============================================================
الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل وبيان أن النظر يندفع به الضرر هو أن المكلف إذا كمل عقله فلا بد من أن يخاف من ترك النظر لسبب ما، والأمن لا يكون إلا بالوقوف على حقيقة الأمر، ولن يكون ذلك إلا بالنظر؛ لبطلان سائر الوجوه الموصلة كما مر، فثبت أن النظر يندفع به الضرر.
وبيان أن دفع الضرر واجب مقرر في العقول معلوم باضطرار، فوجب القول بوجوب النظر. وتمام تقرير هذه القاعدة بذكر ما يرد عليها من الأسئلة والانفصال عنها، وهي أربعة.
السؤال الأول: أنا لا نسلم أن العلم مما يمكن دخوله تحت التكليف، وبيانه من وجهين: أحدهما أن الشخص لو كان مكلفا بتحصيل العلم لكان حال كونه مكلفا به إما أن يمكنه التمييز بينه وبين الجهل أم لا.
فإن قلنا: بأنه يمكنه التمييز بينه وبين الجهل فهو باطل؛ لأن التمييز إنما يكون إذا علم أن هذا الاعتقاد مطابق للمعتقد والآخر غير مطابق له، والعلم بكون هذا الاعتقاد مطابقا للمعتقد علم باضافة أمر إلى أمر، والعلم بإضافة الشيء إلى غيره مسبوق بالعلم بكل واحد من المضافين إليهما، فإذن العلم بكون هذا الاعتقاد علما مسبوق بالعلم بذلك المعتقد، وهو محال يؤدي إلي أنا لا نعلم الشيء حتى نعلمه، وإن قلنا: إنه حال تكليفه بالعلم لا يمكنه التمييز بينه وبين الجهل. كان تكليفه بالعلم على التعيين محال، فيكون وقوعه عند النظر يجري مجرى الحدس والاتفاق، ومثل هذا لا يدخل تحت التكليف، وهو مثل من يمشي في طريق فيقع في المهواة وهو لا يشعر.
ال وثانيهما: أن النظر كما حققتم عبارة عن ترتيب العلوم الضرورية على وجه يلزم من حصولها حصول العلم النظري لا محالة، وإذا كان كذلك فمتى خلق الله تلك العلوم الضرورية كان العلم حاصلا لوجوب حصولها، ومتى لم يخلق الله تلك العلوم الضرورية
صفحہ 51