من أشرف علومه وأطرف مفهومه علم ما أبهم فيه ، من أسماء الذين نزلت في اوصافهم الآيات، وكانوا سببا لما فيه من الأخبار والحكايات وقد أبدع في التصنيف في هذا الغرض وبادر إلى أداء هذا المفترض : شيخ شيوخنا وأستاذ أستاذينا ومعلم معلمينا، العالم الأجل والإمام الأكمل أبو زيد عبد الرحمن بن بى الحسن السهيلي رضوان الله عليه، فإنه جمع فيه كتابه المسمى بكتاب التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام .
فهو وإن كان ضئيلا حجمه، فقد أشرق في الإبداع نجمه، وإني لم أزل منذ وأيت مبناه وفهمت مقصده الشريف، ومنجاه أرتشف من حياضه وأقتطف من ازهار رياضه، وكلما طالعت غيره من كتب التفاسير والأخبار، أو لاحظت سواه من تصانيف العلماء والأحبار، فيقع إلي اسم قد أبهم في الكتاب العزيز لفظه، واشتهر عند علماء الإسلام نقله وحفظه ، وأجد الشيخ رضى الله عنه قد أغفله ولم يحل مقفله، ألحقه من كتابه في الطرر، وأضيف جوهره إلى تلك الدرر؛ حرصا على أن تعظم الفائدة لمن استفاد، وتبقى الفائدة بعد النفاد، حتى اجتمع لي منها بحمد الله تعالى جملة وافرة، ولاحت عن وجه المقصد سافرة فاستخرت الله تعالى واستعنته على أن أجمعها فى كتاب يكون لكتاب الشيخ رضى الله عنه تكملة، وتضحى به الفائدة مشتملة، وأبرأ في ذلك من تعاطى المعارضة أو تعسف المناقضة .
وكيف وكل ما استفدته من شيوخي رضي الله عنهم الذين أعتمد عليهم وأسند ما أورده إليهم، إنما هو قطرة من بحره الزاخر، ومعدود فيما له من الفضائل والمفاخر ، فجميع ما آتيه من ذلك وأبديه، إنما هو في الحقيقة مصروف إليه وموقوف عليه ، إلا أن يكون خطأ أو وهمأ، أو لم أحسن فيه نظرا ولا فهما، فدرك ذلك على ، وعيبه راجع إلي ، لما أنا عليه من التقصير والباع القصير.
والله تعالى ينفع بما قصدته من ذلك ويخلصه لوجهه ويرزقنا فهم آياته، وتدبر معاني كتابه بمنه وكرمه .
وأسوق ذلك بحول الله تعالى على سور القرآن، ولا أذكر من الآيات إلا ما لم يجر لها في كتاب الشيخ ذكر، إلا أن يكون فيما ذكره تنبيه يحتاج إليه، بأنبه بقدر الاستطاعة عليه، والله المخلص والمعين، وعليه أتوكل وبه أستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .
صفحہ 18