وَسَأَلت أَن أذكر لَك فِي كتابي رِوَايَة أَحَادِيث مِمَّا وهم قوم فِي رِوَايَتهَا فَصَارَت تِلْكَ الاحاديث عِنْد أهل الْعلم فِي عداد الْغَلَط وَالْخَطَأ بِبَيَان شاف أبينها لَك حَتَّى يَتَّضِح لَك ولغيرك مِمَّن سَبيله طلب الصَّوَاب سَبِيلك غلط من غلط وصواب من أصَاب مِنْهُم فِيهَا وسأذكر لَك ان شَاءَ الله من ذَلِك مَا يرشدك الله وتهجم على أَكثر مِمَّا أذكرهُ لَك فِي كتابي وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
فَمنهمْ الْحَافِظ المتقن الْحِفْظ المتوقي لما يلْزم توقيه فِيهِ وَمِنْهُم المتساهل المشيب حفظه بتوهم يتوهمه أَو تلقين يلقنه من غَيره فيخلطه بحفظه ثمَّ لَا يميزه عَن أَدَائِهِ الى غَيره وَمِنْهُم من همه حفظ متون الاحاديث دون أسانيدها فيتهاون بِحِفْظ الاثر يتخرصها من بعد فيحيلها بالتوهم على قوم غير الَّذين أُدي اليه عَنْهُم وكل مَا قُلْنَا من هَذَا فِي رُوَاة الحَدِيث ونقال الاخبار فَهُوَ مَوْجُود مستفيض
وَمِمَّا ذكرت لَك من مَنَازِلهمْ فِي الْحِفْظ ومراتبهم فِيهِ فَلَيْسَ من ناقل خبر وحامل أثر من السّلف الماضين الى زَمَاننَا وان كَانَ من أحفظ النَّاس وأشدهم توقيا واتقانا لما يحفظ وينقل الا الْغَلَط والسهو مُمكن فِي حفظه وَنَقله فَكيف بِمن وصفت لَك مِمَّن طَريقَة الْغَفْلَة والسهولة فِي ذَلِك ثمَّ أول مَا أذكر لَك بعد مَا وصفت مِمَّا يجب عَلَيْك مَعْرفَته قبل ذكري لَك مَا سَأَلت من الاحاديث السمة الَّتِي تعرف بهَا خطأ المخطىء فِي الحَدِيث وصواب غَيره اذا أصَاب فِيهِ
فَاعْلَم أرشدك الله ان الَّذِي يَدُور بِهِ معرفَة الْخَطَأ فِي رِوَايَة ناقل الحَدِيث اذا هم اخْتلفُوا فِيهِ من جِهَتَيْنِ أَحدهمَا أَن ينْقل النَّاقِل حَدِيثا بِإِسْنَاد فينسب رجلا مَشْهُورا بِنسَب فِي اسناد خَبره خلاف نسبته الَّتِي هِيَ نسبته أَو يُسَمِّيه باسم سوى اسْمه فَيكون خطأ ذَلِك غير خَفِي على أهل الْعلم حِين يرد عَلَيْهِم
1 / 170