تاج العروس
تاج العروس
تحقیق کنندہ
جماعة من المختصين
فَدخل وَاسِط وبغداد، وَأخذ عَن قاضيها ومدرس النظامية بهَا الشّرف عبد الله ابْن بكتاش، وجال فِي الْبِلَاد الشرقية والشاميّة، وَدخل بِلَاد الرّوم والهند، وَدخل مصر وَأخذ عَن علمائها، وَلَقي الجمَّاءَ الغَفير من أَعْيَان الْفُضَلَاء، وَأخذ عَنْهُم شَيْئا كثيرا بيّنه فِي فهرسته، وبرع فِي الْفُنُون العلمية وَلَا سِيمَا اللُّغَة، فقد برَّز فِيهَا وفَاق الأقران، وَجمع النَّظَائِر، واطلع على النَّوَادِر، وجوّد الخَط، وَتوسع فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير، وخدمه السُّلْطَان أَبُو يزِيد بن السُّلْطَان مُرَاد العثماني، وَقَرَأَ عَلَيْهِ، وأكسبه مَالا عريضًا، وجاهًا عَظِيما، ثمَّ دخل زَبيد فِي رَمَضَان سنة ٧٩٦ فَتَلقاهُ الْملك الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل، وَبَالغ فِي إكرامه، وَصرف لَهُ ألف دِينَار، وَأمر صَاحب عدن أَن يجهزه بِأَلف دِينَار أُخرى، وَتَوَلَّى قضاءَ الْيمن كلّه، وَقَرَأَ عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه، واستمرّ بزبيد عشْرين سنة، وَقدم مكّة مرَارًا، وجاوَرَ بهَا، وَأقَام بِالْمَدِينَةِ المنورة، وبالطائف وَعمل بهَا مآثر حَسَنَة، وَمَا دخل بَلْدَة إِلَّا أكْرمه أَهلهَا ومتولّيها وَبَالغ فِي تَعْظِيمه، مثل شاه مَنْصُور بن شاه شُجَاع فِي تبريز، والأشرف صَاحب مصر، وَأبي يزِيد صَاحب الرّوم، وَابْن إِدْرِيس فِي بَغْدَاد، وتيمورلنك وَغَيرهم، وَقد كَانَ تيمور مَعَ عُتوّهِ يُبَالغ فِي تَعْظِيمه، وَأَعْطَاهُ عِنْد اجتماعه بِهِ مائَة ألف دِرْهَم، هَكَذَا نَقله شَيخنَا، وَالَّذِي رَأَيْته فِي مُعْجم الشَّيْخ ابْن حجر الْمَكِّيّ أَنه أعطَاهُ خَمْسَة آلَاف دينارٍ، ورام مَرّةً التَّوَجُّه إِلَى مَكَّة من الْيمن، فَكتب إِلَى السُّلْطَان يستأْذنه ويُرغّبه فِي الْإِذْن لَهُ بِكتاب من فصولِه - وكانَ مِنْ عادَة الخُلفاء سلفا وخلفًا أَنهم كَانُوا يُبْرِدُون البريدَ بقصْدِ تبليغِ سلامهم إِلَى حَضْرَة سيّد الْمُرْسلين -: فاجعَلْني - جَعلني الله فدَاك - ذَلِك الْبَرِيد، فَإِنِّي لَا أَشتهي شَيْئا سواهُ وَلَا أُريد.
فَكتب إِلَيْهِ السُّلْطَان.
إِن هَذَا شيءٌ لَا ينْطق بِهِ لساني، وَلَا يجْرِي بِهِ قلبِي، فبالله عَلَيْك إِلَّا مَا وَهَبْتَ لنا هَذَا العُمر، واللهِ يَا مجدَ الدّين يَمِينا بارّة، إِنِّي أَرى فِراقَ الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا
1 / 42