صفحہ 32
يا أبا القاسم موسى من أبوه؟ قال: عمران، قال: فيوسف من أبوه؟ قال: يعقوب، قال: فأنت من أبوك؟ قال: عبد الله بن عبد المطلب، قال فعيسى من أبوه؟ فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لينتظر الوصي، فهبط جبريل عليه السلام بهذه الآية * (ان مثل عيسى عبد الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين) * قال:
وأقرأناها عليهم.
قال: فنزل الأسقف ثم دق به فغشي عليه، ثم رفع رأسه فقال: من زعم أن الله تعالى أوحى إليك ان عيسى خلقه من تراب؟!
ما نجد هذا فيما أوحى إليك، ولا نجسده نحن فيما أوحى إلينا، ولا تجده اليهود فيما أوحى إليهم.
فهبط جبريل بهذه الآية " فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا تدع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ".
قالوا: نصفت يا أبا القاسم، فمتى نباهلك؟ قال: غدا إن شاء الله. فانصرفوا.
فقال رئيس اليهود: أنظروا هذا الرجل، فأن خرج هو غدا في عدة من أصحابه فباهلوه فأنه كذاب، وإن هو خرج في خصاة من أهل بيته فلا تباهلوه فأنه نبي، وإن باهلناه لتهلكن. وقالت النصارى: والله إنا لنعلم إنه لبني الذي كنا ننتظره، ولأن باهلناه لتهلكن، ولا مرجع إلى أهل ولا مال، فقالوا: فكيف نعمل؟ قال الأسقف أبو الحارث: رأينا حلا كريما، نغدو عليه فنسأله ان يقيلنا، فلما أصبحوا اجتمع النصارى واليهود، وبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل المدينة ومن حوله من أهل العوالي، فلم تبق يكر لم تر الشمس إلا خرجت، فأجتمع الناس ينظرون خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج نبي الله عليه السلام وعلى آله بأبي هو وأمي وعلي من بين يديه، والحسن عن يمينه قابضا بيده، والحسين عن شماله، وفاطمة خلفه، ثم قال: هلموا فهؤلاء أبناءنا الحسن والحسين، وهؤلاء أنفسنا لعلي ونفسه، وهذه نساءنا لفاطمة.
صفحہ 33
قال: فجعلوا يستترون بالأساطين، ويستتر بعضهم بعض تخوفا أن يبدئهم بالملاعنة، ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه، ثم قالوا: أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم!
قال: أقيلكم أن تجيبوني إلى واحدة من ثلاث. قالوا: هات فقال: أدعوكم إلى الاسلام فتكونوا أخواننا لكم مالنا وعليكم ما علينا. قالوا: لا سبيل إلى هذه، فهات الأخرى.
قال: جزية نفرضها عليكم تؤدونها إلينا كل سنة وأنتم صغرة.
قالوا: ولا سبيل إلى هذه، فهات الثالثة.
قال: الحرب، كما قال الله فأنبذ إليهم.
قالوا: لا طاقة لنا بحربك، فصالحوه [على] الفي حلة، الف في رجب والف في صغر، وعلى عارية ثلاثين درعا، وثلاثين رمحا، وثلاثين فرسا إذا كان باليمن.
كيف ورسول الله ضامن لها حتى يؤديها إليهم. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لو باهلتهم ما بقي على وجه الأرض منهم أحدا، ولقد حشر علي بالطير والعصافير من رؤوس الشجر لمباهلتهم. قال: فلما رجع وفد نجران لم يلبث السيد والعاقب إلا يسرا حتى رجعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأهدى العاقب له حلة وعصا وقدحا وبغلين وأسلما.
واختلف الشيعة في المعنى الذي لأجله دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المباهلة عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) دون غيرهم من أكابر الصحابة (رضي الله عنهم)، وقالوا فيه أقوال، فمنهم من قال: انما خصهم ليبين منزلتهم وإنه ليس في أمته يعد من يساويهم في الفضل، وتنبيها على غاية الفضل لهم كما له.
ومنهم من قال: خصهم لكونهم معصومين.
ومنهم من قال: ليعلم ان التغيير والتبديل لا يجوز عليهم.
ومنهم من قال: إن الإمامة لا تخرج منهم.
ومنهم من قال: خصهم ليعلم إنه أجراهم مجرى نفسه، وفاطمة بضعة منه،
صفحہ 34