جاءت تلك الدعوة لتعيد الناس إلى تعاليم الإسلام الصحيحة كما كان في عهد السلف الصالح.
لقد كان لدعوة التوحيد القبول في أنحاء الجزيرة العربية، وذلك لما كان عليه أهلها من الأحوال المتردية: فقد كانت الجزيرة العربية تضم العديد من المراكز الفكرية المختلفة كالحجاز ونجد والقطيف والأحساء وتهامة وعسير واليمن وعمان، ولكل جهة من تلك الجهات سمات وخصائص متميزة عن غيرها.
فقد كانت تعمها الفرقة السياسية والاتجاهات المذهبية والفرقة الدينية والخلافات القبلية، مما كان يستدعي أهل الفكر والعلماء آنذاك للمشاورات واللقاءات لإصلاح تلك الظروف.
ولهذا فإنه لما ظهرت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان لها القبول في أنحاء الجزيرة، ولا أدل على ذلك مما قاله١ الإمام الصنعاني في تلك الفترة من الزمن لما بلغته دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
سلام على نجد ومن حل في نجد ... وإن كان تسليمي على البعد لا يُجْدي
قفي واسألي عن عالم حل سُوْحَها ... به يهتدي من ضل عن منهج الرشدِ
محمدُ الهادي لسنة أحمد ... فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي
لقد أنكرت كلُّ الطوائف قوله ... بلا صدر في الحق منهم ولا ورد
إلى أن قال:
وقد جاءت الأخبار عنه بأنه ... يعيدُ لنا الشرعَ الشريف بما يُبْدي
وينشرُ جهرًا ما طَوَى كلُّ جاهلٍ ... ومبتدع منه موافقُ ما عندي
ويعمر أركان الشريعة هادمًا ... مشاهد ضلّ الناسُ فيها عن الرشدِ
_________
(١) انظر: «ديوان الأمير الصنعاني»: ص ١٦٦-١٦٧.
1 / 6