عند هذا الحد أقف في وصف هذه الرواية والتنبيه على شيء من مزاياها. وسيرى المطالع بنفسه من حسناتها في كل فقرة وفي كل رمز ما تأخذه الدهشة لديه ويخالط عجبه منه الإعجاب به.
إن الغرر في روايات شكسبير ثمان على ما أعتقد، وهذه إحداهن عربتهن جميعا، وسأوالي تمثيلهن بالطبع، إذ هن لكل لغة حاجة وزينة، فما بالك باللغة العربية وهي مجتمع أبحر البيان وملتقى كل حسن أدبي وإحسان.
خليل مطران
الفصل الأول
المشهد الأول
منهج في البندقية «يدخل أنطونيو وسالارينو وسالانيو»
أنطونيو :
حقا لا أعرف لماذا أنا حزين حزنا يتعبني، ويشق عليكما فيما أرى. إني لأسائل ضميري من أين جلبت أنا هذه الكآبة، أو كيف وفدت هي علي، أو في أي مكان صادفتني، أو من أي غزل نسجت، أو تحت أية سماء ولدت، فما أكاد أحير جوابا، بل أشعر أن بي بلاهة، وأوشك أن أتنكر علي نفسي.
سالارينو :
لا غرو أن يكون عقلك ضاربا في العباب متعقبا بين النواهض والعواثر من الأمواج، آثار مراكبك الضخام التي تتخطر بسواريها البواسق فوق الغمر تخطر الغطاريف الذين لهم السيادة علي البحر، أو تحلق من عل فوق جماهير الصغار المتضائلات من سوقة السفن وعامة المنشآت فيحيينها بإجلال حين مرورها بهن سابحة، وكأنها طائرة بأجنحتها الكتانية.
نامعلوم صفحہ