وأما في الوقتين فلا يقال: أن ذلك متضاد، إلا ترى أن المحل قد توجد فيه الحركة ثم يوجد فيه السكون (¬1)، أو السواد في وقت والبياض في وقت آخر. /ص152/ فلا يتضادان،ولا يصح_ وجودهما في محل واحد في وقت واحد، فقد وضعتما استعمال الضدين في غير موضعه، وهذا ما لا يحتاج إليه في المسألة التي وقع التنازع فيها. وأما الكلام في الوجه الثاني: أنه لو صح ذلك، هل هو مفسر لنبوته_ عليه السلام_؟ وقد طعن عليه. فالكلام على هذا الذي لم يصح، مستغنى عنه، لا حاجة بنا اليه. اذ لم يصح ذلك بضرورة ولا دليل فيما ليس هو معلوم بالضرورة ولا قام دليل عليه، مستغني عنه، "لكننا" (¬2) إذا تطوعنا بالكلام عليه، كان الجواب فيه غير ما وقع لك. وهو أن ذلك لو صح، لم يقدح في النبوة ولم يوجب لبسا. وأما ما زعمت من أنه يدخل الشبهة فيه بأن يقال: لعله يعلم الخط سرا ثم أظهره، فليس هذا "بشيء" (¬3)، لأن الكلام في ذلك انما يقرر إذا ثبت أنه_ عليه السلام_ قد علم منشأة ومعاشرة من عاشره، وأنه من لا يتأتى منه على حال في العادة ثم وجد منه بعد ذلك، فإذا كان الأمر على هذا، فلا لبس يدخل في ذلك، بل يكون معجزة أيضا له، لكن هذا غير محتاج اليه. اذ لم يثبت ذلك بضرورة، ولا دليل، ولا حجة بنا إلى الكلام عليه. وفي هذا القدر الذي ذكرته كفاية لمن تأمله أن شاء الله. عظيم عندي ما جرى من الاطلاق في مضل هذا من التضليل والتبديع، وأنتم أهل مذهب واحد، (¬4) والمسألة لا يبلغ الأمر فيها إلى هذا وإنما عرضت شبهة للمخالف. وردك على قوم زعم أنهم قالوا: بمثل ذلك فيها، لو ثبت ذلك، لم يقدح في النبوة.
صفحہ 106