/ص142/ الجواب السادس
/ص143/ بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على النبي محمد رسوله الكريم
جواب جعفر بن عبد الجيار الصقلي
تأملت ما كتب به الشيخ الفقيه الجليل، أبو الوليد_ حفظه الله_ فيما جرى له من الحكاية عن بعض الشيوخ في أن النبي_ صلى الله عليه وسلم_ كتب عام الحديبية، لما قاضى أهل مكة، وذكر الحديث الذي رواه في كتاب صحيح (¬1) البخاري، فوجدته_ أكرمه الله_ قد أجاد فيما كتبه، وتكلم بكلام المحقيقين من أهل النظر، وما يستبدع ذلك من مثله، لما وهبه الله من الفهم وسعة العلم، وكيف لا يكون ذلك؟ وقد ارتحل إلى العراق، وقرأ على الشيوخ الجلة من أئمة أهل السنة. وما كان ينبغي للشيوخ أن يعيقوا فيما حكاه، فكيف أن يضلوه في أمر يسوغ فيه التأويل؟، وظاهر الحديث الذي حكاه البخاري_ رضي الله عنه_ يدل عليه، ولا يجوز أن يصرف مقتضى ظاهر الحديث إلى التأويل الذي ظنوه من أن القول: بأنه كتب، يدل على أنه أمر ، وان أسند الفعل اليه، كما يقال: فعل الخليفة فيما يصدر عنه من قتل الانسان وضربه وغير ذلك. وإنما المعنى فيه أمر. هذا ما لا يجهله من له فهم. ولفظ الحديث: "فأخذ رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ الكتاب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله الحديث". (¬2) /ص144/ فهذا الظاهر من صيغة اللفظ "يؤدي" (¬3) إلى أنه كتب، ويكون ذلك معجزة أظهرها الله على يديه، كما تلا (¬4) ولم يكن قبل ذلك يتلو، وكان ذلك معجزة له. وليس بمثل هذا يضلل أهل العلم، وحسبكم الإستغفار فيما جرى للكل من تضليله، واطلاق القول: بأنه خالف القرآن، وليس فيما حكاه ما يخالف القرآن، لأن الله جلت قدرته، انما نفى عنه التلاوة ومعرفة الخط قبل النبوة، لأن ذلك أتم في الاعجاز وأبلغ.
صفحہ 98