99

قيل له: معناه عندنا إذا عدت فيه، فأثبته على الترتيب؛ لأنه قال: إذا أتممت، والإتمام هو الإتيان به على الترتيب، ويدل على صحة هذا التأويل أنه لا خلاف في أن المستحب هو الترتيب، وأن تركه ليس بسنة، ولا يجوز أن يقول علي عليه السلام: لا أبالي بترك المستحب والعدول عن السنة، فبان أنه أراد به ما قلناه.

ويدل على ذلك من طريق النظر أنها عبادة تبطل بالحدث، فيجب أن يكون الترتيب من شرط صحتها فيما رتب بالواو، وقياسا على الصلاة، ويمكن أن يقاس على الصلاة أيضا بعلة أخرى، وهو أنه عبادة ارتبط بعضها ببعض، ونسق بعضها على بعض بالواو، ويمكن أيضا أن يقاس عليها بأنها عبادة تعود إلى شطرها في حال العذر مع القدرة عليها، فإن عارضوا قياسنا بقياسهم الوضوء على الإغتسال بعلة أنها طهارة، رجحنا قياسنا باستناده إلى الظواهر التي ذكرناها، وبالحظر، والاحتياط، وبأنه يفيد شرعا، وبفعل الكافة من لدن الصحابة إلى يومنا هذا.

فصل [ في أن فرض الوضوء مرة مرة ]

ما ذكرنا من أن فرض الوضوء مرة مرة، والثانية والثالثة فضل وسنة، منصوص عليه في (المنتخب) (1)، ولا خلاف فيه إلا في موضعين:

أحدهما: ما تذهب إليه الإمامية، أن المستحب منه مرتان، وأن الثالثة لا معنى لها.

والثاني: ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن تكرير مسح الرأس غير مستحب.

والذي يفسد جميع ذلك، ويصحح ما ذهبنا إليه:

ما أخبرنا به محمد بن عثمان، قال: حدثنا الناصر، حدثنا محمد بن منصور، عن أبي كريب، عن عبد الرحيم، حدثنا شريك، عن ثابت الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر، قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا ، وذلك عام في جميع الوضوء، فدخل فيه مسح الرأس كما دخل غيره.

صفحہ 99