فالقوة الحافظة بالجملة انما تحضر معانى اجزاء الشى المحفوظ على التوالى والاتصال. فاذا احضرتها، ركب بعضها الى بعض المميز، ورسمها المصور، والقوة الذاكرة انما تحضر اجزاء الشىء بحركة منقطعة غير متصلة. واذا كان وجود اجزاء الشىء ظاهرا فى هذه المدارك الثلاث، وكان قليل القشر من جهة المميز والمصور، كان تذكره اسهل، وان كان كثير القشر من هاتين الجهتين، كان تذكره عسيرا. والمعانى الكلية انما تتذكر من جهة المتخيلات التى تستند اليها. ولذلك كان النسيان يلحقها كما يلحق المعانى الجزئية. والذكر انما يكون للصور السهلة الاسترجاع، والتذكر للصور العسيرة الاسترجاع. والصور السهلة الاسترجاع هى التى تكون عند القوة المتخيلة والحاس المشترك، كثيرة الجسمانية قليلة الروحانية. والصور العسرة الاسترجاع هى الكثيرة الروحانية القليلة الجسمانية. وانما كان ذلك كذلك لان الصور الكثيرة الجسمانية يطول فعل الحس المشترك فى تمييز روحانيتها من جسمانيتها، فيعرض له ان تثبت فيه تلك الصورة، وبخاصة متى قبلها قليلة القشر . فقد تبين من هذا كيف يكون التذكر والذكر، وما الفرق بينهما وبين الحفظ.
وقد بقى من لواحق هذه القوة التى يذكرها ارسطو مطلبان. احدهما، لم كان المتذكر يالم يألم ويلتذ من غير ان يكون الملتذ به موجودا بالفعل؟ والمطلب الثانى لم يكونوا بعض الاناس جيد الذكر ردىء الحفظ، وبعضهم اجتمعت لهم جيدة الذكر وجيدة الحفظ؟
صفحہ 48