248

تحریر و تنویر

التحرير والتنوير

ناشر

الدار التونسية للنشر

پبلشر کا مقام

تونس

اللُّزُومِ، وَكَوْنِ أَمْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِيَكُونَ الْكَلَامُ لِشَيْئَيْنِ لَا لِأَحَدِ شَيْئَيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا نَحْتَاجُ إِلَى تَكَلُّفِ الْجَوَابِ عَنِ الْإِيرَادِ الَّذِي أُورِدَ عَلَى جَعْلِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى سَوَاءٍ إِذْ يُؤَوَّلُ إِلَى مَعْنَى اسْتَوَى الْإِنْذَارُ وَعَدَمُهُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ فَيَكُونُ تَكْرَارًا خَالِيًا مِنَ الْفَائِدَةِ فَيُجَابُ بِمَا نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» أَنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْذَارَ وَعَدَمَهُ الْمُسْتَوِيَيْنِ فِي عِلْمِ الْمُخَاطَبِ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي عَدَمِ النَّفْعِ، فَاخْتَلَفَتْ جِهَةُ الْمُسَاوَاةِ كَمَا نَقله التفتازانيّ فِي «شَرْحِ الْكَشَّافِ» .
وَيَتَعَيَّنُ إِعْرَابُ (سَوَاءٍ) فِي مِثْلِهِ مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامُ تَقْدِيرُهُ جَوَابُ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ فَسَوَاءٌ فِي الْآيَةِ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ الَّذِينَ كَفَرُوا. وَدَعْ عَنْكَ كُلَّ مَا خَاضَ فِيهِ الْكَاتِبُونَ عَلَى «الْكَشَّافِ»، وَحَرْفُ (عَلَى) الَّذِي يُلَازِمُ كَلِمَةَ سَواءٌ غَالِبًا هُوَ لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ الْمُرَادِ بِهِ التَّمَكُّنُ أَيْ إِنَّ هَذَا الِاسْتِوَاءَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُمْ لَا يَزُولُ عَنْ نُفُوسِهِمْ وَلِذَلِكَ قَدْ يَجِيءُ بَعْضُ الظُّرُوفِ فِي مَوْضِعِ عَلَى مَعَ كَلِمَةِ سَوَاءٍ مِثْلَ عِنْدَ، وَلَدَى، قَالَ أَبُو الشَّغْبِ الْعَبْسِيُّ (١):
لَا تَعْذِلِي فِي جُنْدُجٍ إِنَّ جُنْدُجًا ... وَلَيْثَ كَفِرَّيْنٍ لَدَيَّ سَوَاءُ
وَسَيَأْتِي تَحْقِيقٌ لِنَظِيرِ هَذَا التَّرْكِيبِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [١٩٣]:
سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: أَأَنْذَرْتَهُمْ بِهَمْزَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا مُحَقَّقَةٌ وَالثَّانِيَةُ مُسَهَّلَةٌ. وَقَرَأَ قَالُونُ عَنْ نَافِعٍ وَوِرَشٍ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ كَذَلِكَ مَعَ إِدْخَالِ أَلِفٍ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ، وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ. وَرَوَى أَهْلُ مِصْرَ عَنْ وَرْشٍ إِبْدَالَ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ أَلِفًا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهُوَ لَحْنٌ، وَهَذَا يُضَعِّفُ رِوَايَةَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ وَرْشٍ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَدَاءِ فَلَا يُنَافِي التَّوَاتُرَ.
لَا يُؤْمِنُونَ.
الْأَظْهَرُ أَنَّ هَاتِهِ الْجُمْلَةَ مَسُوقَةٌ لِتَقْرِيرِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ إِلَخْ فَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهَا خَبَرًا ثَانِيًا عَنْ (إِنَّ) وَاسْتِفَادَةُ التَّأْكِيدِ مِنَ السِّيَاقِ وَلَكَ

(١) هُوَ من شعراء ديوَان «الحماسة» إِلَّا أَن هَذَا الشّعْر فِي ديوَان «الحماسة» غير مَنْسُوب فِي غَالب النّسخ، وَفِي بَعْضهَا مَنْسُوب لأبي الشغب وَهُوَ بِفَتْح الشين وَسُكُون الْغَيْن المعجمتين، اسْمه عكرشة بن أَرْبَد، شَاعِر مقل من شعراء الْعَصْر الْأمَوِي.

1 / 251