69 مشرق و هاج، يرسل الكلام في تعبير قوي و لسان ذلق و فصاحة نادرة، حتى لتنقضي الساعات الطويلة على السامع و هو لا يحسبها سوى دقائق قصيرة، و طالما كان يرقى المنابر في شتى المناسبات، فيملك القلوب بسحر بيانه، و يستولي على العقول بحلاوة منطقه.
فمن جملة كلامه: (ليس الشرف إلا أن يكدح الإنسان في معركة الحياة حتى يكتسب امتلاك مال أو ملكة كمال أيا ما كان، علما أو صناعة، خطابة أو شجاعة، أو غير ذلك من ماديات الشرف و طلائعه، لا ما هو الشرف نفسه، ثم يخدم المرء بمساعيه تلك و مكتسباته أمته و ملته خدمة تعود بالهناء و الراحة عليهم، أو دفع شيء من الشرور عنهم.
الشرف حفظ الاستقلال و تنشيط الأفكار و تنمية غرس المعارف و الذب و المحاماة عن نواميس الدين و أصول السعادة. و الشريف من يخدم أمته خدمة تخلد ذكره و توجب عليهم في شريعة التكافؤ شكره. كل يؤدي جهده و ينفق مما عنده .
بيد أني لا أنزع إلى أن خلود الذكر و تأبد الثناء أو التأبين يكون بمجرده سعادة للإنسان و شرفا له ما لم أرده إلى غاية و أقف به على معنى محصل و أخرج به عن هذا الفراغ و أنتشله من لقلقة اللفظ و فرقعة اللسان، أتغلغل فيه حتى أصل به إلى حقائق في خارج عالم الخيال و وراء متسع الأذهان.
الشرف حسن الذكر الذكر الجميل أمثال ذلك ألفاظ تسيل على أسلات كل لسان و تردد في فم كل إنسان، صغيرة في فضاء الفم كبيرة في عالم الوجود) 1 .
____________
(1) الدين و الإسلام 1: 10-11.
70 ما قيل فيه
نامعلوم صفحہ