استمدادنا منه" (١)، وهذا واضح لمن يطالع الكتابين؛ فقد نقل المرداوي جملًا وعباراتٍ كاملةً نصًّا من كتابِ ابنِ مفلح.
كما أنه تأثَّر به تأثرًا واضحًا، لا يخطئه المطالع للكتابين (٢).
ومن الجدير بالذكر أن ابن مفلح قد حاكى في كتابه ابنَ الحاجب في مختصره الشهير، المعروف بـ "مختصر منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل" (٣)، حاكاه في منهجه عرضًا للمسائل، وتوثيقًا للأقوال والآراء.
وقد انتقلت تلك المحاكاة بالتبع إلى كتاب المرداوي "التحرير"؛ بل إن من يُطالع كتاب المرداوي يُدرك بجلاء أن الشبه بين المختصرين "التحرير" و"المنتهى" أقوى منه بين ابن مفلح وابن الحاجب.
ومن أهم مظاهر ذلك التأثر:
١ - تصدير المسألة بالقول المختار عند المرداوي.
٢ - عزو النقول والآراء إلى قائليها.
٣ - الإيجاز لدرجة طَيِّ (٤) الأقوال.
_________
(١) مخطوطة دار الكتب المصرية (٧٨/ ب)، ونقلها عنه ابن بدران في المدخل ص (٤٦٥).
(٢) وقد أشار إلى ذلك أيضًا: الدكتور/ فهد السدحان في مقدمة تحقيقه لأصول ابن مفلح (١/ ٧٥ - ٧٦)، ط. مكتبة العبيكان بالرياض، الطبعة الأولى ١٤٢٠ هـ/ ١٩٩٩ م.
(٣) انظر: الفتح المبين في طبقات الأصوليين، للشيخ المراغي (٢/ ١٧٦)، ط. محمد أمين دمج وشركاه - بيروت، الطبعة الثانية ١٣٩٤ هـ/ ١٩٧٤ م، وانظر أيضًا: مقدمة الدكتور/ فهد السدحان لتحقيقه لأصول ابن مفلح (١/ ٦٢ - ٦٣، ٦٥).
(٤) المقصود بـ "طي الأقوال" أن يذكر أحدَ أقوال الأصوليين في مسألةٍ ما، ويطوي في هذا القول قولين آخرين، أو يصرِّح بقولين، ويطوي فيهما قولًا ثالثًا.
انظر على سبيل المثال: مسألة تجزؤ الاجتهاد، ومسألة تعارض قوله ﷺ مع فعله، ومسألة تعارض الحكم التكليفي مع الحكم الوضعي.
1 / 24