236

============================================================

السهيد شح معالم العدل والتوحيل تعالى لا يدعوه داع إلى فعل القبيح. وإنما قلنا إنه لا يكون مريدا له؛ فلما ثبت أنه لا معنى للارادة في حقه إلا الداعي، فإذا كان داعيه مستحيلا استحالت إرادته.

الوجه الثاني حجة أبي هاشم واعتمده أبو الحسين، قد ثبت أنه تعالى ناه عن المعاصي، والناهي عن الشيء يجب أن يكون كارها له، فيجب أن تكون المعاصي مكروهة لله تعالى، وانما قلنا إنه تعالى ناه عن المعاصي؛ فلأنه قد صدر من جهته صيغة النهي كقوله تعالى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)(1) ولم يدلنا على أنه أراد غير ظاهره وحقيقته، فلو أراد غير ظاهره وحقيقته ولم يبينه لنا لكان ذلك تعمية وإلغازا، وهما محالان عليه تعالى، فيجب آن يكون المقصود به ظاهره.

وإنما قلنا إن الناهي عن الشيء يجب أن يكون كارها له؛ فلأ مرين: أما أولا فلأن النهي قد يقع تارة نهيا ويقع مرة أخرى غير نهي، فلا بد من أمر لمكانه كان نهيا. فلا يخلو إما أن يكون نهيا لذاته أو لغيرها، والأقسام كلها باطلة كما ذكرناه في صيغة الأمر، فلم يبق إلا أن يكون نهيا لكراهية المنهي عنه.

وأما ثانيا فلأن النهي إنما ينفصل عن التهديد بكراهة المنهي عنه، فثبت أنه تعالى كاره لجميع المعاصي: الوجه الثالث إن إرادة القبيح قبيحة، والقبيح على الله تعالى محال، وإرادة القبيح غير جائزة في حق الله تعالى. وإنما قلنا إن إرادة القبيح قبيحة، فلأن العقلاء يستحسنون ذم من علموا من حاله أنه يريد قتل الأنبياء وفساد الناس في الأرض وهدم المساجد وانتهاك حرم المسلمين، وإنما قلنا إن القبيح على الله تعالى محال؛ فلأنه صفة نقص، والنقص على الله تعالى - سورة الأنعام: آية 151.

صفحہ 236