56 العلمية، و يجلس إلى جنب مكتبته العامة، فيقابل الوافدين عليه و ذوي الحاجات، و يفصل بين المتخاصمين، و عند أذان الظهر يعود إلى الدار أو الحرم العلوي فيؤدي الفريضة، ثم يعود فيتناول الغداء، و قد ينام أحيانا نوم القيلولة، و بعد أن يستيقظ يعود إلى الكتابة و قراءة الرسائل و المسائل و كتابة الأجوبة، ثم يخرج إلى الصحن الحيدري لأداء الفريضة جماعة، ثم يدخل الحرم الحيدري و يخرج منه إلى حلقته العلمية، فيلقي درسا في الفقه و هو جالس على المنبر و قد أحاط به تلامذته الذين سمح لهم بمناقشته و الاستزادة من التوضيح إذا أشكل عليهم الأمر، و بعد أن يفرغ من ذلك يعود إلى بيته لتناول العشاء، ثم ينصرف إلى بحثه و تدقيقه و استقصاء ما يحتاجه من معلومات هامة، و هكذا إلى نصف الليل.
و هذه الأعمال لا يستطيع أن يقوم بها جسم الشاب القوي فضلا عن الشيخ، غير أنه يصدق عليه قول القائل:
و إذا حل للهداية قلب # نشطت للعبادة الأعضاء
و قد كان معتدا بنفسه تمام الاعتداد، حيث كان يرى أنه المرجع الأول للدين و الشخصية المركزة لإدارة شؤون الطلبة، و كان لا يعبأ بمن يبتعد عنه، كما لم يشعر بالانتقام لعدوه الذي يكثر من سبابه و عدائه.
و كان مضرب المثل في الخلق الرفيع، حيث كان الذين يسؤون إليه ساعة أن يصلوا إليه يجدونه كأنه الشخص الذي لم يسبق لهم معه شيء، فلا يكادون يحسون بما وقع.
و كان كذلك ذا ذاكرة حادة نقادة و قادة تجدها في سيرته، حيث ينقل الشيخ الخاقاني أنه كان يقرأ على المترجم قدس سره الفصول من سير الشعراء،
نامعلوم صفحہ