ويخص قوة البصر من هذه الثلاث انها تحتاج مع المتوسط الى الضوء. والدليل على ذلك انها لا تبصر فى الظلمة. واذا حدث فى الهواء دخان او بخار يعوق نفوذ الضوء فيه، ضعفت الروءية. ولهذا اذا غضب المرء وهاجت الحرارة فى عينيه، اظلم بصره لمكان البخار، وربما راى الشىء الوحد، كما قلنا، شيئين. وليس الضوء شىء يوجد للعين من طبيعتها، وانما يدخل عليها من خارج. ولو كان من نفس طبيعتها لابصرت الاشياء في الظلمة. ولهذا يعرض للذى يغمض عينيه انه، اذا فتحها، لم يرالشىء على حقيقتها الا بعد ما يستنير بصره. وقد يعرض للبصر انه يرى الشىء رؤية روحانية، قبل ان يراه من خارج على الحالة التى هو عليها، وسنبين علة ذلك فى ما بعد. وهذه الرؤية انما تعترى لمبصر فى الاكثر فى الظلمة وعند السكون. ومن خاصة هذا الادراك انه لا يكون جيدا الا فى الضوء المعتدل لا فى الضوء الشديد ولا القليل. فقد بان من هذا ان الحواس الثلاث يخصها انها تدرك محسوساتها بمتوسط، وان البصر يخصه مع وجود المتوسط حضور الجسم المضئ. وقد قيل فى الضوء والمضئ والاشفاف والمشف فى كتاب النفس.
صفحہ 11