فنقول انه لما كانت الاسطقسات تختلف بكثرة الشفيف وقلته كالهواء والماء، وكان المشف من شانه ان يقبل الضوء ويستكمل به، واذا قبل المشف الضوء واتحد به تولدت عن ذلك الوان مختلفة بحسب قوة الضوء وضعفه وكثرة الشفيف وقلته. وذلك ظاهر من الالوان المختلفة التى تحدث عند اتحاد ضوء الشمس بالغيم والسحاب، فانه من البين ان تلك الالوان انما تحدث عن بياض الضوء وسواد السحاب، مثل الالوان التى تحدث فى قوس قزح وغير ذلك. فواجب ان يكون اللون انما يحدث عن امتزاج الجسم المضئ مع الجسم المشف. ولما كانت جميع المركبات انما تولد عن الاسطقسات الاربع، وكان المشف من الاسطقسات هو الماء والهواء، والمضئ منها هى النار وحدها، وذلك ايضا اذا تشبثت بغيرها، كان واجبا ان تكون الالوان مركبة من هاتين الطبيعتين، اعنى طبيعة المشف وطبيعة النيير، وان يكون الفاعل لاختلافها انما هو اختلاف هاتين الطبيعتين فى الكمية والكيفية.
فاللون الابيض يتولد عن امتزاج النار الصافية مع الاسطقس الذى فى غاية الشفيف وهو الهواء. واللون الاسود يتولد عن النار الكدرة التى تمتزج مع اقل الاسطقسات شفيفا وهى الارض. والالوان المتوسطة بين الابيض والاسود تولد عن اختلاف هذين الشيئين بالاقل والاكثر، اعنى اختلاف الجسم المضىء واختلاف الجسم المشف. ولذلك كان اللون الابيض والاسود هما اسطقسا الالوان.
صفحہ 13