باب التعليق
وهو أن يأتي المتكلم بمعنى في غرض من أغراض الشعر، ثم يعلق به معنى آخر من ذلك الغرض يقتضى زيادة معنى من معاني ذلك الفن، كمن يروم مدحًا لإنسان بالكرم فيعلق بالكرم شيئًا يدل على الشجاعة، بحيث لو أراد أن يخلص ذكر الشجاعة من الكرم لما قدر. ومن ذلك في الكتاب العزيز قوله تعالى: " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " فإنه سبحانه لو اقتصر على وصفهم بالذل على المؤمنين، لاحتمل أن يتوهم ضعيف الفهم أن ذلهم عن عجز وضعف، فنفى ذلك عنهم، وكمل المدح له بذكر عزهم على الكافرين، ليعلم أن ذلهم للمؤمنين عن تواضع لله سبحانه، لا عن ضعف ولا عجز بلفظ اقتضت البلاغة الإتيان به، ليتمم بديع اللفظ كما تمم المدح، فحصل في هذه الألفاظ الاحتراس مدمجًا في المطابقة، وذلك تبع للتعليق الذي هو المطلوب من الكلام.