وكانَ من نِعَم الله عليَّ أَنْ أَلقى في رُوْعِي -منذُ نعومةِ أَظفاري، وأَنا أَتَلقى تَعْلِيمي الأَوَّليّ في جَنَباتِ هذه الجامعةِ المباركةِ- فَهْمًا صَحِيحًا لحديثِ رسولِ الله ﷺ الآنفِ الذِّكر، ولغيرِه من الأَحَاديثِ الوَاردةِ في فَضْلِ العِلْم. فَأَحْببتُ طريقَه وسلكتُ سُلَّمه، سَائِلًا الله ﷾ فَضْلَه وبركَتَه، ومَا زِلْتُ كذلك؛ أَتقلَّبُ بين مَعَاهدِ الجَامعةِ الإِسْلاميَّةِ وَكُلِّيَّاتِها نَاهِلًا من مَعِينها العَذْبِ الصَّافي حتَّى امتنَّ الله عليَّ بالقبول في مَرْحلةِ العَالمِيَّةِ العَالِيَة "الدُّكْتُوراه".
وكان مِن تَوفيقِ اللهِ وفَضْلِه عليَّ وعلى زُملائي طلبة الدِّراساتِ العُليا في كُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ -في تلك السَّنة- أَنْ رَأى القَائِمون على الجَامِعةِ الإسْلاميّة، وعلى رَأْسِهم مَعَالي مُديرِها الحاليِّ، فضيلة الدُّكتور / صالح بن عبدِ الله العُبود -ضرورةَ العودة إلى الإفادة من نظام التّعاقد بتزويدِ قسمِ الدِّراساتِ العُليا بالكُليَّة بعددٍ من الأساتذةِ الفُضلاءِ، والعلماءِ الأَجلّاء؛ ليكونوا عونًا لطلبةِ الدِّراسات العُليا مِنْ جِهة، وليسْهِموا مع زملائِهم السُّعوديين في تَنْمية المعرفةِ الإنْسانِيَّة مِنْ جِهةٍ أُخرى.
وبالفِعْلِ قَيَّضَ الله لي مُلازمةَ أحدِهم، وهو مَنْ هو في العِلْمِ والفَضْل!! فضيلةِ الأستاذِ الدُّكتورِ / عَبْد السَّتَّار حُسَين زَمُّوط؛ حيثُ عُيِّن مُشرْفًا لي.
وما زلتُ أستخيرُ الله، وأستشيرُ مشرفي في موضوع البَحْث، وهو يحبِّبُ إليَّ التَّحقيقَ ويقرّبُنِي منه؛ حتَّى اسْتشعرتُ أهميَّته، وأدركتُ خُطُورتَه، وأنَّه لا يَضْطلعُ به إلا أصحابُ الهممِ العاليةِ والقُدراتِ الفائقة؛ مِمَّن عرفَ لعلماءِ الأُمَّةِ الأسلافِ حقَّهم، وقدَّرهم حقَّ قَدْرِهم. وأَدْركَ تَمَامًا أَنَّ العبثَ بتراثِهم، والتَّسرّعَ في إخْراجِه؛ أشدُّ وبالًا وأَعظمُ
1 / 10