قلنا: هذا غلط فاحش، ونقل باطل، واختراع على الشافعي رحمه الله؛ فإن مذهب الشافعي المعروف في جميع كتبه وكتب جميع أصحابه المشهورة والخفية: أن مكة فتحت صلحا، وأما عبارة الغزالي في ((الوسيط))، فموهمة خلاف هذا، وهي مؤولة عند أصحابنا إحسانا للظن بالغزالي، ولو لم يمكن تأويلها لعدت غلطا مردودا، لكنها ظاهرة التأويل، وتأويلها يعرف من لفظها.
ويا عجبا لمن يخالط أصحاب الشافعي أو يطالع شيئا من كتبه، أو كتابين فصاعدا من كتب أصحابه: كيف ينقل عن الشافعي ومذهبه هذا النقل الذي يرده عليه كل كتاب لهم، وكل مبتدئ بالتفقه له مؤانسة؟!
وكيف يحل لأحد أن ينسب إلى الشافعي -الذي محله من العلوم محله- التناقض من غير مطالعة كتبه أو كتابين من كتب أصحابه؟
وما أظن مرتكب هذا النقل طالع في هذه المسالة غير ((الوسيط)).
ويا عجبا لمن يرتكب خلاف إجماع الأمة من غير أن يحتاط لدينه وعرضه بإمعان النظر فيما يحاوله من المقالات المردودة بالإجماع، وبالنصوص الظاهرة، والدلالات المتظاهرة.
فإن قال هذا القائل: قد قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين، فأكثر لأهل مكة منها ولأشراف من غيرهم، وأجزل لهم العطاء، حتى أعطى الرجل الواحد مائة من الإبل، والآخر ألف شاة، ومعلوم أن نصيب الواحد من الحاضرين لا يبلغ هذا العدد.
صفحہ 39