تحصیل
التحصيل من المحصول
تحقیق کنندہ
رسالة دكتوراة
ناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
اصناف
كان هذا الخلاف عند الصحابة لا يدعو للمشاحنة والقذف بالتُّهم، بل كان يعذر بعضهم بعضًا فيما ذهب إليه. والذين التزموا بهذه الطريقة هم أهل الحجاز تلاميذ عبد الله بن عمر، وعلى رأسهم سعيد بن المسيِّب، وذلك لأن السنة كانت بين أيديهم وفي صدورهم نقيةً صافيةً لم تمتد لها أيدي الوضاعين ولا ألسنتهم، وكانوا على معرفة بسقيمها وصحيحها. وفي الحقيقة أنهم لم يهملوا العقل، لأن العقل السليم لا يتعارض مع النقل الصحيح، ولكن يقفون عند النصوص ولا يلجأون للرأي إلا نادرًا. وكان ما عندهم من الآثار كافٍ لما عندهم من الحوادث لقلة ما يحتاجونه من الأحكام لبعدهم
عن مركز الخلافة. وأهل الحديث في الحجاز يختلفون قليلًا عن أهل الحديث في العراق، وهم الذين حدث التصادم بينهم وبين أهل الرأي.
وأما الطريقة الثانية فهي طريقة أهل الرأي وكان هؤلاء في العراق وهم تلاميذ الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود الهذلي ﵁، وهؤلاء اهتموا بالبحث عن علل الأحكام اعتقادًا منهم أن أكثر الأحكام الشرعية معقولة المعنى، والمقصود من شرعيتها مصالح العباد. وذكر بعض المؤرخين للتشريع الإِسلامي أن سبب تمسكهم بالرأي أن بضاعتهم كانت في الحديث مزجاة، وهذا الكلام يحتاج إلى برهان ودليل، ولكن الذي يظهر لي أن سبب تمسكهم بالرأي أن المشرق كان مركزًا لوضاعي الحديث، نظرًا لظهور الفرق الإسلامية الكثيرة بعد التحكيم، وعلى رأسهم الشيعة.
ثم هؤلاء تفرقوا إلى شيع وأحزابٍ سخرت من يضع الحديث تأييدًا لأرائهم وتقويةً لمذهبهم، زد على ذلك ظهور جماعة من السذج، أخذوا يضعون الأحاديث على زعمهم حسبةً لله ترغيبًا للناس في الإِقبال على قراءة القرآن وغير ذلك من الأذكار، وقالوا: إن الرسول ﷺ قد قال: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". ولم يقل: "من كذب لي". ولما كثر الوضع في الحديث تعسر عليهم معرفة السقيم من الصحيح بسهولة، وهذا السبب نفسه هو الذي أدى إلى ظهور صيارفة للحديث في المشرق لم تشهد الدنيا من يضارعهم أو يدانيهم حتى في جميع أرجاء الدولة الإِسلامية على
1 / 102