الإمام محمد بن منصور المرادي، أبو جعفر الحافظ، أحد الفقهاء المعمرين، قيل إنه تعمر مائة وخمسين سنة وتوفي بعد سنة مائتين وتسعين، جمع فقهه وما روي عن أئمة الزيدية قبله من فقه في قرابة ثلاثين كتابا، اختصرها الحافظ العلوي في كتابه (الجامع الكافي)، وقال في مقدمته: (( فما كان من أقوال أحمد، والقاسم، ومحمد مطلقا لم أذكر راويه فهو مما ذكره محمد في مصنفاته، وماكان من سواها فقد ذكرت في المسألة من رواه)) . ثم أخذ يذكر طرقه في رواية فقه الأئمة السابق ذكرهم.
ومما تقدم يلوح لنا أن حركة الفقه وأصوله عند الزيدية في ذلك القرن دخلت طورا آخر وفترة جديدة، يمكن أن نعتبرها بداية التوجه إلى تدوين الفقه ودراسة أصوله عند الزيدية.
وفي أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع دخل الفقه الزيدي مرحلة أخرى حيث استقرت أوضاع الزيدية نسبيا بقيام دولة لهم في اليمن بقيادة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين المتوفى سنة (298ه)، وهو من كبار مجتهدي الزيدية، وأخرى في الجيل والديلم بقيادة الإمام الناصر الحسن بن علي الأطروش المتوفى سنة (304 ه)، وهو كذلك إمام مجتهد.
ومما ألفه الهادي في الفقه: كتاب (الأحكام) وهو أشهر كتبه. وكتاب (المنتخب) وهو عبارة عن مسائل سأله عنها العلامة الكبير محمد بن سليمان الكوفي المتوفى بعد (301ه) . وكذلك كتاب (الفنون)، وجميعها قد طبع. وله مسائل أخرى في الفقه متفرقة في ثنايا كتبه الأخرى.
وأما الإمام الناصر فلم أطلع من كتبه في الفقه إلا على كتاب (الإحتساب) وهو كتاب صغير في فقه إدارة شئون المجتمع.وقد ذكر له ابن الديم في (الفهرست 244) مجموعة من كتب الفقه وقال إنه رآها. ثم قال: وزعم بعض الزيدية أن له نحوا من مائة كتاب.
صفحہ 6