تجرید
شرح التجريد في فقه الزيدية
اصناف
قيل له : قد روينا هذا الخبر على ما قدمنا ذكره مطلقا من غير ذكر السبب.
وأيضا فإنه لا يجب قصره على السبب، وإن لم يرو غيره، بل يجب حمله على مقتضى اللفظ، فلا معنى للإشتغال بما ذكروه.
فإن قيل: اسم الإهاب لا يتناوله بعد الدبغ، كان ذلك ساقطا؛ لأن الإهاب اسم للجلد ينطلق عليه قبل الدبغ وبعده.
فإن ادعوا تخصيص هذه الأحاديث بما روى عطاء، عن ابن عباس، أن شاة لميمونة ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( هلا أنتفعتم بإهابها )). فقالوا: إنها ميتة.
ففي بعض الأخبار: (( دباغ الأديم طهوره )). وفي بعضها: (( يطهرها الماء والقرض )). وفي بعضها (( إنما حرم أكلها )).
وبما روي عن ابن عباس، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: (( أيما مسك دبغ، فقد طهر ))، وروي: (( أيما إهاب دبغ فقد طهر )).
وروى الأسود، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( دباغ الميتة طهورها )).
وبما روي عن سلمة بن المحبق: (( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بقربة من عند امرأة فيها ماء، فقالت: إنها ميتة، فقال: (( دبغتها ))؟ قالت: نعم. قال: (( دباغها ذكاتها )).
وروي نحو ذلك عن سودة بنة زمعة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: اتخذت قربة من ميتة، فبقيت عندنا إلى أن تخرقت.
قيل لهم: في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( هلا انتفعتم بإهابها ))، معناه هلا ذكيتموها؟ وانتفعتم بإهابها، ألا ترى أنه قال بلفظ الماضي، ولو أراد في(1) الحال لقال هلا تنتفعون بإهابها، فلو جعل ذلك دلالة على أن الانتفاع لا يجوز لكان قريبا، إذ التنبيه بلفظ الماضي على هذا الحد لا يقع إلا لأمر فائت، ألا ترى أنه لا يقال: هلا صليت إلا مع فوات وقتها، فأما مع بقائه، فيقال: هلا تصلي؟ وهذا ظاهر.
صفحہ 55