وقالت وسيلة في عدم مبالاة وفي هدوء: أما أنا فأنتظر. - غير معقول. - فعلا غير معقول. - ضعي شيئا على نفسك وادخلي الحجرة المجاورة. - لا تخف. - أنا خائف فعلا. افعلي ما قلته لك. - وقالت وسيلة في غير عناية: أمرك، ولكن لا تخف.
وكان قد وضع على نفسه أحد معاطفه المنزلية وخرج وهو يربط حزامه والجرس مصر على ألا يصمت، وفتح حفني الباب ليرى أمامه الدكتور فتوح ولم يخطئه، فهو رجل شهير وقد رآه أكثر من مرة في أكثر من مناسبة. وقال الدكتور وهو على الباب: أين وسيلة؟
وكان حفني مشدوها حائرا، فهو مع ممارسته الطويلة للمغامرة لم يلتق بموقف مثل هذا الذي يعانيه في لحظته تلك: ألا تدخل يا دكتور. - لا أريد أن أدخل. - أظن لا يعقل أن دكتور في مثل شهرتك وسنك ... - لا شأن لك بسني. - في مثل مكانتك يناقش أمرا مثل هذا على باب شقة، ويدخل الدكتور ويغلق حفني الباب وهو يقول: تفضل اقعد.
والتفت إليه فإذا بيد الدكتور مسدس وروع حفني. - ما هذا يا دكتور؟ أهو فيلم سينما؟ - أريد زوجتي.
وقال حفني وهو يتصنع الشجاعة، وإن كان في دخيلة نفسه قد زلزل الهلع كيانه كله، وفي لحظات تصور ما قد ينشر في غده عنه وعن أخيه وعن الدكتور الشهير وعن وسيلة. - أدخل هذه اللعبة في جيبك. - أنا أقتلك وأقتلها وأقتل نفسي. - وماذا تكسب؟ - أقتلك ...
ودخلت وسيلة وهي تضع على نفسها معطفا منزليا من معاطف حفني، وقالت في حسم: قم يا فتوح واذهب إلى البيت. - إذن فأنت هنا. - قم يا فتوح.
وتوقع حفني أن ينطلق النار من المسدس ليقتل وسيلة، وهي في وقفتها هذه المتحدية وفي ملبسها هذا الذي يدعو ألف رصاصة أن تنطلق، ولكن الذي حدث شيء مختلف تماما. ارتخى المسدس في يد الدكتور، وانخرط العملاق الأشم في بكاء منهار مستخز، واعتمد رأسه بذراعه، وتقطعت جمله. - نعم هي تعرف أنني لن أفعل شيئا ... هي متأكدة ... لأني أحبها ... أحبها ... ضعفي الوحيد في حياتي.
وقالت وسيلة التي أصبحت مثل صخرة ناطقة: بل أنت تعرف أنه ليس ضعفك الوحيد. قم ولا تجعل من نفسك أضحوكة، فأنت رجل محترم.
وقال الزوج وهو ينشج: وهل يمكن لمن يتزوجك أن يكون محترما؟
وقالت الصخرة: إذا احترم هو نفسه. - سأطلقك، سأطلقك. - اذهب الآن إلى البيت، هيا.
نامعلوم صفحہ